لم يُحرَّف تاريخُنا ويُشوَّه بين ليلة وضحاها. لم يحرّف بتلك السرعة والسهولة بل عبْر قرون وجهد مؤرخين عديدين في ظلّ حرق وإتلاف الوثائق التي حفظت مختلف الأحداث خلال الغزوات وفي خضم المؤامرات على شعبنا ومصيره وكينونتِه وموارده، فحتى الحقائق التاريخية التي طالت قروناً أو عقوداً، لا أدلة ثابتة أو براهين عليها.ويأتينا اليوم في هذا السياق نموذج التحريف والكذب الذي ملأ حلقات وثائقي عن بشير الجميّل بقلم جورج غانم، بثّته محطة MTV المعروفة في توجهها وسياستها الموالية للفكر الإنعزالي والمهادنة أو المتصالحة مع الفكر الصهيوني والمختلفة لدرجة العداء مع الفكر القومي والوطني.
وبما أن تفنيد الأقوال والأحداث المحرَّفة، عملية صعبة يمكن الخوض بها ولكن لا يمكن إتمامها بالكامل، بما يشبه الردّ باستمرار على عملية ممنهجة لإطلاق الإشاعات، سوف أتناول في بعض النقاط توضيح بعض الحقائق المعروفة بمعظمها ليس إلّا.

■ أولاً

طفحَ الكيلُ بأتباع المدرسة الإنعزالية بعد إدراج صور «البشير» بين عامي 2011 و2012 بأوضاع خيانة واضحة، صححَت المشهد أمام المتلقّين بين اعتباره رئيساً شهيداً واعتباره خائناً عميلاً، لاعتبار قاتله بالتالي مجرماً وفاراً من العدالة أم اعتباره بطلاً قومياً نفّذ حكم القانون والشعب.
وقد واكبت ذلك سلسلة مقالات وكتابات وتعليقات لحبيب الشرتوني وأصدقائه ما أثار حفيظة مؤيدي «بشير» وعائلته، بعدما تمادوا اثني عشر عاماً بين عامي 1982 و1994 في اتهاماتهم وتحاملهم وادّعاءاتهم الحاقدة.
فانبروا يعدّون منذ ذاك الوقت لهذه الحلقات الوثائقية في محاولة منهم لتبييض صفحة
«البشير» ولترسيخ مضمونها في ذاكرة الناس وعقولهم، سواء عايشوا ما جاء فيها من مراحل تاريخية وأحداث أو لم يعيشوها.

■ ثانياً
لم يذكر الوثائقي تفاصيل عن معارك الأسواق كسرقة الكتائب لمعظمها وللمرفأ

تخللت اللقاء الذي أطلق الأفلام الوثائقية حفنة لقطات، كاصطفاف أُجَراء لدى بعض السفارات الأجنبية والعربية لاستقبال «نديم» ابن «بشير» الذي لم يستطع حتى الآن فرض شخصيته على الشارع المسيحي الموالي لهم، بالرغم من جهوده وجهود عائلته في تحقيق ذلك فور عودته من باريس عام 2005.
لا بل حسّن لغتَه وإلقاءه بعدما سُخر منه وبات يلبسُ بزّةً ويتعامل كنائب بعدما تعامل على غرار والده في بداياته كميليشيوي يسعى لفرض سيطرته على منطقة الأشرفية. وقد طرح مقولة الجيل الجديد على أكثرية الحضور التي من الجيل الأعمر، ليس إلا ليطرح نفسَه بديلاً عن الفراغ كما فعل سواه من بين السياسيين.
وقد تخللت اللقاء أيضاً بعض العبارات التي عمدت وكالعادة إلى إثارة النعرات الطائفية والعنصرية التي تقف في الأساس وراء تزكية الأحزاب والشخصيات الطائفية، متجاهلةً بعض الحقائق كانتخاب أمين خلفاً لأخيه بناءً على ما تقاضاه معظم النواب من أموال وما فُرض على البعض الآخر من أمر واقع، لا كما روِّج آنذاك من حجج إنقاذ أو علميّة ديمقراطية.

