في بلدة العيينة أنجب عبد الوهاب بن سليمان قرقوزي عدداً من الأولاد أحدهم من عرف باسم «محمد». وسار محمد بن عبد الوهاب على نهج والده في الدجل والشعوذة. فطرد من نجد وسافر إلى العراق، وطرد من العراق، وسافر إلى مصر، وطرد من مصر فسافر إلى الشام، وطرد من الشام فعاد إلى حيث بدأ إلى العيينة؛ إلا أنه اصطدم بحاكمها عثمان بن معمر آنذاك. ووضعه عثمان تحت الرقابة المشددة لكنه أفلت وسافر إلى الدرعية، وهناك التقى بحاكمها محمد بن سعود الذي أصبح أميراً وإماماً على تلك البلدة. فوافق الحذاء القدم، وتعاقد الاثنان على المتاجرة بالدين. وكان الاتفاق كالآتي: يكون «لأمير المؤمنين محمد بن سعود» (الطرف الأول) وذريته من بعده، السلطة الزمنية، أي الحكم.
ويكون «للإمام» محمد بن عبد الوهاب (الطرف الثاني) وذريته من بعده السلطة الدينية، أي الإفتاء، والتكفير، وقتل كل من لا يسير للقتال معهم، ولا يدفع ما لديه من مال، وقتل كافة الرافضين للدعوة، والاستيلاء على الأموال. وهكذا تمت الصفقة. فسمي الطرف الأول باسم «إمام المسلمين»، وسمي الطرف الثاني باسم «إمام الدعوة» (...).
وسارت شركتهما على هذا النحو الفاسد. وكانت بداية أعمالهما الإجرامية إرسال شخص مرتزق إلى ادهام بن دواس حاكم الرياض (قرية العارض آنذاك) لاغتياله. فاغتالوه، وبذلك استولوا على العارض. ثم أرسلوا بعض المرتزقة ومنهم حمد بن راشد وإبراهيم بن زيد إلى عثمان بن معمر حاكم بلدة العيينة فاغتالوه أثناء أدائه صلاة الجمعة.
في عام 1220 هـ،
منع سعود الأول المصريين والسوريين والعراقيين
من أن يحجّوا

وقد جاء في الصفحة 97 من كتاب أصدره آل سعود وآل الشيخ بعنوان «تاريخ نجد» [نقله الشيخ حسين بن غنام، من رسائل محمد بن عبد الوهاب، وأشرف على طباعته عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي «الديار السعودية» (من سلالة الشيخ عبد الوهاب) التالي: «يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب إن عثمان بن معمر مشرك كافر، فلما تحقق أهل الإسلام من ذلك تعاهدوا على قتله بعد انتهائه من صلاة الجمعة. وجاء محمد بن عبد الوهاب إلى العيينة فعيّن عليهم مشاري بن معمر وهو من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب».
هكذا قال آل سعود وآل الشيخ في كتابهم نقلاً عن رسالة كتبها الشيخ محمد بن عبد الوهاب. ولست أعرف كيف يكون حاكم العيينة مشركاً كافراً وهو مقتول في مصلاه بالمسجد ويوم الجمعة!
(...) وفي الصفحات 98 و99 و100 و101 من الكتاب المذكور يوضح محمد بن عبد الوهاب أن جميع أهل نجد من دون استثناء (كفرة تباح دماؤهم ونساؤهم وممتلكاتهم. والمسلم هو من آمن بالسنة التي يسير عليها محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود) لكن أهالي العيينة لم يصبروا على ظلم محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، فثاروا عليهما. فما كان من الوهابيين إلا أن دمروا العيينة تدميرا شاملاً عن آخرها. هدموا الجدران، وردموا الآبار، وأحرقوا الأشجار، واعتدوا على أعراض النساء، وبقروا بطون الحوامل منهن، وقطعوا أيادي الأطفال وأحرقوهم بالنار، وسرقوا المواشي، وكل ما في البيوت وقتلوا كل الرجال (...) وكانوا يريدون بجرمهم هذا إيقاع الرعب في نفوس سكان بقية البلدان الأخرى ليسهل استيلاؤهم عليها، وهكذا بقيت العيينة وما زالت خراباً منذ عام 1163 هـ حّتى يومنا هذا.
