شهداؤنا سراج لا ينطفئ
نطلقها تحية إكبار وإجلال لقوافل الشهداء الذين تصدوا للعدوان الإسرائيلي في الخامس والعشرين من شهر أيار 2000، وقبله ممن سقطوا أعزةً كراماً، والموعودون المتأهبون للقاء ربهم واللاحقون، أولئك الذين نصروا الله في الحق والعدل فاستجابوا لدرء الظلم والعدوان. وكيف لا تكبر بنا العزة إذا كان الجهاد سبيلنا وثقافتنا في الذود والدفاع عن أرضنا ووطننا وعن أهلنا وقومنا؟

لا نعلم شعباً ولا دولة في العالم إلا ولها رمزها ومثالها ممن حمل رايتها في الدفاع عن حقوقها ووجودها وجسّد آمالها وعقائدها ومقدساتها، حتى أصبح هذا الرمز تراثاً يورث في العزة والكرامة ومجد الأمة.
وقد جرت على لسان الشعوب أساطير وحكايات تفاخر وتقدر عالياً الشجاعة والإقدام. وفي لفتة رمزية في التاريخ المعاصر، أُقيم نصب الجندي المجهول في مدن العالم تخليداً لذكرى من قضوا في الحروب، وتمجيداً ووفاءً لأبطال خاضوا الحروب عن الأمة في مواجهة العدوان الخارجي على أرضها وثرواتها، سقطوا شهداء الحق في ما اعتقدوا.
ولدى الأديان السماوية خصوصاً مفهوم قدسي للشهيد بلغ مصاف الأولياء والصدّيقين مع الانبياء. وعلى مرّ العصور والأزمان، ما كان الشهيد إلا ذاك الروح الإلهي الباعث والمحرك والملهم، بل والمثل الأعلى في الفداء والتضحية والإيثار وأكثر من ذلك.
لا ترقى إلى مقام العزة والكرامة أُمة اشتدت عليها الغفلة والاستكانة، فتقاعست وتخاذلت عن الموارد والمرامي النبيلة لشعوبها. هؤلاء المتقاعسون المتخاذلون، في عرف كل القيم والمعاني الرفيعة، هم شر البرية، زؤان لا خير فيهم ولا رجاء منهم.
إن كوكبة شهداء الخامس والعشرين من شهر أيار ومن سبقهم في مقاومة العدو الإسرائيلي إنما هم من وضع خريطة الطريق لانتصارات على الأعداء غدت مفخرة يعتدّ بها الوطنيون الشرفاء في بلاد العرب والإسلام، ومثالاً يحتذى لإنسانية تنشد الانعتاق والتحرر. أولئك الرجال والشباب الأفذاذ من أولي العزم، تقدمهم إمامهم سيد الشهداء الحسين بن علي في خطر القدر لمواجهة الطغيان والانحراف وسواد الضلال من زمر الغواية والكذب.
شهداء المقاومة الإسلامية هم ذاك الضوء والقبس الملهم على بعد من الليل المدلهم، ذاك النور الذي أرسى العقيدة وأقام البيّنة وأطلق العنان لمجد الأمة وجبروتها. إنهم تلك المشيئة الخاصة الصافية النقية من أدران الحياة الى مقام العزة والرضوان، فالشهادة مدرسة لا ينهل منها ولا يلوذ بها إلا الخلّص الأتقياء الأنقياء من ذوي الإرادة والعزم القوي القويم. والشهادة مقام يطلبه أهله في سبيل الله بالحمد والشكر، وتطلبهم إليها في مسارهم إلى مبتغاهم في السلام والأمان والحب العظيم. هنيئاً لكم أيها الشهداء في دار خلودكم تنعمون بالرضا والأمان.
عادل المولى