إعداد وترجمة: ديما شريفبراين كاتوليس وبيتر يوول*
تمثل الانتخابات التشريعية العراقية الخطوة الأخيرة للعراقيين لإعادة تأكيد سيطرتهم على شؤونهم الخاصة، كما تحتاج الولايات المتحدة للاستمرار في إعادة نشر جنودها لمساعدة العراق للوقوف على رجليه من جديد. لقد ألهمت سياسة أوباما بشأن العراق هذا البلد ليكمل طريقه باتجاه إعادة تأكيد سيادته، لكنّ الإدارة لم تحدد بعد كيف ينسجم هذا العراق الجديد ضمن استراتيجيتها الإقليمية الأوسع.
ارتفعت الرهانات بالنسبة للعراقيين في هذه الانتخابات. وأُسيء إلى طبيعة البلاد وهويتها بسبب الفجوات في الدستور والإطار القانوني الأوسع. لكنّ العراقيين سيقررون إذا كانت بلادهم ستبقى مقسّمة عرقياً ومذهبياً أو ستتعزز بواسطة قومية عراقية واسعة. كما سيقررون إذا كانت حكومتهم الجديدة ستُبنى على الحكم الديموقراطي وحكم القانون أو أي نظام آخر، وإذا كانت دولتهم ستموضع نفسها تموضعاً أوثق إلى جانب إيران أو الدول العربية في الغرب والجنوب. ربما سيختار القادة العراقيون أن يستمروا في تجنب عدد كبير من هذه القضايا حتى بعد فترة من تأليف الحكومة الجديدة.
من المستبعد أن يظهر توجه واضح لشهور بعد الاقتراع، ذلك أن السياسة العراقية تبقى مجزأة، مع ستة تحالفات رئيسية تتنافس على الانتخابات. هذا الطيف الواسع من الخيارات بين التحالفات الانتخابية والمرشحين يجعل من المستبعد أن تربح مجموعة واحدة أو كيان واحد، وستكون الصفقات اللاحقة للانتخابات ضرورية كالتصويت لتحديد شكل الحكومة الجديدة. وهكذا، تمثّل الانتخابات اختباراً لقوة كلّ كيان، وستكون نتيجتها صراعاً طويلاً على السلطة بعد صدور النتائج.
يقع عبء تقرير كيفية مشاركة السلطة على أكتاف القادة العراقيين، وسنختبر في فترة ما بعد الانتخابات ما إذا كان هؤلاء أهلاً للمهمة. لقد اتسمت السنوات الخمس الأخيرة في مسيرة التحول السياسي العراقي بالجمود بشأن القضايا المركزية التي تتمحور حول النظام الجديد في العراق بعد عقود من الحكم الوحشي لصدام حسين.
بالنسبة للولايات المتحدة، ستساعد هذه الانتخابات على تحديد التوجه المستقبلي لعلاقاتنا الثنائية مع العراق. فالقوات الأميركية تعيد انتشارها وفق الجدول الزمني، والولايات المتحدة ستعتمد اعتماداً متزايداً على وسائلها الاقتصادية والثقافية والدبلوماسية لتدير علاقاتها مع بغداد. ستختبر الانتخابات وعملية تأليف الحكومة نوع العلاقة الجدية التي تجمع الولايات المتحدة والعراق وكيف ستتعامل واشنطن مع سياسة عراقية جامدة ومجزأة. ستدفع مساعدة العراقيين لإدارة انتقال محتمل للسلطة في نظامهم السياسي المجزأ إدارة أوباما لاستخدام كلّ عناصر قوة الولايات المتحدة بفعالية والاعتراف في الوقت نفسه بأنّ قوتها على صوغ الأحداث هناك ليست مطلقة.
وفي الوقت الذي ينقشع فيه الغبار في العراق في الأشهر المقبلة، تحتاج إدارة أوباما إلى تحديد كيف سينسجم هذا العراق الجديد مع سياساتها الإقليمية الأوسع، التي لا تزال تعاني عدم التناسق الاستراتيجي، وتفتقد إلى أهداف محددة بطريقة واضحة لنوع إطار العمل الإقليمي الأمني الذي ترغب برؤيته يبرز في الشرق الأوسط.

