أم الدنيا من وراء الجدار
لا تخفى على أي شخص في العالم الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء تنفيذ الجدار الفولاذي الذي تيّده السلطات المصرية وفقاً لأحدث تقنيات العزل في هذا العالم، فيما تطرح سلسلة من الأسباب الواهية التي باتت لا تقنع حتى براءة الأطفال بأحقيتها. إن النظام المصري يضع نفسه خلف ساتر زجاجي ويطرح سلسلة من الأسباب الهزلية لبناء مثل هذا الجدار غير المسبوق في منطقتنا إلا على يد جماعات الهاغانا بشكلهم الديموقراطي على طراز اليوم، ببنائهم جدار الفصل العنصري بينهم وبين ما يسمى أراضي السلطة الفلسطينية المحاصرة السيادة. والأسباب الحقيقية تتلخص في رغبة حقيقية من ذلك النظام بتقديم كل ما يمكن فعله لإمرار أجندات ومشاريع في المنطقة أصبحت في عداد الموت السريري، لإنعاش ذلك المشروع لتبرير وجوده واستمراريته في لعبة خرج منها. فالأيام القليلة الماضية أكدت انغلاق السياسة الخارجية المصرية على نفسها وإشغالها لنفسها بحروب مصطنعة من خلف لعبة رياضية كانت أبعد ما تكون عن الرياضة وأخلاقياتها. فاستفادت وقتها من الغوغائيين لزيادة التضليل ولتحفيز الشعور الوطني على حساب الحسّ القومي الذي هو جزء من وجدان كل إنسان مصري الجنسية عربي الهوية، ذلك الإنسان الذي قدم الآلاف من الشهداء تلبيةً لنداءات أمته وقضاياها. ألا يخجل هذا النظام من المرور من فوق تاريخ هذا الشعب ونضالاته، فيضع نفسه في مواجهة التاريخ والمنطق؟ لكن كل رجالات السياسة في التاريخ حين يضعون أنفسهم في تلك المواضع يكونون الخاسرين الأوائل. فلا يكفي توريث جمال مبارك لسدة الرئاسة في مصر كي يمروا فوق ذلك التاريخ وفوق آلام الشعب المصري وتضحياته. أيمكن جمال مبارك أن يقف متربعاً على عرش من التدمير لنضالات شعبه؟ لقد باتت مؤهلات المرشح الرئاسي في أمتنا مرتبطة بمقدار ما يقدمه من تدمير وانتهاك لكل آلام الشعوب ومصائبها.
إبراهيم شبلي