خالد صاغيةيبدو أنّ الخصخصة ستكون نجمة الموسم في البيان الوزاري وفي عمل الحكومة خلال الأشهر المقبلة. فكما بات معروفاً، أُدرِج هذا البند في مسوّدة البيان التي أعدّها وزير الإعلام، وهو يساريّ سابق اهتدى أخيراً إلى الأفكار الخلاصيّة لفؤاد السنيورة. لم يرشح الكثير عن النقاشات «السرّية» بشأن البيان. لكن، يبدو أنّ تيّار المستقبل مستميت في الدفاع عن مشاريع الخصخصة وقتَ أعاد العالم اكتشاف نعمة التأميم، ووقتَ يدحض النموّ المطّرد في الصين كلّ يوم الخرافات المحيطة بعدم فاعليّة القطاعات المملوكة من القطاع العام.
وبما أنّ المستقبل مستميت في سبيل الخصخصة، تطلّب الأمر استدعاء أسلحته الأيديولوجيّة الثقيلة، فأعيد وزير الشؤم سامي حدّاد من الثلّاجة ليدلي بدلوه في الموضوع. وزير الاقتصاد الأسبق الذي دعا ذات مرّة المصانع اللبنانية إلى الإقفال والهجرة، أدلى بتصريح تلفزيوني دافع فيه عن الخصخصة لكونها «تسهم في تقليص الدين العام وخلق فرص للعمل». وفي حديث علميّ، لم يتوانَ حدّاد عن وصف خصخصة الخلوي بأنّها «أهمّ عمل يخدم الشعب اللبناني». بات حدّاد إذاً حريصاً على فرص العمل، ربّما لتعويض تلك الفرص التي هرّبها حدّاد نفسه.
وفيما كان حدّاد يُلقي بدرره، دخلت وزيرة المال المنتدبة ريا الحسن في أوّل سجال مع الوزير شربل نحاس، إذ أعلنت أنّ الطروحات الاقتصادية التي قدّمها وزير الاتصالات «لن تؤثّر على موقفنا الاقتصادي». وكأنّ ما يجري الآن داخل لجنة صياغة البيان الوزاري لا علاقة له بالنقاش أو بتبادل وجهات النظر. موقف الوزيرة ومَن وراءها ثابت. يعيشون في زمن رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، ولا يريدون التزحزح قيد أنملة.
لكن يبقى السؤال المطروح: لماذا الخصخصة الآن؟ حتّى لو افترضنا صحّة الحجج المقدّمة عن خلق فرص العمل وتسديد جزء من الدين العام وزيادة الفاعلية في الإنتاج وخفض التعرفة على المواطنين... ما الذي يجعل تيار المستقبل يستميت اليوم من أجل الخصخصة؟ هل هذا مجرّد تفانٍ للقيام بـ«أهمّ عمل يخدم الشعب اللبناني»؟ وهل يُخدَم الشعب اللبناني حقاً حين تُباع قطاعاته الحيويّة في ظلّ ركود الأزمة المالية العالمية؟ وهل يُخدَم الشعب اللبناني حقاً بتسليم رقبته إلى احتكار القطاع الخاص في بلاد تسيطر مافياتها حتّى... على سوق البصل؟