العراق يدخل المرحلة التالية في تحوّله السياسي

ستمثل الانتخابات التشريعية لعام 2010 بداية مرحلة رابعة في التحول السياسي العراقي منذ إطاحة نظام صدام حسين في 2003.

* 2003 ــــ 2005: أساس هش

اتسمت المرحلة الانتقالية الأولى بمجموعة من الخطوات والأخطاء من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، وصولاً إلى الاستفتاء الدستوري في تشرين الأول 2005 وانتخابات كانون الأول 2005 التي أنتجت الحكومة الحالية. تنقّل التحول السياسي العراقي عبر عملية دستورية عشوائية خلال هذه المرحلة التي انتهت بدستور يحتوي على عشرات من الأسئلة التي لم يجب عنها، والمتعلقة بنظام الحكم العراقي. ويبقى الوعد الذي أعطاه واضعو الدستور للسنّة عشية الاستفتاء الدستوري لتشرين الأول 2005 بالإصلاح إذا وافقوا على الاستفتاء لدفعهم إلى المشاركة في العملية السياسية، غير محقق رغم مشاركة هذه المجموعات.

* 2006 ــــ 2007: الحرب الأهلية والانقسام السياسي

حاولت أميركا بجهد كبير التدخل في النقاشات حول قانون الانتخابات في الخريف الماضي وفي خلافات اجتثاث البعث هذا العام
بدأت المرحلة الثانية من التحول السياسي العراقي في 2006 مع المفاوضات داخل الحلف الشيعي الإسلامي الأبرز، الائتلاف الوطني العراقي الموحد، وبين سائر التحالفات السياسية الكبرى لتأليف حكومة جديدة بعد انتخابات كانون الأول 2005. طالت هذه المفاوضات ستة أشهر ونتجت منها الحكومة التي بدت في الشكل كحكومة وحدة وطنية، لكنّها في الممارسة كانت عاجزة عن إنجاز تقدم فعلي في دفع التحول السياسي العراقي.
اشتعل عدد من الصراعات الداخلية الخبيثة في مناطق عدّة من العراق بين 2005 و2007، وأدت إلى تهجير بين أربعة وخمسة ملايين عراقي وموت عشرات الآلاف. سببت القوى الطاردة الناتجة من الحرب الأهلية العراقية مزيداً من الانقسام بين القوى السياسية في البلاد. وابتعدت القوى والأحزاب السياسية في 2007 عن حكومة «الوحدة الوطنية» التي ترأّسها نوري المالكي في الوقت الذي بدأ فيه التصعيد الأمني للجنود الأميركيين وانخفض فيه منسوب العنف. زاد الانقسام بين السياسيين العراقيين مع هدوء العنف ولم تستطع المؤسسات السياسية الوطنية التأقلم مع هذا الوضع.

