أقول ممثل السلطة ولا أكتب ممثل شعبنا الفلسطيني! فممثل الشعب في العادة هو خادم له. أما بعض ممثلي السلطة فهم مضموناً ومسلكية يمتازون بالعنجهية والصلف والاستعلاء والبلطجة على أبناء شعبهم. إنها عقدة النقص ليس إلا! وسببها أنهم فاقدون للقدرة والثقة بالنفس والتواضع الثوري والإيمان بقضية شعبنا، ولذلك يحاولون تعويض النقص بالاستعلاء والصلف والعنجهية والبلطجة. ممثل السلطة في تونس، جعل من السفارة مركزاً للتحقيق والتعذيب ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وهذا ما يذكّر بالمدعو «أبو خليل»، مسؤول وممثل المنظمة المُسيطر عليها في الجزائر، عندما بنى سجناً بزنازين في قبو مقره (كل جاليتنا الفلسطينية والعربية يذكر تعذيبه للفلسطينيين من مراجعي السفارة - غير المَرضي عنهم وسجنهم في زنازين المقر).
ووفقاً لـ «القدس العربي» (11 ابريل/ نيسان 2011) نُشر ما يلي: جاء إلى السفارة الفلسطينية في تونس أربعة شباب (رامز أبو جبل، رفعت السقا، حسين بلاطة، إضافة إلى شاب اسمه أحمد) مبعدون من ليبيا، طالبوا السفير بتغطية نفقات إقامتهم حتى موعد سفرهم إلى غزة أو الجزائر. رفض السفير الطلب وكلّف البعض من موظفي السفارة بضرب الأربعة وإهانتهم. الحصيلة جروح وكدمات في وجوه وأجساد الشباب الأربعة! إضافة إلى ذلك، في اليوم نفسه جرى الاعتداء على أحدهم أثناء تجواله بالقرب من مخيم للاجئين أقامَته تونس... تعرض الشاب للطعن، وأصيب بجرح غائر في كتفه، نُقل بعدها إلى المستشفى. ووفقاً للشاهد السقا (حسب «القدس العربي») فإن المعتدي تحدّث بلكنة فلسطينية. الشاب المطعون صرّح: «كان الطعن من أجل عدم مناقشة الأسياد».
سفير سلطة أوسلو «حجّ» إلى
جزيرة جربة للمشاركة في احتفال الذكرى الـ 62 لقيام الكيان!

سفير سلطة أوسلو المعني (في تونس)، وهو ممثلها وممثل رئيسها (الذي لا يملك من مضمون كلمة الرئيس سوى الاسم) للشؤون الأفريقية قام بـ«الحج» إلى جزيرة جربة من أجل المشاركة في احتفال اليهود في كنيس بالجزيرة، لمناسبة الاحتفال بالذكرى 62 لقيام الكيان! السفير مارس كل الطقوس اليهودية: أوقد الشموع، شارك في الصلاة وتلاوة الترانيم اليهودية والمزامير، وهي التي تقول «شٌلّت يميني إن نسيتك يا أورشليم» و«سنلتقي في أورشليم والنصر لنا على الغوييم – الغرباء». سفير السلطة (التي هي بلا سُلطة) ارتدى «الكيباه»، وهي طاقية الأصوليين اليهود وغلاة المستوطنين (14 أبريل بيان لكوادر المنظمة وقادة فتح في تونس 2011). عباس كافأه على ذلك، من خلال (هذا وفقاً لوثيقة من وزارة الخارجية الفلسطينية) تعيينه ممثلاً سلطوياً في