■ ثالثاً. مما جاء من معلومات وثائقية في الشريط الأول مع تصحيحها الذي أضفتُها بين هلالين

* وفدت عائلة الجميّل من جاج في جبيل عام 1545 إلى بكفيا.
(في كل وثائقي تختلف أصول عائلة الجميّل ومكان وفودها، فلم يُذكر من أين وفدوا إلى جاج، كما ذُكر قبلها أنهم مصريون أقباط أو وفدوا لكن من عين الخروبة، وفي المقابلة الأخيرة مع تلفزيون «الجديد» قال أمين إنّ أصولهم تعود لقبيلة عربية سكنت حدود السعودية واليمن، بينما أصلهم الحقيقي كامن في مقال لم ينشرْ بعد).
* خلال الحرب العالمية الأولى اضطر أمين الجميل للإبحار إلى مصر هرباً من جمال باشا، وفي المنصورة مكثت العائلة أربع سنوات عند أنسبائهم وسنة 1919 انتهى زمن المشانق والمنافي. (كما لو أنّ آل الجميل شُنقوا أو نُفوا أو حاربوا العثمانيين).
* بعد عودته من ألمانيا وحضوره الألعاب الأولمبية هناك تأثر بالنظام النازي وأسس حزب الكتائب للدفاع عن كيان لبنان التاريخي ذي الطابع المسيحي المكرّس سنة 1920 (تأثر بالنازية والفاشية وكلتاهما نظام ديكتاتوري وفاشل).
(شارك في تأسيس الكتائب مع شارل حلو ومجموعة من ذوي الثقافة الفرنسية، ولم يؤسسه وحده وقد ذكرت صولانج أن والدها كان من بين المؤسسِين).
(طابع لبنان المسيحي تكرَّس على يد الانتداب الفرنسي).
* قبل ولادة بشير انخرط الشيخ بيار في الدفاع عن استقلال لبنان من الدولة المنتدبة، في سبيل إحلال الميثاق الوطني وغايته التخلي عن فرنسا وسوريا معاً
(دولة الانتداب هي التي دفعت باتجاه تأسيس حزب الكتائب).
(نصّ الميثاق على التخلي عن الدول السبع الراعية للطوائف اللبنانية ولم تكن سوريا من بينها).
* ولجَ بشير الحياة في منزل فسيح من عمارة شُيّدت في حي اليسوعية معقل النخبة المسيحية التي عدّت فرنسا حامية تاريخية ونموذجا ثقافياً. (هناك تناقض فاضح ما بين موالاة المنتدب ومحاربته).
* كان على بشير مواجهة الأحزاب اليسارية في الجامعات ومنها الأميركية قلعة الأحزاب اليمينية. (متى كانت الجامعة الأميركية قلعةً للأحزاب اليمينية؟).
* (وقع كل اللوم تقريباً في الشريط على مقاومة الشعب الفلسطيني وكأنه أساس مشكلة الشرق الأوسط وسبب حرب لبنان).
* كانت المقاومة خائفة فتسلحت وكان المسيحيون خائفين فتسلحوا.
(إذا تسلحت المقاومة بسبب الاحتلال فهذا مفهوم، أما المسيحيون فهل الخوف وحده كان سبب تسلّحهم؟ ولا سيما أنه ذُكر تأثر الجميّل بالنازية والفاشية؟ ثمَّ كيف يتكلمون عن مجموع المسيحيين؟ وهل جميعُهم في حزبٍ واحد؟).
* سنة 1974 كان لبنان يعيش حالة انفصام بين فورة الازدهار وفوران الأزمات والمخاوف من اقتراب النار.
(لم يتوقع أحدٌ في لبنان اندلاع حرب أهلية ولم يكن هناك نيران مشتعلة لتقترب، لا بل كانت الأوضاع المحلية في ذاك الوقت هادئة إلى حدٍ كبير، إنما انعكست هزيمة 1967 سلباً على الساحة العربية عموماً واللبنانية خصوصاً بسبب الوجود الفلسطيني المسلح فيه).
* قاد بشير سلسلة تظاهرات في بيروت مؤيدة للجيش.
(أهم تظاهرات يمينية جرت قبيل الحرب في عدة أماكن وبيومٍ واحد، كانت بإيعاز من الرئيسين فرنجية وشمعون إضافة لبيار الجميل ولم يقدْها أحد. إنما تحركت مجموعات كتائبية قليلة عددياً في بعض الأماكن، وكان يحضر بشير في بداية التحرك ليظهر للعيان ثمّ يغيب).

