جود حاتم حيدر *
الحرب السادسة او حرب الثلاثة والثلاثين يوما على لبنان، تسميات ذات دلالات كبيرة في تحولات المنطقة، منذ تداعيات تحرير القسم الاكبر من لبنان في العام 2000، وبعد حادثة الحادي عشر من ايلول في العام 2001.
فالحروب الاســـــــتباقية (ضد الارهاب اوغيرها من تســــــــميات الادارة الأمركية الحـــالية) ابــــــــتــــــــدأت في افغانستان دون أي احراج عسكري او سياسي دولي، ثم انتقلت الى العراق دون الاحراج العسكري لكن مع بعض الاحراج السياسي الدولي، وآخرها على لبنان بغطاء سياسي دولي محكم فـــــتـــــــنتهي بـــــــاحراج عـــــــــسكري كبير، برز بـــــشكل واضح من استمرار وتصاعد وتيرة القتال حتى الدقائق الأخيرة قبل وقف العمليات العسكرية.
بعيدا عن جدل من الرابح والخاسر، فمن الواضح ان أعتى القوى في العالم في هذه الحرب لم تحقق عــــــلى أرض لبنان اي هدف عسكري معلن.
تروّج الادارة الأمركية لهذه الحروب الاستباقية في الشرق الأوسط كمشروع دفاعي تفاديا لحرب قد تحصل على الأرض الأمركية، وتقيّمها بمقياس نجاحها لا فشلها، فالفشل يؤثرعلى المشروع لا الكيان. يطرح السؤال نفسه، لماذا استُخدم الكيان الاسرائيلي في حرب استباقية غاشمة على حدوده، دون تقيّم احتمال الفشل وأثره الكارثي على ذاك الكيان؟ أتعتبر هذه الحرب مغامرة أوحتى مقامرة بآخر الأوراق، أو دليل على انسداد جميع الفرص امام المشروع الأساس؟ فـــــــــقـــد حذر ســـــــــماحة السيد حــــــسن نصرالله الاسرائيلين بان هذه الادارة الأمركية ســــوف تتركهم يــــتخبطون بهزيمتهم. لم يعد خافيا على احد أن العدوان على لبنان هي حرب امركـــــية الاهـــــداف والتكـــــــاليف والعتاد.
فافغانستان شرق ايران والعراق غربها والجيش الأمركي (يضمن أمنهما) يحتلهما. فاستعمال الادراة الأمركية للكيان الصهيوني المسعور كذراع لضرب ذراع ايران (حزب الله) في لبنان، يعتبر تراجعا أمركيا عن المواجة المباشرة مع ايران كون التماس بين الجيشين قائم.
أيضا، لا بد من اعطاءً المسألة بعدها الاقتصادي وتسليط الضوء على برنامج ايران للطاقة النووية. مفاده، أن تحول ايران ولو جزئيا عن اعتمادها الحالي على النفط في الطاقة، يجــــعلها لاعبا اكـــــــبر في تحديد حجم الانتاج اليومي للأوبك ، مما يفرض زيادة بالانتاج اليومي على الدول الاخرى، وكذلك الحرج المستقبلي على المخزون الطبيعي لتلك البلدان.
فتصبح ايران اكث تأثيرا على ســـــعرالـــــبرميل الخام وحتى عملة تداوله.
آخر الحروب الاستباقية الأمركية في منطقة الشرق الأوسط قد فشلت. فالتراجع الجغرافي بارز انطلاقا من افغانستان بحجة تفجير اكبر الأوثان البوذية على ايدي الاسلام (الارهاب) وطالبان، الى حجة اسلحة الدمار الشامل للطاغية صدام والمتحولة تدريجيا للحرب على الارهاب والاسلام، وآخرها في لبنان تحت حجة اعتداء حزب الله الارهابي على دولة اسرائيل الجبارة. حروب مدمرة على شعوب بأكملها تحت حجج مضخمة وكاذبة. أليس للناظر الحق بأن يسأل هل العدوان على لبنان وحزب الله آخر الحروب الاستباقية ضد ايران، وهل الغطرسة وغباء الادارة الأمركية حولها الى أول الحروب الاستباقية على الامبراطورية الأمركية؟
* كاتب لبناني