كثر من الأصدقاء والزملاء لاحظوا ما وجب تسميته حفلة العربدة الفكرية التي ظهرت في قناة الميادين عقب قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وقد كتبنا عن الموضوع من قبل. تعاطفنا الشديد مع أقارب الضحية ومحبيه، لا يمكن أن يدفعنا إلى قبول التضليل السياسي الذي مارسته أبواق نظام عمان من على ذلك المنبر، ولا السكوت عن التضليل الآخر، الذي تم باسم الانحياز إلى محور المقاومة... إلخ، جاء على لسان قوى تدعي أنها قومية. تلك القوى ربطت ادعائها الانتماء إلى ذلك المحور بالدفاع عن حكومة صاحب الجلالة مليك البلاد، سليل... إلخ إلخ إلخ.
إنه عين التضليل محاولة فصل مقاومة العدو الصهيوني ومشاريع الإدارات الأميركية المختلفة تجاهنا، عن مقاومة أنظمة وكالة الاستخبارات المركزية والبريطانية، العربية المحلية التابعة، بل العميلة حتى نخاع العظم للعدو الصهيوني. وفي مقدمة هذه الأنظمة يأتي النظام الأردني الذي لم يترك أي فرصة ليثبت ارتباطه العضوي بالكيان الصهيوني وبمعاداته لكل تطلعات شعوب أمتنا العربية. نعم، المملكة الأردنية الهاشمية كيان وظيفي اقتطع من فلسطين «التاريخية»، لكن فقط وفق التأويل التوراتي وليس أكثر من ذلك بأي حال، ولذا أطلق عليه اسم «عبر الأردن» كما يرد في الأسفار الكتابية التاريخية.
إن كون الدولة الأردنية، كياناً سياسياً، وظيفياً فمسألة بديهية. لقد خلقها الاستعمار البريطاني لأهداف عديدة أولها حماية الكيان الصهيوني المقررة إقامته في غرب نهر الأردن، وثانياً لإرضاء زبونها عبد الله بن الحسين الذي كان غبياً، لدرجة العمالة المطلقة، ليصدق بأن الأم الحنون ستعينه ملكاً على كل بلاد الشام. هذه حقائق متوافرة في كل الوثائق ذات العلاقة. لقد سبق لنا أن تعاملنا مع هذا الموضوع من قبل وثمة مراجع توثيقية مهمة وكافية عن المادة، لذا ليس ثمة من حاجة للاسترسال هنا.
ولأن كل سياسات نظام عمان معادية بالمطلق لكل ما هو عربي، فإن الانتماء للمقاومة يعني في الوقت نفسه معادة كل القوى المعادية لمبدأ المقاومة. أي محاولة لتجاهل ذلك وتجاهل وجود معسكرين متناقضين في هذه المعركة، لا بد من التشكيك في أهدافها.
نظام عمان، المرتبط بعلاقات تحالف صدوق مع العدو الصهيوني، منذ تأسيسه عقب الحرب العالمية الأولى، لا يمكن أن يكون في معسكر المقاومة. والانخراط في ما يسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الويلات المتحدة الأميركية، فلا يمكن أن نأخذه على محمل الجد وهذا ليس سوى اقتناص دور ثانوي في تمثيلية مملة لا تخفى سخافتها على أي عاقل.
بالمناسبة، وللتذكير، هذه التحالف استعراضي كاريكاتوري هدفه منح عودة واشنطن إلى المنطقة أرضية مادية بعدما اضطرت للرحيل بسبب هزيمتيها في أفغانستان والعراق، وهو ما يتحقق بالفعل.
لنكن واضحين، مقاومة المشاريع الإمبريالية في بلادنا، وفي مقدمة ذلك معاداة الكيان الصهيوني المصطنع والوظيفي، منظومة متكاملة. من غير الممكن الادعاء بمعادة على صعيد وتحالف مع الطرف نفسه على صعيد آخر. من غير الممكن الحديث عن محاربة طرف متطرف ومصادقة آخر أقل تطرفاً بروح سياسية مليك البلاد الحسين بن طلال المغفور له ذنوبه الذي قسم العمل الفدائي في ستينيات القرن الماضي ومطلع سبعينياته إلى فدائي شريف وفدائي غير شريف.
وعندما تقوم قوى تدعي انتمائها إلى المعسكر القومي العربي المعادي للاستعمار بالدفاع عن نظام عمان والدفاع عن سياساته الصهيونية الجوهر، وتضيف إليها الادعاء السخيف بتمكنها من إجبار نظام عمان على لجم تدخله التخريبي في المأساة السورية، لا يكون أمامنا سوى ضرب كف بكف...