■ رابعاً. مما جاء من معلومات شخصية عن بشير على لسان إخوته وأقاربه

* ما كان سهل وهيّن، كان متل اللعبة وولد. كان عفريت كتير ما يهدى. دايماً كانت عين بيار عَ بشير لأنو شقي. كان في الملعب شقياً غير عادي. كان يستسيغ الألعاب الحربية. كان يحط ألعابو عالسجادة ومين يسترجي يدعس عليون، كان عامل حرب بقلب البيت وهو كل البيت لإلو ما فرقانة معو، صالون، أوضة سفرا كلو آخدو على عاتقو يعني محتلّ كل شي. كان دائماً الولد المتمرّد بالعيلة. بشير كان بلا مربى نسمّي. يعني أنا استحي جيب أصحابي لعندي هلّي يفركشا، متلاً أنا حدا يتلفنلي من أصحابي: منّا هون صارت بالمستشفى عنجد ويسكرو، يعني تلفوناتو، ورش كان.
(ميلُه للعنف وقلّة تربيته وتصرفاته الرعناء ظاهرة في هذه الشهادات).
* في مرة استحقّ عقوبة من الشيخ بيار فراح إلى ساحة بكفيا يمزّق صوراً لأبيه عن الجدران، فضبطَه بعضُ الكتائبيين دون أن يعرفوه، فنهرهم قائلاً لهم: هذا أبي وأنا حرٌ في تمزيق صوره. (الدلال المفسد واضح في هذا التعبير).
* يمكن بلّش بشير حياتو الحزبية عَ درج البيت مع شباب الصخرة مع المعلم «فؤاد» وهول ياخدو ويربو هو وصغير، إذا بدك من شان هيك صار رئيس جمهورية وبعدون بعيطولو «باشو» لأنو هني مربيينو بآخرة النهار.
(لا يُخفى علينا أميّة المعلم فؤاد الشرتوني ومحدودية تفكيره وقساوة طبيعته ونزعته الدموية ورفضه للآخر. فإذا تولّى هو والمجموعة التي معه في الصخرة تربية بشير، فهذا يعني أنه خرج من تلك التربية بوضعٍ لا يحتاجُ إلى الشرح).
* لم يكن يمضي يومٌ من غير أن يستدعي الأب المسؤول الشيخة جنفياف ليناقش معها عدم انضباط ابنها الأصغر والمفضّل. (عدم انضباط كلمة ملطّفة لوصف سلوك الطالب).
* بيدعينا بشير عَ إجتماع برّات البيت وبقول: في سيارة مزيّنة للحزب القومي ما بدنا نخليا تمشي بعيد الزهور. قلنالو: وينا السيارة؟ قال: هلق الساعة تلاتة بروحو بيتغدو وبيرتاحو بدنا نسطي عليا. بالاخر مننزل عالسيارة ومنعمد عتنتيفا كلا سوا.
* هناك نهار بقرر بشير بدنا نخلص من هالهمروجة تبع مظاهرات اليسار، منجمع شي خمسين تلميذ من المدارس وأصدقاء لإلو ومنهجوم بالعصي عالécole des lettres ومندبكا نحن وشباب اليسار. (هنا تظهر جلية نزعة عدم قبول الآخر).
* على رأس المشكل كان بشير لأنو طبيعتو ميدانية.
(ذوو الطبيعة الميدانية يلتحقون عادةً بالجيش ولا يقودون مجموعات حزبية تؤدي في بلدٍ مقسوم طائفياً كلبنان إلى حروبٍ أهلية).
* (اعتُمد كلام يشير إلى تحولات دائمة في حياته وانقلابات جذرية وما شاكل ذلك في كل المناسبات والمنعطفات، وكأنه رجل المفاجآت الدائمة، فيما يتناقض هذا الكلام مع واقع شخصيته التي وصفها بقرادوني بالتقليدية).
* (بالرغم من كل ما قيل عن دراسته في القانون لم يُعرف عنه ممارسته لمهنة المحاماة، بل كلّف شريكه في المكتب ناجي نجيم هذا العمل).