كل من الهيئات التالية: مركز جامعة الدول العربية (الثاني) في تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، المنظمة العربية للطاقة الذرية، اتحاد الإذاعات العربية، الهيئة العربية للتكنولوجيا والاتصالات. سلمان الهرفي من مواليد بئر السبع في النقب، درس الطب في الجزائر مبعوثاً من المنظمة، وتعلم الفرنسية فيها. وفقاً لموقع «السبيل أونلاين» جاء ما يلي: «هاجم مواطنون تونسيون السفير سلمان الهرفي بسبب معلومات خاطئة ذكرها عن القضية الفلسطينية في محاضرة له». عند تعيينه سفيراً للسلطة في تونس، استنكرت كوادر المنظمة وحركة فتح تعيينه في المنصب المهم واصدروا بياناً سياسياً، جاء فيه: «ندين ونستنكر تعيين القزم المدعو سلمان الهرفي في هذا الموقع، ذلك بعد كل الفضائح والتجاوزات التي ارتكبها في الصفقات المشبوهة، والمشاريع الوهمية مع اللصين عماد شقور وسامي فرح، والتي أُهدرت فيها ملايين الدولارات، وهذا ما يعرفه جيداً أبو مازن، ويعرف كمّ من الأموال التي اختلسها هذا القزم من تجارة الماس مع الاسرائيليين، أثناء عمله سفيراً في جنوب أفريقيا. إننا نطالب أبو مازن بإحالة ملف المعني إلى النائب العام. واستطرد البيان: «... نحن نعرف هذا الشخص تمام المعرفة لكننا لا نريد فتح المزيد من الملفات! فقط كل ما نطلبه منه أن يخرس وان لا يتطاول على الشرفاء في الساحة، ونسأل أبا مازن: هل تعيينه هو الإصلاح؟ إذا كان ذلك... فبئس هذا الإصلاح... إننا نطالب الرئيس بتسليم ملف المدعو سلمان الهرفي إلى النائب العام».
كتبتُ مقالة سابقة في «القدس العربي» عن نشاط موظفي السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا بعد زيارة سابقة لي لها، وعن دور السفير الفلسطيني في تجارة الماس مع شركاء إسرائيليين، وعن إصرار السفارة على الوقوف ضد جهود المنظمات الجنوب أفريقية ضد مقاطعة الكيان، وعن اللقاءات التي كانت تتم لهم مع الوفود الإسرائيلية الزائرة للبلد، في الوقت الذي كان فيه الشعب الجنوب أفريقي يقاطع الكيان! («أهم سفراء لفلسطين... أسوأ المحامين عن أعدل قضية!»، (القدس العربي، 1 أكتوبر 2010). السفير وفي مقابلة مع الصحافية التونسية فاطمة الكواري، جرى نشرها في صحيفة «كلمة تونس» طالب «بترشيد استهلاك السفارات»، وطالب العرب «بالدعم الدبلوماسي للسلطة مستطرداً: السلاح والرجال لا يلزموننا... لسنا بحاجة إلى مقاتلين، لأننا لا نؤمن بالكفاح المسلح». للعلم منذ قدومه إلى تونس تشكلت حركة تحمل اسم «أحرار فلسطين وتونس معاً»، من أهدافها وأحد شعاراتها: «من أجل طرد سفير فلسطين في تونس سلمان الهرفي».