* 2008 ــــ 2009: مشاركة أكثر، استمرار الجمود السياسي

بدأت المرحلة الثالثة في 2008 في الوقت الذي ابتعد المزيد من الفاعلين عن العنف وانضموا إلى العملية السياسية الهشة والمقسمة، ومن ضمن هؤلاء مقاتلون سابقون من السنّة ومجموعات قاطعت السياسة سابقاً. قدمت الانتخابات المحلية العام الماضي بعض الإشارات المشجعة لكن المشوشة عن تطور سياسي ما؛ برزت حفنة من القوى السياسية، منها تحالفات جديدة تدعو إلى القومية عوضاً عن برامج مذهبية تقسيمية. وكان هناك التزام أكبر من الفاعلين السنّة، ممن وقفوا على الهامش في الانتخابات السابقة. ومثّل تحدي القادة الجدد للأحزاب المسيطرة إشارات مشجعة عن تعزيز التحول الديموقراطي في الوقت الذي تلاعبت الأحزاب المسيطرة بالنظام لمصلحتها. لكن أسئلة جوهرية أكثر تبقى من دون إجابات تحت السطح: كيف يجب على العراقيين أن يعرفوا عن أنفسهم، عن أمتهم، وحكومتهم الديموقراطية الجديدة؟
بحلول نهاية 2008، عند نهاية التصعيد الأمني، انخفض منسوب العنف لكنّ العراقيين لم يحققوا أي توطيد مستدام للسلطة بين الكيانات المتنافسة. في الحقيقة، قد يكون التصعيد الأمني قد جمّد الانقسام المتسارع الذي عاناه العراق في 2006 و2007. دخل المزيد من الفاعلين في النظام السياسي وابتعدوا عن العنف، لكن بقيت المصالحة بعيدة عن المتناول.
أصبح إمرار قانون انتخابي للانتخابات المحلية والتشريعية هو المهمة الأبرز التي فاقمت الانقسام السياسي العراقي. كانت الانقسامات في كلّ الاتجاهات: وقفت الأحزاب القومية العربية ضد الأكراد القوميين، وتواجه مناصرو وجود حكومة مركزية قوية مع الإقليميين ومناصري اللامركزية. الخلافات الكبرى ليست قريبة من الحل ومن ضمنها قوانين توزيع عائدات النفط، الانقسام العربي ــــ الكردي في كركوك والأراضي المتنازع عليها، والمادة 140 من الدستور العراقي.

* 2010: عام الشك

يحوم قدر كبير من الشك في الوقت الذي يتجه فيه العراق نحو المرحلة الرابعة في التحوّل السياسي المتفاوت. تطلّب الأمر شهوراً من الكيانات السياسية الرئيسية للاتفاق على القانون والقواعد الأساسية الناظمة للانتخابات ولتحديد عدد مقاعد البرلمان. وتبدو بعض الائتلافات السياسية «الجديدة» كأنّها تعيد إنتاج الجماعات السياسية القديمة. المقلق هو الطريقة الغامضة وربما غير الشرعية التي استبعدت فيها «هيئة المساءلة والعدالة» مئات المرشحين بعد صدور أحكام قضائية في كانون الثاني 2010. ألقى هذا المنع بظله على فترة الحملة الرسمية بعدما بدأت. وأعادت الاتهامات والاتهامات المضادة بشأن ما يحصل فعلياً في الكواليس إلى الأذهان شبح المذهبية والانقسامات الداخليةمن جهة ثانية، غيّرت الإصلاحات الانتخابية التصويت هذا العام. إذ أجريت الانتخابات وفق نظام النسبية مع اللائحة المفتوحة، ما أعطى للناخبين السلطة لاختيار مرشحيهم. ففي السابق، أي في انتخابات 2005، استخدم العراق نظام اللائحة المغلقة، ما أجبر الناخبين العراقيين على الاختيار بين لوائح الأحزاب التي وزّعت لاحقاً المقاعد على أعضائها. يستطيع نظام اللوائح المفتوحة تخفيف السلطة التي يتمتع بها رؤساء الأحزاب في تحديد أولوية لائحة المرشحين عمّا يتمتعون به في نظام اللائحة المغلقة الذي استخدم في 2005. لكن يمكن نظاماً مفتوحاً أكثر أن يؤدي إلى تجزئة النظام السياسي العراقي بالقدر نفسه الذي يسمح للسياسيين بالتصرف بحرية أكبر بعيداً عن إملاءات الحزب الذي ينتمون إليه. ويبقى الأمل بوصول قيادات قومية وتحالفات متنوعة قادرة على ترميم الانقسامات المذهبية والعرقية، والنجاح في صناديق الاقتراع غير محقق حتى الآن. تتألف الكيانات الستة الأبرز التي تتنافس في الانتخابات من القيادات النخبوية نفسها التي أعادت تموضعها والتصقت بعضها ببعض في تحالفات مصالح جديدة مبنية على برامج مبهمة لا يبدو أنّها تؤمن الكثير من الأمل لكسر ركود السياسة العراقية. حتى لو أنتجت انتخابات آذار تحالفاً حاكماً سريعاً، سيبقى علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان القادة العراقيون سيجدون التركيبة المناسبة لمعالجة قضايا مشاركة السلطة الشائكة.
يسود اليوم نقص هائل في الثقة في السياسة العراقية، ومن الصعب في هذه المرحلة توقع تأليف تحالف حكومي سيكون قادراً على التعاطي بسرعة مع أسئلة مشاركة السلطة التي لم يجب عليها أحد. على سبيل المثال، إذا نجح عدد كبير من «القوميين» في الانتخابات، فستتفاقم التوترات العربية ــــ الكردية. ولن يتمكن تحالف عراقي واحد من ربح أغلبية الأصوات كنتيجة للانقسام العراقي المستمر. في الوقت نفسه، تتردد كلّ التحالفات العراقية السياسية في الدخول في اتفاقات لتقاسم السلطة خوفاً من الخيانة والضغينة. هذا الموقف هو وصفة للجمود في الوقت الذي ستضطر فيه هذه التحالفات إلى تأليف لحكومة.