■ خامساً. مما جاء في الحلقة الثانية مع التصحيحات بين هلالين

* أن الكتائبيين فوجئوا ببداية الحرب ولم يكونوا على أي استعداد أو تسلّح، وبأن الفلسطينيين هاجموهم.
(بينما دلّ سلوكهم التاريخي واستنفارهم المتكرر وتدريباتهم وما ظهر بين أيديهم من سلاح على النقيض تماماً، كما دلّ تغلغلُهم حتى موقع فندق «الهوليداي ان» على خطة هجوم لا خطة دفاع).
* (لا حاجة الآن بعد الذي جرى وكل ذاك الزمان لنضعَ احتمال «الموساد» أن يكون مطلق النار على أبي عاصي في عين الرمانة لمعرفته بمرور البوسطة الفلسطينية، فنيّةُ البدء بالحرب كانت قائمة وظاهرة حتى في الشريط ولا مجال لاجتنابها).
* (أن يفاجأ الكتائبيون بالمجريات ولا يعرفوا أين يذهبون، فهذا الكلام واهم بعد تحرُّشهم الواضح بالفلسطينيين في كمين الكحالة عام 1973 ومجزرة بوسطة عين الرمانة عام 1975).
* جاء بأن ثلاثة مخيمات فلسطينية كانت تخنِقُ بيروت الشرقية إضافة إلى تجمّع بؤسٍ ونازحين ومهمّشين قرب مرفأ بيروت.
(هنا نسأل: بماذا كانت تلك المواقع الشعبية المسكونة تخنقُ المنطقة الشرقية؟ أم أن كلاماً كهذا استبقَ ذكرَ المجازر التي ارتُكبت بحق هؤلاء بهدف تبريرها؟).
* (لم يذكر الوثائقي تفاصيل عن معارك الأسواق كسرقة الكتائب لمعظمها وللمرفأ بمليارات الدولارات، ما أدى لإنهيار الإقتصاد اللبناني).
* (يقولون تارةً لا سلاحَ بين أيديهم ولا ذخائر ويعودون ليناقضوا أقوالهم في سياق الكلام عن التدريبات والتحضيرات، وكأنهم يقارنون حجمهم العسكري بالمقاومة الفلسطينية، فيما شاهد اللبنانيون ومنذ البداية مرابض مدفعيتهم والسلاح المتنوع والمقبول لديهم نسبةً لذاك الوقت).
* (في ما يخص بداية علاقتهم بإسرائيل وأسبابها، فالاستهزاء بعقول الناس لن يجدي نفعاً، طالما أن علاقتَهم بكيان العدو قديمة جداً تعود إلى بداية الخمسينيات وهناك اثباتات ووقائع تدينُهم، كما تدين شخصيات لبنانية عدّة أقامت علاقة مع إسرائيل في المرحلة التاريخية التي أعقبت نشوء دولتها، وقد جرى نشر قسطٍ وافٍ من هذه الوثائق والشهادات).
* يقول أمين الجميّل: إن كيسينجر هو الذي أقنع الإسرائيليين بالسماح للجيش السوري بدخول لبنان، لأنهم اعتبروا ذلك مستنقعاً للجيش السوري حتى يقضوا عليه.
(أي بتعبير آخر أدخلوا السوريين لإدخال الإسرائيليين بعدهم والقضاء عليهم. فكيف يتم ذلك من دون أن تكون هناك خطة مسبقة؟!).
* يقول عبد الحليم خدام: نحن دخلنا بطلب من الجانب المسيحي وإصرار من الرئيس فرنجية.
(ما يعني أن الجبهة اللبنانية خططت لبدء الحرب ودخول سوريا مع إسرئيل ولم تُفاجأ بشيء، كذلك فإنها أخفت عن فرنجية نيّتها التعامل مع إسرائيل، ما أدّى إلى تركه الجبهة واغتيال ابنه إثر ذلك).
* (صوَّر الوثائقي دخول الجيش السوري كأنه غزو للبنان، مناقض لرغبة الجبهة اللبنانية وإرادتها، بينما استقبلوهم في حينه بالأرز والحلوى وفرحوا لفكّ الطوق عن المنطقة الشرقية المهددة بالسقوط – كما جاء في الوثائقي – كما عن زحلة والقبيات).
* يشكر بشير مساعدة سوريا له ولقوّاته وأخذها حملاً كبيراً عنه، ويعقبه مباشرةً في الشريط صوت جورج غانم الرافض نيابةً عن بشير فكرة دخول السوريين، بحجة دخولهم المنطقة الشرقية، لأنه لا يجوز أن تتساوى المناطق التي خرجت عن سلطة الدولة بتلك التي حافظت على الشرعية.
من سمعَ بينكم أن هناك أحداً من دون صفة وأحقيّة يبدِّل نظامَ بلده؟

