مؤلم أن من أعلن احتلال الموصل والرمادي هم من يدعون تمثيل المدينتين
قد يكون مؤلماً ان من أعلن احتلال الموصل وكذلك الرمادي هم من يدعون او يزعمون تمثيل سكان المدينتين في العملية السياسية المتنفذة في السلطة في العراق، واغلبهم أول من ترك الارض مفتوحة لحشود معدودة من مسلحين مدربين لمثل هذه المهمات وتشويه الصورة كاملة. وتم حينها الاعلان عن وجود أغلبيتهم في أربيل وخارج العراق، وعن اجلاء المستشارين الاميركيين بالطائرات إلى مناطق اخرى، بالتأكيد امنة، ولم يعلن عن ضحايا من المسؤولين في المحافظتين وما احتل من اراض غير المدنيين المسالمين الرابضين في ديارهم والمعتمدين على سياسييهم ودعاة حمايتهم والتعبير عن مطالبهم ومصالحهم. وتفاقم الازمات الجديدة في النزوح والتدمير والخراب والتي كشفت عن تحضير مسبق وتهيئة واضحة لمثل هذه الاجواء الجديدة. وعملت آلات الاعلام الداعشية كعادتها في الترويج له وتبرير ما تم من تحضير وبيئة واحتضان لمثل هذه الكارثة ورميها على غيرها ممن قدموا «ضحية» لسيرة طويلة من الاحداث والممهدات والتطورات على الأرض فعلياً.
ما يقارب عام على احتلال الموصل اضيفت الرمادي للكارثة، وهذا وحده له معناه، لذا يجري الاعتبار الآن من دروسه، ولم يكمّل العام إلا وتمّ تحرير الرمادي قبل الموصل والتهيئة لتحرير الموصل بكل ما توفّر من خبرات وإمكانات ودروس من تحرير الرمادي. وما تميّزت به عملية تحرير الرمادي ستقدم خبرتها لاستمرار التحرير، كما أعلن مسؤولون عراقيون من أن يكون عام 2016 عام الانتصار على «داعش» في العراق، والإصرار على قدرة العراق على ذلك رغم كل ما يحيط بالأوضاع من ضغوط وتأثيرات وتحالفات خارجية وإقليمية تلعب دوراً في مصائر العمليات ومجراها.
وما بعد «تحرير» الرمادي تجري عمليات متتالية لباقي المدن والقرى التابعة للمحافظة/ الانبار، وقد تكشّف أن الرمادي أصبحت مدينة منكوبة (أكثر من 80% منها مدمّر وتحتاج إلى عملية اعمار كبرى ودعوات لاجتماعات لإعادة البناء). ولم يجر الحديث عن مصير السكان، الذين تحولوا هم أيضاً، إلى نازحين ومشردين في مخيمات في محافظات أخرى... أو بالأحرى بذات الحماسة لتجميع أموال الاعمار، والتي كشفت الاخبار عن فساد صارخ ومخجل عن سير دعم النازحين وتقديم الخدمات لهم. هذا فضلاً عن المناكفات السياسية والأخلاقية حول دور الحشد الشعبي الذي حمّل ما لم يقم به غيره في مهمات الدفاع عن السكان والمدن والمساعدة مع القوات الأمنية الاتحادية والمحلية في عمليات التخلص من «داعش» ومناصريه ومروجي أخباره في المدن المحتلة او في العملية السياسية.
ومن هنا تأتي التصريحات المتناقضة والمخادعة أيضاً حول تحرير الموصل وما سبقه. فالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة يتناقض في كل ما يتعلق في هذا الامر وله اهدافه وخططه في ما يريده في المنطقة كلها. ولعل ما صرح به الناطق الرسمي للتحالف الدولي أن معركة استعادة الموصل من قبضة «داعش» تواجه عدة تحديات وستكون صعبة يخالف ما قاله القنصل الاميركي في البصرة في زيارته لجرحى الحشد الشعبي في معارك التحرير. وكان قد أوضح المتحدث باسم التحالف العقيد ستيف وارن في مقابلة اعلامية يوم 30/3/2016، أنّ النهر الذي يمر على طول المدينة يشكّل أحد التحديات أمام عبور المدرعات مثلاً إلى الضفة الأخرى من النهر. وأضاف المسؤول العسكري أن أعداداً كبيرة من المدنيين لا يزالون داخل الموصل ما سيزيد من صعوبة المعركة. لكنه أكد أن القوات المشاركة في تحرير مركز محافظة نينوى «ستكون في غاية الدقة خلال تنفيذ عملياتها لأننا هنا لتحرير المدنيين وليس لإيذائهم».
من جهة أخرى، استبعد المتحدث وجود زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في الموصل، لكنه توعده قائلاً: «نحن نطارده وسنجده وسيتذوق طعم العدالة».
كما في الأنبار يجري العزف على الاوتار الطائفية والاثنية في تحرير نينوى ويتم التصريح بها علناً من الاسماء ذاتها التي عملت أو ساعدت في تسليم المدن إلى «داعش»، سواء من المحليين أو المحتلين الدوليين. وهو ما نشرته وسائل اعلام أميركية خصوصاً.
هكذا هو الحال... إلا أنّ الإرادة في التحرير ستكون المحكّ لكل من يتدخل فيه أو يزعم به.
* كاتب عراقي