نشرت صحيفة «الأخبار» اللبنانية (9 أبريل/ نيسان 2015)، كذلك ما أجمع عليه الحاضرون لأعمال «المنتدى الاجتماعي الدولي» الذي انعقد في تونس في آواخر مارس/ اذار الماضي: السفير المدعو الهرفي، قام بطرد مناضلين من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال، ممن جاؤوا من فلسطين المحتلة، ومنعهم من التواجد على منصة المهرجان الخطابي الذي أقيم أمام السفارة الفلسطينية في تونس. قام السفير ايضاً بطرد السفير الفنزويلي (لا يعرف الممثل السلطوي ربما مواقف فنزويلا المؤيدة لشعبنا، أو أن ذلك لا يهمه!) من المؤتمر، بل دفعه بقبضتيه الى الخلف، على مرأى ومسمع من الحاضرين لأعمال المنتدى! سفير السلطة اعترض على صعود نائب الأمين العام للجبهة الشعبية أبو أحمد فؤاد إلى المنصة، وطلب منه مغادرة المهرجان، وخاطبه قائلاً: «انزل فوراً أو رح تنزل بالقوة». من قبائح وموبقات وابتذالات وبلطجة السفير أنه هاجم أحد الاجتماعات (التي لم تتم دعوته اليها أصلاً... هذا السفير «بأمر الله»!). اختطف الميكرفون وهاجم بكلمات بذيئة (البذاءة للعلم وفقاً للطب النفسي – وانا أيضاً طبيب - هي: انعكاس لما يدور في النفس وللمنطق الداخلي للإنسان فتراه ينضحها ويعكسها على الآخرين حوله)، المناضل التاريخي الفلسطيني في الجبهة الشعبية صلاح صلاح الذي انسحب من القاعة معلقاً: «نحن لا ننزل إلى هذا المستوى». السفير كان مطمئناً إلى نتائج ما اقترفه، من خلال: وجود عشرة من الشبيحة لحراسته، وجود الأمن التونسي الذي يعتبره «ممثلاً» رسمياً لفلسطين. كان أيضاً مطمئناً إلى طيبة أخلاق الاخرين الذين لا يودّون إفشال الاجتماعات ولا أعمال المنتدى، وقد أقيم خصيصاً للتضامن مع الشعب الفلسطيني! للعلم: الجبهة الشعبية تتمتّع بحضور قوي وممتاز لدى جماهير الشعب التونسي الشقيق. لقد شارك في التظاهرة التي نُظمت على هامش المؤتمر 500 عضواً من الجبهة الشعبية، كما شارك الكثيرون منهم في المهرجان بالقرب من السفارة. الأعضاء أرادوا الرد على بلطجية السفير وأزلامه، بالطريقة التي يتقنها... قام أبو أحمد فؤاد ومنعهم من ذلك، خوفاً من إفشال المنتدى. كذلك فإن السفير يدرك أنه أدنى من ان ترد عليه الجبهة الشعبية. سفير السلطة اعتقد ويعتقد أن فلسطين مطوبّة باسمه وباسم عائلة الهرفي في النقب!؟ عباس وبدلاً من استدعاء السفير وتعنيفه وإقالته من منصبه... كافأه بنقله سفيراً في فرنسا! مساكين أعضاء جاليتنا هناك! لكنهم (مثل جاليتنا في تونس) «قدّها وقدود».
أذكر جملة قالها المرحوم عرفات بعد تشكيل السلطة الفلسطينية، عندما سأله أحد أعضاء اللجنة التنفيذية في أحد اللقاءات بينهما (وهو ممثل لتنظيم فلسطيني عريق) عن سر عدم محاسبته للفاسدين في السلطة الذين يسهرون ليالي حمراء مع ضباط المخابرات الصهيونية في مواخير نتانيا وتل أبيب، أجاب يومها: أنا أعرف ذلك، نحن كشعب فلسطيني نمر هذه المرحلة في مستنقع قذر، أنا – ومطلق قائد عموماً - بحاجة إلى جِزَم طويلة لخوض المستنقع... لذا فأنا بحاجة إليهم. اكتفي بجواب الراحل أبو عمار، كما يخطرني المثل العربي القائل «إن لم تستح فافعل ما شئت».
من قبل، طالب أحد سفراء السلطة بتدريس «الهولوكوست» في المدارس الفلسطينية من جيل إلى جيل! وآخر وقف عاجزاً عن مجابهة المحاولات الصهيونية ضد انعقاد المنتدى الاجتماعي الدولي مع فلسطين! واللجنة الفسطينية هناك تحكمت في الدعوات للفلسطينيين، وضغطت على البرازيليين لعدم دعوة المناضلة ليلى خالد (كتبتُ عن ذلك في «القدس العربي»، 15 أغسطس/ آب 2012، و9 ديسمبر/ كانون الأول 2012).
* كاتب فلسطيني