(غريبٌ أمر هذا الصحافي، والأغرب تركيباتُه اللفظية ومقولاته السفسطائية؛ فمتى كانت الشرقية خلال حرب السنتين تحت سلطة الدولة؟ بما عُرف عن الحوض الخامس فيها والضرائب غير المشروعة والهيئات الشعبية الكتائبية التي حلّت محل الدولة ــ كما ورد على لسان أحدهم في الحلقة الثالثة ــ وغيرها من المظاهر، فيما بقية لبنان البالغة 82% من مساحته ــ وفق قوله ــ خارجة عنها، بالرغم من عدم قدرة الحركة الوطنية والأحزاب آنذاك على تنظيم أي شيء؟).
* يقول بشير بالإنكليزية إنه اتفق مع السوريين على أمكنة وجودهم في الشرقية، وعندما تجاوزوها هاجمتهم القوات اللبنانية، وقد شارف النهار على نهايته بحيث لا بد من تسوية الأوضاع معهم لأنهم مثلنا يعملون لمصلحة لبنان.
(من لا يعرف في الأشرفية كيف غدرت القوات بالسوريين؟ وكيف تعمّدت خطف المئات منهم وقتلهم؟ فهل هذا السلوك الذي أدى إلى إشعال الجبهات من جديد بعد أن هدأت وانتهت حرب السنتين، كان يهدف حقيقةً إلى التسوية معهم أو مع سواهم؟).
* ذكرَ الشريط أن مواجهات حصلت في الجنوب بين المقاومة الفلسطينية ومجموعات لبنانية تدافع عن قراها بقيادة الرائد سعد حداد.
(لم توجد أيّ مجموعات لبنانية في الجنوب قبل اجتياح إسرائيل الأول عام 1978، كذلك فإن سعد حداد كُلّف من قيادة الجيش بعد الاجتياح بتنظيم قوة عسكرية هناك كانت تتقاضى رواتبها من الجيش اللبناني في عهد الياس سركيس).
* جاء أن بشير كان يلاقي صعوبات مالية، ذلك أنه لم يكن يحصل من حزب الكتائب إلا على بضعة آلاف من الليرات المجباة كضريبة حرب من المواطنين.
(كيف تمّت جباية ضريبة الحرب تلك؟! هذه بدعة كما يعرف كلّ من دفعَ رغماً عنه أموالاً من دون وجه حق أو سُرقت أمواله وممتلكاته).
* قالت صولانج إن المحبس أزعج بشير وطلب منها استبداله بآخر سُداسي من فضّة.
(المتعارف عليه في الوسط المسيحي اللبناني هو محابس الزواج المستديرة الشكل من الذهب).

