الحزن أصابني في القلب...ودعنا هيلاريون كبوشي وترك فراغاً يصعب ملؤه.
كان صديقاً قريباً من الروح وليس القلب فقط.
كان رفيقاً في الميدان، ومقاتلاً في كل زمان ومكان ضد الطغاة وأسيادهم.

لقّبته أمير القدس الأحمر، وعندما كنّا نلتقي وأعانقه وأناديه بلقبه كان يضحك ويقول لي: رغم أنني في روما... أنا أعيش في القدس.
كان راهباً كما يجب أن يكون الراهب. راهباً نذر نفسه لقضية الحق والعدل... نذر نفسه للقتال لانتزاع الحرية من غاصبيها، ولنصرة من يقاتل لانتزاعها.
كان سيفاً على الباطل والاحتلال وكل من طغى وتجبّر، والصهاينة أسياد الطغيان والعنصرية وسحل الإنسان وحقوقه.
لم يطق أن يرى ويسمع عن عنصرية إسرائيل الدموية وسلبها حقوق الإنسان وما ارتكبته من مجازر ضد الإنسانية ممثلة بالشعب العربي الفلسطيني، فحمل صليبه القومي العربي على ظهره وسار من حلب إلى القدس.
حلبي هو... لكنه قومي عربي يرفض قوانين سايكس وبيكو وبلفور.
وانتخبه الشعب العربي في القدس أميراً على المدينة، فعزز بموقعه مقاومة الاحتلال وعززت مواجهة الاحتلال مكانته في قلوب المقاومين وعقولهم.
لم يكتفِ بأن يكون واعظاً يحضّ على مقاومة الظلم والظالمين. انغمس هو، غير عابئ بنقاوة الأبيض من ثوبه في القتال ضد الاحتلال.
رصّع الشعب ثوبه بالورد، ورصّعته مقاومة الاحتلال بأوسمة حمراء.
ساند وأسهم وشارك في مقاومة الاحتلال، وعندما اعتقله الإسرائيليون ابتسم ابتسامة هازئة بالمدججين بالسلاح ورفع في وجههم إشارة النصر.
عندما التقيته آخر مرة في روما، تناولنا العشاء سوياً ودار بيننا حديث الرفاق، حديث رفاق يخوضون معركة الحرية وكرامة الانسان.
وعندما ودعته قال لي:
لا شكّ لدي بأنّ انتصار الحق آتٍ وأقرب مما يتخيّل الكثيرون.
يا أمير القدس الأحمر، سلِّم لي على جورج حبش ووديع حداد وياسر عرفات وأبو جهاد وأبو إياد وغسان كنفاني، وعلى كل ملائكة مقاومة الظلم... وملائكة منتزعي الحرية من الذين اغتصبوها.
ونحن سنتابع إلى أن نستشهد، فنلحق بك.
أيها الحلبي القومي العربي، يا راهب مقاومة الظلم والظالمين، سلام عليك، ولك...
* كاتب وسياسي فلسطيني