الخطوات المقبلة للسياسة الأميركية في العراق والمنطقة

يحوم خطر الانقسام العراقي في الأجواء، في الوقت الذي تركز فيه إدارة أوباما جزءاً أكبر من اهتمامها على المشاكل داخل أميركا والأوليات الأخرى في الخارج. وفي الوقت الذي ينتقل فيه التحول السياسي العراقي إلى مرحلة جديدة، ستنتقل السياسة الأميركية في العراق إلى مرحلة انتقالية جديدة في السنوات المقبلة. سيكون العراق في هذه المرحلة واحداً من دول الشرق الأوسط تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على علاقات ثنائية واستراتيجية معه. ستكون الطريقة التي تتعاطى فيها إدارة أوباما مع الانتخابات العراقية وعملية تأليف الحكومة إشارة إلى نيتها المستقبلية في كيفية التعامل في العلاقات الثنائية مع العراق في المستقبل.
تحتاج إدارة أوباما إلى تحديد كيف سينسجم العراق الجديد مع سياساتها الإقليمية الأوسع
قال الرئيس باراك أوباما في خطاب حال الاتحاد «سنساند الحكومة العراقية في إجرائها الانتخابات، وسنستمر في جهودنا مع الشعب العراقي بالترويج للسلام الإقليمي والازدهار». إذاً، تبقى إدارة أوباما ملتزمة كثيراً في العراق رغم الانتقادات الموجهة إليها بعدم الانتباه لما يحصل هناك.في المقابل، اتهم عدد من السياسيين العراقيين الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون العراقية، وبالغت واشنطن لسنوات في تقدير قوتها في التأثير على التوجهات السياسية في العراق، مثل السياسات الداخلية الشيعية أو في تحسين العلاقات العربية ــــ الكردية في نينوى وكركوك. لكنّ الولايات المتحدة في عهد الرئيس أوباما لعبت رغم ذلك دوراً هاماً كوسيط في المساعدة في حلّ الخلافات السياسية العراقية. وهي حاولت بجهد كبير التدخل في النقاشات بشأن قانون الانتخابات في الخريف الماضي وفي خلافات اجتثاث البعث هذا العام. وسافر نائب الرئيس جو بايدن إلى بغداد في كانون الثاني الماضي، واستضافت واشنطن عدداً من القادة العراقيين للتشاور قبل انتخابات آذار.
الأولوية الأولى للولايات المتحدة خلال الانتخابات وفي الفترة اللاحقة التي ستشهد نقاشات بين التحالفات هي التأكد من أنّ العملية كلها تحتوي على الحد الأدنى من القواعد السليمة لأي عملية انتخابية. يجادل البعض بأنّ نقص الشفافية الذي أدى إلى منع المئات من المرشحين دفع إلى الواجهة شرعية الانتخابات العراقية. لكن يجب على الولايات المتحدة أن تعمل إلى جانب الأمم المتحدة وفاعلين دوليين آخرين للتأكد من أنّ الناخبين العراقيين سينظرون إلى الانتخابات على أنّها شرعية.