■ سادساً. الحلقة الثالثة مع (التصحيح)

* (تحدَّث الشريط عن تحرير الأرض وتوحيد الشعب وتغيير النظام. وتحدث عن صورة بشير كمحرر بعد إخراج السوريين من الأشرفية وعن توحيد البندقية المسيحية التي جعلته الرقم الصعب والمحاور الوحيد في المنطقة الشرقية، فيما جرى عملياً كلّ ذلك بالتنسيق مع الإدارة الأميركية وإسرائيل التي عادت في الأخير وساهمت قواتُها مباشرةً في تحقيق المطلوب، عندما هُيّئت لها الأجواء الملائمة).
* (تكرر وصف الرئيس سركيس في الوثائقي بموقع المختلف مع بشير، بينما لم يكن موقفه المنحاز إليه وإلى مشاريعه خافياً في حينه على أحد).
* (أما اختلاف بشير المذكور في النبرة والأسلوب وغيرهما عن أقرانه وأولاد بقية الزعماء والسياسيين، فمردُّه إلى حجم الدعم الذي تلقاه والذي ميَّزه في الحقيقة عن هؤلاء).
* (ربما لم تكن كل حلقات المؤامرة جاهزة ولم تكن كل فصول الحرب معدَّة للتنفيذ، ولم تكن حتى إسرائيل على علمٍ بكل ما يخطط له حلفاؤها في لبنان ــ حسبما فُهِم من تعابير البعض ــ لكنّ التسلسل الزمني للأحداث ونتائجها يشير إلى وجود خطة مؤلفة من مجموعة خطط صغيرة أو إجراءات، ووجود نيَّة أيضاً محتاجة إلى المبادرة والمتابعة حتى الإنجاح).
* (وقع الخلاف بين الكتائب وفرنجية بسبب علاقتهم بإسرائيل وعلاقته بسوريا، أما الباقي فتفاصيل، باستثناء اغتيال طوني فرنجية لإزاحته مسيحياً من طريق بشير).
* تعامى الوثائقي عن حقائق كثيرة لا مجال لذكرها هنا في مقال بل في كتاب، بسبب عدم انسجامها مع الهدف المرسوم من تمويلِه وإنتاجه بجهد جماعي، فيما تحاول الأفلامُ الوثائقية إذا كانت موضوعية سردَ الحقائق التاريخية من دون انحياز).
* وردَ في سياق الحلقة كلامٌ عن عداء أو تناقض بين الجيش النظامي وقوات بشير، فيما شكَّل الجيش اللبناني في عهد سركيس درعاً واقياً للمناطق الخاضعة لسيطرة بشير).

■ سابعاً. حوار MTV مع بشير على هامش نشرة الأخبار مع (التصحيح )

* السؤال الأول عن مواصفات الرئيس. يجيب: أن يكون عنّا رئيس مو بس مطلوب بس مقبول ومصرين عليّ لبنانياً حتى إذا أميركا وسوريا و... ما بدّون يا يجي.
(كارهُ السوريين ينطق بـ«مو» ويزايد بنبرة عنيفة على الجهات التي قررت تاريخياً اختيار الرئيس، وكأنه خرج عن طوعها أو قصدَ بالرئيس أحداً غير نفسِه).
* (يتحدث عن تعطيل الدستور استباقاً لمخططه في الوصول إلى الرئاسة، وليس حفاظاً على «اللعبة» البرلمانية والدستورية كما يسمّيها ويفهمها).
* (يتحدث بالتالي عن القوى الشرعية وغير الشرعية، فيما ميليشياته وقواته كانت الأقوى تنظيماً وتسليحاً والأكثر تعداداً بين الأحزاب اللبنانية).
* سوريا عم بتبلش اليوم تعاني من نفس المعاناة اللي خلقتا على أرض لبنان. جربو يقسمو لبنان إجا اليوم مين يقسمن. بيتغير النظام ولا ستين سنة ما يتغير.
(جرى هذا الحديث في عام 1980 ولم يكن هناك أيّ بوادر تشير إلى مضمونه لا في التقسيم ولا في تغيير النظام، ما يعني أن بشير كان من ضمن الحلقة المتآمرة على سوريا، والتي عادت ــ بعد أن فشلت بسبب اغتياله في 1982 ــ لتنفذ مخططها في 2011).
* بدنا نحترم السلطة والأستاذ وبوليس السير و...
(كلامه غير فعله عالأرض، فالمعروف عنه كان عدم احترامه لأي اعتبار أو شخص أو شيء لا يخدمُ توجّهَه لا بل لا ينسجم مع قراراته، والشواهد على ذلك كثيرة).