6 تعليق
التعليقات
-
إذا قرأتهم أو سمعتم خطبتهإذا قرأتهم أو سمعتم خطبته الأخيره كلكم بتغيروا موقفكم منه بسرعة البرق.....ههه ههه وبتحسوا إنه ظلمتوه وجرحته مشاعر العروبه والنخوه العشائريه والجيره عنده.!! هذا الملك وشعبه بصدقوا الكذبه وبتصير حقيقه عندهم
-
للأردن وظيفة واحدة: تصفية القضية الفلسطينية وحماية إسرائيل!!!كلام سليم تمامآ!!!
-
سوريا الطبيعيةتحية للكاتب على المقالة الجميلة اتفق معك في كل ماقلت لكن الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا جزء من سوريا الطبيعية وتحية للمعلقين الذين كفوا ووفوا .
-
و هيداك كمانهلأ دكتور زيّاد ليش حاطط راسك براسو؟ انا هيداك بعصبني أكتر كمان عأساس "مقاوم" و يتألم جداّ على مآسي السوريين و العراقيين و اليمنيين "ضحايا اللعبة الإقليمية"، في فنادق باريس و سويسرا! عملنا شي مقال عنو الله يخليك :)
-
استاذ زياد: الاردن مشرقي وليس عربياستاذ زياد لكي لا نظلم الاردن "الشقيق" لا بد من الاخذ بعين الاعتبار كيف يرى الاردن نفسه وذلك حسب ما يرد مرارا وتكرارا في كتابات بعض الكتبة. الاردن ليس بلد عربي ولذلك فان قولك "...ولأن كل سياسات نظام عمان معادية بالمطلق لكل ما هو عربي" صار له تفسير واضح، الاردن يعادي كل ما هو عربي لان الاردن بلد "مشرقي" وليس بلد عربي. ويمكنك مراجعة صفحات صحيفة "الاخبار" للتأكد من ذلك الزعم ومن تلك "المشرقية". كل ما يمكن قوله ان كون الاردن مشرقي وليس عربي لهو نعمة من نعم الله. وان تعدوا نعم الله لا تحصوها. لذلك يرجى اخذ العلم والخبر.
-
شكراًخلال السنوات الأربع، انقسمت آراء الكتّاب في جريدة الأخبار حول الأردن بين من يراها دولة وظيفية وبين من يراها عكس ذلك كالأستاذ ناهض حتّر. أتفهّم غيرة الأستاذ حتّر على وطنه وبلده، ونحن لا نريد لأي بلد وشعب عربي إلا الخير، ولكن الحديث عن الأردن وماذا فعل وماذا قدّم وكيف نشأ وما الذي يقوم به اليوم، وما موقفه من اسرائيل ... الخ أسس ومرتكزات الحكم على دولة أو سياسة دولة. من كل ما تقدّم ومن استقراء التاريخ والواقع والحاضر، أثبت الأردن دائماً أنه وطن وظيفي، حاضر دوماً لأداء أدوار تطعن في ظهر كل من يحاول أن يوحد هذه الأمة ويحارب عدوها الأول والأخير. البعض ربما تحدث ذات الشيء عن لبنان، أنه بلد وظيفي، تم إيجاده لهدف استمرار القلاقل والمؤامرات والحروب في المنطقة عن طريقه. هذا لا يعني أننا عندما نتحدث بذلك أننا عنصريين أو نكره اللبنانيين أو أي شيء له علاقة بالشعب اللبناني والثقافة اللبنانية الاجتماعية. النقد محصور فقط وفقط في سياسة هذا الوطن أو ذاك، وأداؤه عبر مختلف المراحل منذ إنشائه وحتى اليوم، وهل لعب أدواراً تخدم مصالح الكبار أم لا؟ وهل كان أصلاً من بلد آخر وتم سلخه أو تقسيمه واستخدام أرضه لأهداف أخرى امبريالية في المنطقة أم لا؟ هذه المواصفات تنطبق تماماً على الأردن وغيرها من الدول، ومع الأسف. يعني أنا لست سعيداً بتلك النتيجة أو شامتاً، ولكن علينا ألا ندفن رؤوسنا في التراب. علينا ألا نخشى أحداً عندما ننتقد الدين أو السياسة أو الحكام أو السلطات المختلفة، وألا نختبئ خلف حواجز القومية والوطنية والدفاع الأعمى عنها وعن الدين والطائفة والتاريخ المسيّس وحمّال الأوجه. شكراً للأستاذ زياد منى