حسين الكاظمي - الكويت
هي مشكلة المتظارف. والفرق بين من هو ظريف ومن هو متظارف كبير، سببه الموهبة والنشأة الإجتماعية وامور اخرى كثيرة. خذ مثلا، اهل مصر، المشهورين بخفة الظل والفكاهة... أما الفرنسيون، فأقر أن في ضحكات الكثير من حسناواتهم، ما هو شفاء للعليل. ولكنهم لا يدخلون باب التصنيف في مجال الفكاهة بين الأمم، و انا أعتذر مسبقا، من لبنانيين كثر ربما لن يفقهوا ما عنيت.
قد يستفز هذا المنطق، في هذا التوقيت بالذات، بعض من أحترمهم وأجلهم، مثل الأستاذ سامي كليب، الذي حذر في مقالته («الأخبار» ــــ الخميس 8 كانون الثاني 2015) من لغة التشفي و»الشماتة»، وتفشي الشيفونية أو القومية، وحكاية نحن والأغيار، وكلام من هذا القبيل.

هو كلام دقيق وفي غاية الأهمية. ولكن وسط هذا الزخم والعويل الغربي، وهذا الغضب والإستنفار الأمني وطلب القصاص من المجرمين، فمن المجدي مخاطبة الجميع، وخصوصا الفرنسيين بالقول المباشر: ضعوا رأس المجرم تحت المقصلة... وليس ظله!
يا أيها الفرنسيون. يا أيها الديمقراطيون. يا أيها المتنورون. هلا سألتم عن أصحاب اليمامة، وما أدراكم ما اليمامة؟
انها لمن لا يعرف، صفقة الأسلحة والطائرات الحربية الأوربية التي تمت بين بريطانيا ومملكة آل سعود. واعطيت الصفقة يومها رمز اليمامة.
ألا يعلم الفرنسيون بأن اليمامة حينما حطت في ديار جيرانهم الأفاضل البريطانيين، طارت المحاسبة البرلمانية هناك،
إذا أراد قوم ماري
إنطوانيت نصب المشانق فعليهم برؤوس الأفاعي

جنباً إلى جنب، مع الشفافية وحرية الصحافة وقوانين محاربة الفساد، تعطل عمل القضاء المستقل، واختفت جميع طيور الديموقراطية من سماء لندن؟
ألا يعلم الفرنسيون الديكارتيون أن النسخة الجديد من صفقة اليمامة تتولاها الآن حكومة فرنسا على شكل عقود وصفقات عسكرية ضخمة مع السعودية وقطر والإمارات؟
أيستعصي على الفرنسيين المتنورين، رواد الإعلام والحرية والديموقراطية، فهم الروابط والعرى المادية والفكرية القائمة بين مؤسسات وأجهزة حكومية وأهلية، أمنية و مالية وعقائدية وإعلامية في ممالك وإمارات الخليج الفارسي، وبين سلفيي مارسيليا ووهابيي أبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني؟
ألا يتذكرون، على سبيل المثال، ما الذي حصل في إجتماع أمني كبير حضره مسؤولون امنيون كبار من الدول العربية المجاورة لسوريا ومسؤولين أوروبيين وأميركيين، حينما قام ذاك الأمير الصفيق، الدبلوماسي السابق والامني اللاحق، وأكد بكل صفاقة وسذاجة وخبل، مسؤولية بلاده عن وصول السلاح المقدم من دول المجتمعين، للجماعات المسلحة في سوريا، وأنه ضامن لما يقول لكونه مطمئناً الى سلطتي المال والعقيدة الممنوحين من بلاده!
ألم يتمازح بكل صفاقة وسفالة مع المجتمعين، أمام كاميرات التلفزة، بأنه يعرف عناوين المسلحين وتلفوناتهم الشخصية؟!
إذا أراد قوم ماري إنطوانيت نصب اعواد المشانق، فعليهم، وعلى صحافييهم وإعلاميهم ومثقفيهم بالذات، بأن يقطعوا رؤوس الأفاعي. وأن يتوقفوا عن المزاح والفكاهة. فلن تفيدهم يافطات مرفوعة، والسخرية من إمرأة منقبة هنا، وطفل عريان مختون هناك.