■ ثامناً. الحلقة الرابعة مع (التصحيح):

* (يأخذ على عاتقه في مطلع الحلقة ترتيب الوضع الداخلي، ويؤيده معدّ الحلقات مضيفاً: الرجال الأقوياء يصطدمون عادةً بمواقفهم: بشير صرخَ سيادةً وصدم واقعاً... الخ.
(فلعمري من سمعَ بينكم أن هناك أحداً في عالمنا من دون صفة ومشروعية وأحقيّة يبدِّل نظامَ بلده ومكوناته وتركيبتَه السياسية والديمغرافية والطائفية؟ هكذا بقرارٍ فردي ملائم لأهوائه وتطلعاته؟!).
* بعد كسب معركة الأشرفية صيف 1978، اقتنع بشير بأن تحرير لبنان من السوريين وضبط الفلسطينيين ممكنان بالمقاومة المسلحة. لكن استراتيجيته اصطدمت بواقع تشتّت القوى العسكرية، حيث بقيت الأحزاب المسيحية مرتبطة بقياداتها المختلفة.
(هل يُحرر بلدٌ من قوات نظامية طلبَ دخولها بقوة ميليشيا محلية؟ أم من خلال الاتفاقات المبرمة مع هذه القوات؟
أما «ضبط» الفلسطينيين فما المقصود به في ظل ارتكاب المجازر بحقهم ورغبة طردهم ومناصرة عدوّهم ومهجّرهم إلى لبنان وإلى سواه من الدول؟!).
* (مسألة توحيد البندقية المسيحية حصلت لأسباب داخلية متعلقة بالمنطقة الشرقية؟ أم أنها مطلب إسرائيلي كما أردف أبو خليل قائلاً: وهيدي معليش ضغطوا علي كتير فيا الإسرائيليي. أي إن تنصيبَه مخبراً وعميلاً أوحد لهم، جاء من دون أي تخطيط للمستقبل؟ كذلك فإن قلقَه من توسيع الجيش لرقعة انتشاره في مناطقه، فُهمت بمثابة تحجيم له كما وردَ؟ كيف يكون مع الجيش والشرعية وضدّهما في آن واحد؟ أم أن المسألة برمّتها خاضعة لحساباته ومصالحه؟).
* وحدو العسكر والعسكر بدو يتوحد طوعاً قبل ما يجي شي واحد أخوت ويوحدو غصب عن العالم.
(من هو الموحِّد الأخوت؟ لا حاجة إلى الإجابة).
* يقول بقرادوني: انتظر إلى حين ارتكبو الأحرار خطأ وهو حرقو بيت الكتائب بوادي شحرور بخمسة تموز، اجتمع المكتب السياسي وكلف بشير بالرد.
(هنا نعود إلى تكليفهم إياه بالردّ على فرنجية الذي أدّى إلى تفاجُئهم بمجزرة إهدن، إلاّ أنهم لم يعبّروا هنا عن تفاجئهم بردّه على الأحرار).
* يقول بشير: كل واحد صار عندو خمس زلم ورا، بدو يعمل حالو نابوليون، قضية ما بتمشي بسبعين نابوليون.
(عُرف عنه تأثُره بنابوليون، وهنا يقصدُ أن لا أحد سواه يصلح ليكون نابوليون).
* (جاء أنه أعطى الأحرار مراكز قيادية في القوات اللبنانية، لكن الأحرار كغيرهم من التنظيمات الموجودة في المنطقة الشرقية امتنعوا بعد أن حُجبوا عن الانخراط في قوات بشير).
* يقول جوني عبدو: انو يا بشير بركي بتنسحب انت من هونيك منحط جيش. زاهي بستاني كان على اتصال. روح قلو ما عندو حدا يوثق في بقيادة الجيش نحطو هونيك مسؤول ويستلما؟
بجوابني مبلا ميشيل عون.
(يدلّ هذا الكلام على عمق التحالف والثقة بين آل الجميّل وميشيل عون).
* (مقاطع عديدة في الحلقة الرابعة تشير إلى تخطيطهم داخلياً ومع الخارج لإيصاله إلى رئاسة الجمهورية بناءً على الاجتياح الإسرائيلي الموعود. ولو عدنا إلى الحياة السياسية في تلك الفترة لأدركنا كم كانت الأحزاب الوطنية ضعيفة أمام الخطة وغير مؤهلة لمواجهتها. ولولا حدوث الخطة الأولى، لكانت مضت ربما الخطة البديلة باتجاه منطقة العرين المدروسة شبراً بشبر، كما ذكرَ فادي افرام).
* (انتظروا انتخاب ريغان الذي جاء لمصلحتهم ومهّد الطريق لنفاذ مشروعهم من دون عقبات أو تحفظات، ولا ريب في أن لقاءات عدة وترتيبات أدت إلى ما أدت إليه، ومنها جولة بشير ربيع 1981 في الولايات المتحدة وما صدرَ من دعم أميركي لمصلحته).