(...) وليس هذا الجرم السعودي هو المضحك المبكي فقط، وإنما الكذب الذي لا يصدقه حتى الأطفال. فقد قال محمد بن عبد الوهاب «أن الله سبحانه وتعالى قد صبّ غضبه على العيينة وأهلها وأفناهم تطهيراً لذنبوهم، وغضباً على ما قاله حاكم العيينة عثمان بن معمر. فقد قيل له بأن الجراد آت إلى بلادنا ونحن نخشى من أن يأكل زراعتنا. فأجاب ساخراً من الجراد: «سنُخرج على الجراد دجاجنا فيأكله». وبهذا غضب الله سبحانه لسخرية الحاكم من الجراد، وهو آية من آيات الله لا يجوز السخرية منها، ولهذا أرسل الله الجراد على بلدة العيينة فأهلكها عن آخرها!».
هكذا زعم آل سعود، وتجار دينهم في كتبهم الصفراء أنّ الجراد هو الذي أكل العيينة مستهترين بعقول القراء والشهود والمستمعين. فكيف يأكل الجراد الجدران والرجال، ويأخذ ما تبقى رقيقاً؟! وكيف يهدم الآبار؟! وكيف يعتدي «الجراد» على النساء ويبقر بطون الحوامل منهن ويأخذ البقية ليفسق بهن؟! أهذه الجرائم تفعلها حشرات الجراد؟ الجراد الذي تتمنى الغالبية العظمى من شعبنا أن يراه، وينتظر مواسمه بفارغ الصبر ليعيش منه، ويختزن ما أمكن ليقتات طيلة العام بهذا المخزون لعدم وجود ما يقتات به؛ اللهم إلا الأعشاب. فكيف يصبح الجراد بعد ذلك «آية يرسلها الله» غضباً من ابن معمر؟!
(...) وثار أهالي نجد لمقاومة دعوة الوهابيين. وقاومها أهالي العارض وبريدة وزلفي والرس ووادي الدواسر وسدير والمجمعة وعنيزة وشقرا ووشيقر ومناطق القصيم والسر والوشيم وحائل... ووقف كل رجال الدين الصالحين بوجهها، ووقف الشعراء الذين هم أجهزة الاعلام والدعاية في ذلك الوقت، وثارت ضدها معظم القبائل (...) وفي طليعتهم العجمان وبني خالد وعتيبة وشمر وقحطان والدواسر وبني يام ومطير وحرب وبني مره وبني خالد وبني هاجر وغيرهم...
وقد روى حافظ وهبه المستشار السعودي في كتابه «جزيرة العرب» عن الملك عبد العزيز (المتوفى سنة 1953) فقال: «قال عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود: لقد قاومت دعوتنا كل القبائل أثناء قيامها. وكان جدي سعود الأول قد سجن عدداً من شيوخ قبيلة مطير، فجاءه عدد آخر من القبيلة يتوسطون لإطلاقهم. ولكن سعود الأول قد أمر بقطع رؤوس السجناء، ثم أحضر الغداء، ووضع الرؤوس فوق الأكل، وطلب من أبناء عمهم الذين جاؤوا للشفاعة لهم أن يأكلوا من هذه المائدة التي وضعت عليها رؤوس أبناء عمهم. ولمّا رفضوا الأكل، أمر سعود الأول بقتلهم».
ويقول حافظ وهبه في كتابه «جزيرة العرب في القرن العشرين»: «لقد قصّ الملك عبد العزيز هذه القصة على شيوخ قبيلة مطير الذين جاؤوا للاستشفاع في زعيمهم فيصل الدويش قبل ان يقتله عبد العزيز، ليبيّن لهم أنه سيقتلهم أيضاً، إذا لم يمتنعوا عن طلب الشفاعة لزعيمهم فيصل الدويش».