■ تاسعاً. الحلقة الخامسة والأخيرة مع (التصحيح)

* (التحدّث بنبرة قوية ومتعالية ينمُّ عن شيءٍ واحد، وهو الدعم الذي تلقّاه من أميركا وإسرائيل كأقوى طرفين على الساحة الشرق أوسطية).
* (الغريب في الموضوع هو عدم وجود أي تفكير أو تحليل أو رد فعل عند ألبير منصور وعبد الحليم خدام وهاني الحسن حيال ما أُخبروا به عن حتمية حدوث الاجتياح الإسرائيلي للبنان).
* (كشف أكثر من متحدّث في الحلقة عن إنشاء علاقات استخبارية مع وكالة المخابرات الأميركية، وتحدثوا بالتفصيل عن علاقته بإسرائيل وكيفية الإعداد للاجتياح والانتخاب ولبرنامجه الرئاسي وعن بدائل الخطط وعن ضلوع السعودية في سياق الاجتياح وما شاكل ذلك، ما يغنينا عن التعليق، بالرغم من ورود بعض الأكاذيب غير المستأهلة للردّ عليها، إنما يُقال: إن إنكارهم في ما مضى لحقيقة الأمور ولمعرفتهم مسبقاً بمسار الأحداث، تحوّل إلى اعتراف لا بل إلى نوع من أنواع التباهي).
* يبقى القول في الختام إنه: مهما تعددت الآراء، لا يحق لأي مواطن ذي صفة أو من دون أي صفة وفي أيّ دولةٍ حول العالم، إملاء سياسته وتوجّهه على خيار بلدِه، وخصوصاً في قضايا السلم والحرب، إنما تفعلُ ذلك الأكثرية الناخبة، ومن هنا يُصنّف الذي وضعَ يده بيد عدوّ بلاده بالخائن والذي تعامل مع أعداء مصالحها بالعميل.
أما لو وقّع لبنان بموافقة أكثرية أبنائه سلاماً مع إسرائيل، فيمكن عندئذٍ لأيّ كان زيارتها والسياحة فيها، لكن لا يحق له التعامل الاستخباري والعسكري معها أو مع أيّ جهة أجنبية ضدّ بلدِه، وهذا متعارف عليه في قوانين الدول كافة ودساتيرها.