وفي عام 1765م (1178 هـ) اتفق أهالي نجران وقبيلتا العجمان وبني خالد وتحالفوا على مقاومة الاحتلال السعودي. فيسير جيش نجران بقيادة السيد حسن بن هبة الله، ويسير بنو خالد والعجمان من الاحساء بقيادة حاكمها آنذاك عرعر الخالدي. (...) وبالفعل سارت جموع بني يام من نجران والاحساء، ولكن السيد حسن هبة الله وصل بأهالي نجران إلى ضواحي الدرعية قبل وصول العجمان وبني خالد. وتمكن أهالي نجران وحدهم من سحق الجند السعودي، واختفى محمد بن سعود. وكاد ينتهي أظلم وأقذر حكم دخيل في جزيرة العرب على أيدي أهالي نجران الأبطال لو لم يلجأ محمد بن عبد الوهاب للمكر والخداع رافعاً راية الصلح على أن يقف أهالي نجران عند حدهم، ويمتنعوا من دخول الدرعية، وأن يسلموا ما تحت أيديهم من الأسرى السعوديين، ويتعهد كل من محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود بدفع عشرة آلاف جنيه ذهب كتعويض لهم عن رحلتهم هذه، وأن لا يتعدى محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب حدود الدرعية، وأن لا يرفعا راية هذه الدعوة السعودية الباطلة مرة أخرى. وقد شهد محمد بن عبد الوهاب ببطلان دعوته أمام أهالي نجران. وهكذا جرى الاتفاق حرفياً بين أبناء يام ومحمد بن عبد الوهاب الذي اعترف في آخر جملة من الاتفاقية ببطلان دعوته أمام أهالي نجران. وما إن وصلت جموع قبائل العجمان وبني خالد من الاحساء حتّى فوجئوا بهذا الصلح غير المرضي لهم لكنهم اضطروا لقبوله تمشياً مع ما اتخذه أبناء عمهم من نجران. وهكذا فشلت أول خطة رمزت إلى قوة الاتحاد بين جنوب الجزيرة وشرقها، ولم يكن سبب فشلها إلا التصرفات الفردية للشيخ حسين بن هبة الله. ولولا ذلك لقضي على الوجود السعودي الوهابي...
وقد تسبب حصار الدرعية بوفاة محمد بن سعود، فمات بعد سبعة أشهر من ذلك الحادث، في عام 1766م (1179هـ). وتولى أكبر أولاد محمد بن سعود، وهو عبد العزيز منصب والده، وسار على خطه في تأييد فتاوى محمد بن عبد الوهاب شيخ الدعوة. (...) وكان عبد العزيز بن محمد بن سعود قد تزوج ابنة محمد بن عبد الوهاب، فامتزج النسب ببعضه أكثر من ذي قبل.
وعاد محمد بن عبد الوهاب وعبد العزيز بن سعود إلى مواصلة الغزوات على البلدان المجاورة في نجد (...) فاحتلوا القصيم ومعظم أقطار نجد، ثم احتلوا الاحساء في عام 1208هـ، بعد مقاومة طويلة. وقتل آل سعود ومحمد بن عبد الوهاب عدداً من شيوخ بني خالد والعجمان. (...) ثمّ واصل الوهابيون زحفهم إلى العراق بقيادة سعود بن عبد العزيز بن محمد ن سعود، فاحتلوا كربلاء عام 1216 هـ، وهدموا مساجدها ومآذنها، وهدموا قبة الحسين، وصادروا الأموال، واعتدوا على النساء وأخذوهن سبايا، وبقروا بطون الحوامل منهن. وهي طريقة سعودية معتادة.
وفي 10 رجب 1218 هـ، قام محمد بن ناجي اليامي بقتل الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود بطعنات عدة من خنجره أودت بحياته. وقد أشاع آل سعود بعد ذلك أن أحد «الأجانب الكفرة المشركين» من كربلاء هو الذي اغتال عبد العزيز، وهو في الصلاة انتقاماً. هكذا قال الوهابيون. ولا نعلم كيف يبيحون لأنفسهم الاعتداء على الناس في كربلاء، ولا يبيح الطغاة لأبناء كربلاء رد العدوان بالقصاص؟!
وبعد مقتل «الإمام» عبد العزيز بن محمد بن سعود تولى من بعده ابنه سعود الأول (ابن بنت محمد بن عبد الوهاب) ودام حكمه إحدى عشرة سنة من عام 1218 إلى 1229 هـ. وسار الوهابيون إلى الحجاز، فاحتلوا مكة وجدة في 17 محرم 1218 هـ. وكانوا قبلها قد احتلوا المدينة المنورة. وإن آل سعود لم يقفوا عند هدم قبة قبر النبي محمد بن عبد الله في المدينة وإنما أوقفوا بالقوة. فأبناء الحجاز ما لبثوا حتى استعادوا بلادهم وطهروها من رجس الوهابية السعودية. لكنّ سعود احتل الحجاز مرة أخرى عام 1220 هـ بعد مقاومة قاسية من أبناء الحجاز، وراح يهدم الأماكن المقدسة بحجة «أنه يخشى أن يعبدها الناس!»، وفرض على أبناء الحجاز أن يدرسوا رسائل جده محمد بن عبد الوهاب والكتب التي وضعها آل الشيخ (أي آل عبد الوهاب). وبقي هذا الحكم السعودي يسوم الحجاز من عام 1220 حّتى عام 1228 هـ.
وفي عام 1220 هـ، بعد أن احتل الحجاز، وارتكب فيها أنواع الجرائم غير عابئ بقدسيتها، قام سعود الأول بأعمال منكرة ومضحكة، فقد منع على المصريين والسوريين والعراقيين أن يحجوا، بتعلة أنه يخشى منهم وانه لا يعجبه إسلامهم! ففي عام 1220 هـ ، قال الأمير سعود الأول بن عبد العزيز بن محمد بن سعود لأميري الحج المصري والشامي: «ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها؟». فأبلغاه بقولهما: «إن هذه العويدات هي المحمل المصري والشامي. وهي عادة قديمة جارية، اتخذت لتجميع الناس والحجاج حولها متكتلين متحدين ضد قطاع الطرق، ولصد العدوان». فأبلغ سعود أهالي مصر والشام قائلاً: «إنكم يا أهالي مصر والشام إذا فعلتم ذلك عُبـِدَ هذا المحمل (محمل كسوة الكعبة). وإنني سأكسر المحمل الشامي والمصري. وكذلك، يا أهالي مصر والشام، لديّ شروط أخرى عليكم:
أولاً: لا تحلقوا لحاكم. وثانياً: لا تذكروا الله بأصوات عالية، أو تنادوا بقولكم «يا محمد». وثالثاً: يدفع كل حاج منكم جزية قدرها عشرة جنيهات من الذهب. ورابعاً: يدفع أمير الحج المصري والشامي كل منهما عشر جواري وعشرة غلمان لونهم أبيض كل سنة.
ويقول السيد دحلان في تاريخه: «إن سعود قد أحرق المحمل المصري والشامي. وأمر منادياً ينادي بالناس في الحج بأن لا يأتي أي إنسان في العام الآتي للحج، من أي جهة من العالم، وهو حليق اللحية». فراح الحجاج المصريون في عام 1220هـ غاضبين ولكنهم غير آبهين بطلبات سعود الأول المجنونة.
وفي عام 1221هـ. كتب سعود الأول إلى أمير الحج الشامي، وكان هذا قد وصل بالحجاج إلى قرب المدينة المنورة، يقول له: «لا تدخل الحجاز إلا على الشروط التي شرطناها في العالم الماضي». فرجع حجاج الشام تلك السنة من غير حج، أما حجاج مصر فقد امتنعوا من أنفسهم ولم يحجوا تلك السنة على مضض، ما جعلهم يتضجرون غيظاً على الحكم السعودي...
ويقول العلّامة ابن بشر في تاريخه عن جرائم 1221 هـ السعودية: «إن سعوداً حشد جيوشاً عظيمة قرب المدينة المنورة، وأمرهم أن يمنعوا الحجاج الآتين من مصر والشام. فرجع المحمل الشامي إلى وطنه، وكان أميره عبد الله باشا العظم. ثم بعد ذلك قام سعود بإبعاد آلاف العرب من مكة، ومعظمهم من أبناء الحجاز نفسها واليمن والعراق. وكذلك سافر إلى المدينة وفعل فيها مثلما فعل في مكة. وقد هاجر عدد لا يحصى من أبناء الحجاز إلى مصر والشام واليمن والسودان وتركيا وأماكن شتى من العالم. وقد أغضب هذا الفعل أهالي نجد وعلمائها الصالحين من غير آل الشيخ طبعاً».
وما فعله سعود الأول بالحجاج يذكرنا بما تفعله بقية الأسرة السعودية الحالية بالحجاج أيضاً. فقد أعادت الحجاج السوريين على زمن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959. وأعادوا كسوة الكعبة المصنوعة في مصر. ورفض آل سعود أن يحج أهالي مصر ما لم يدفعوا عملة صعبة إما جنيهات استرلينية أو دولارات أميركية. وما فعله آل سعود مع أبناء مصر فعلوه مع أبناء اليمن، فقد منعوهم من الحج حين قامت الثورة ضد حكم الامام أحمد بن يحيى الدين. أما أهالي الحجاز فقد مقتوا الحكم السعودي منذ بدايته. وامتنع الكثير من الحجاج في بداية الحكم السعودي عن أداء فريضة الحج ست سنوات، مقسمين أن لا يحجوا حّتى يطهروا قبلتهم من الرجس. أما أهالي مصر والشام واليمن فقد امتنعوا عن الحج كلياً طيلة ست سنين.
وفي عام 1226هـ. بعث محمد علي ابنه طوسون على رأس حملة عسكرية إلى الحجاز بعد أن ضغط أهل مصر على حكامهم الأتراك، فاستولت الحملة على ينبع وحررتها في نفس تلك السنة. ولكنّ طوسون لم يفلح في انجاز كل مهمته (...) فبعث محمد علي إبنه إبراهيم باشا، في سنة 1228هـ. فتمكن من تحرير مكة والمدينة المنورة والطائف من رجس السعودية.
ويقول السيد دحلان في تاريخه: «لقد حاول سعود هذه المرة أن يخادع (...) فأرسل إلى محمد علي باشا طالباً الصلح وأن يفتدي بالمال عثمان المضايفي عامله على الطائف. ولكن مساعي الصلح لم تتم حيث اشترط محمد علي على رسول سعود الشروط التالية:
أولاً: أن يقوم سعود بدفع كل المصاريف التي أنفقت على الحملة العسكرية.
ثانياً: أن يقوم سعود برد كل المجوهرات والأموال التي كانت بالحجرة النبوية.
ثالثاً: أن يقوم سعود بدفع الدية لأبناء الحجاز ومصر الذين قتلهم.
رابعاً: أن يَحضَر سعود، ويسلم نفسه، ليحاكم على ما ارتكبه من جرائم.
وبالطبع لم يفعل سعود هذا. وبقي في الدرعية لا يخرج منها، ويحشد جنده للدفاع عن نفسه لأنه آمن بأن لا مناص له من الموت. ولقد أصيب سعود بإسهال شديد وحمى (وهو المرض نفسه الذي أصيب به جده محمد بن سعود حينما حاصره أهالي نجران من قبل)، فمات سعود قبل وصول حملة التحرير إلى الدرعية في 7 ربيع الثاني عام 1229هـ . وتولى ابنه عبد الله الحكم من بعده، ووقف إلى جانبه شركاؤه آل الشيخ.
ثم ثار أبناء عمان وقتلوا والي آل سعود، ووقف علماء الدين الصالحون في القصيم ونجد يعلنون براءتهم من جرائم آل سعود وآل الشيخ عبد الوهاب ويحملون هاتين الأسرتين تبعة كل الجرائم. (...) أما آل الشيخ فقد وقفوا يدافعون عن أنفسهم ويدفعون هذه التهمة عنهم، ويشتمون علماء نجد والقصيم، ويتهمونهم بموالاة المصريين وينسبون كل ما وقع من جرائم وفتن ومحن إلى «الذنوب والتقصير في دين الله. ولهذا ابتلاهم الله بشتى المحن». وأما حملة تحرير الجزيرة فقد سارت حّتى وصلت الدرعية. وألقي القبض على عبد الله بن سعود، وأبعد إلى مصر في عام 1234 هـ. وقتل عدد من آل الشيخ الذين أجرموا. وبذلك انتهت الفتنة السعودية إنما إلى حين، لأن هذه الشجرة السعودية الخبيثة لم تستأصل من جذورها بعد، فقد تركت بعض الجذور التي نمت من جديد، بعد أن عاد جيش مصر إلى بلاده تاركاً الجزيرة العربية.
* (مقتطفات من كتاب «تاريخ آل سعود» لناصر السعيد)

غداً:
آل سعود يأكل بعضُهم بعضاً: تاريخ الدولة السعودية الثانية



■ للإطلاع على كتاب «تاريخ ال سعود» انقر هنا