الأولوية الثانية هي لعب دور دبلوماسي مساند في الوقت الذي يدخل فيه القادة العراقيون عملية تأليف الحكومة الوطنية الجديدة التي يبدو أنّها ستكون عملية طويلة وشائكة. يجب على الولايات المتحدة أن تتجنب اختيار مفضلين لديها والاستمرار في تأكيد أهمية أيّ عملية واضحة وعادلة. يجب على المسؤولين الأميركيين في بغداد وواشنطن أن يكونوا جاهزين للالتزام بمساعدة دبلوماسية إلى جانب جهود أخرى لنزع فتيل الأزمات السياسية والمواجهات التي ستظهر خلال هذه الفترة. هدف الولايات المتحدة الشامل خلال عملية تأليف الحكومة يجب أن يكون التأكد من ألا تتفكك السياسة العراقية أكثر.
توفر الانتخابات العراقية اختباراً هاماً لسياسة إدارة أوباما الدبلوماسية الجديدة في العراق. هل ستتمكن الولايات المتحدة من مساعدة العراقيين في المضي قدماً في تحولهم السياسي رغم تحديات الانقسام السياسي الحاد؟ نتيجة الانتخابات ستحدد في جزء منها الدولة التي سيكون العراق على شاكلتها في المستقبل القريب، وستساهم في المزيد من الانقسام أو ستسمح بالتئام وطني وشفاء سياسي.
أسوأ الأخطاء التي يمكن أن ترتكبها الولايات المتحدة في هذه المرحلة هو التدخل في هذه العملية في الوقت الذي يستمر العراقيون في إعادة تأكيد سيطرتهم على شؤونهم الخاصة. ومخطئة هي المطالبات التي تدعو أميركا إلى إعادة نشر جنودها في العراق وفق الجدول الذي جرى الاتفاق عليه في الاتفاق الثنائي لعام 2008. فإدارة أوباما بدأت بإعادة النظر بأولياتها الوطنية الأمنية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا مع إرسال المزيد من الجنود إلى أفغانستان وخفضهم في العراق.
استراتيجية إعادة الانتشار لها مخاطرها، والبيئة الأمنية في العراق تبقى عرضة للشك، لكن الهدف الرئيسي الدافع للولايات المتحدة يجب أن يكون مساعدة العراقيين ليسيطروا على شؤونهم الخاصة. الالتزام بهذا البرنامج هو الحلّ الأفضل لمصالح الأمن القومي الأميركي بمفهومه الواسع، إلا إذا كان هناك طلب جدي من قيادة عراقية موحدة لتغيير برنامج إعادة انتشار الجنود. وحتى لو طلبت الحكومة العراقية الجديدة ذلك من واشنطن، فستقوّم الولايات المتحدة هذا الطلب في سياق الأهداف الأمنية الأوسع في المنطقة والعالم.
العنصر الوحيد الذي يبقى مفقوداً من سياسة إدارة أوباما العراقية هو خطة جديّة تعيد دمج العراق مع كلّ جيرانه في استراتيجية أمنية إقليمية متناسقة. على سبيل المثال، كان من أولويات إدارة أوباما كبح البرنامج النووي الإيراني، لكنهّا لم تعرف بعد كيف ستنسجم الحكومة العراقية الجديدة مع هدف إعادة تكوين حسابات إيران النووية. لدى الولايات المتحدة تعاون أمني مماثل طويل الأمد مع الأردن، السعودية ودول خليجية أخرى في غرب العراق وجنوبه، لكنّ إدارة أوباما لم تقدم أيّ سياسة تساعد على تسهيل إعادة دمج العراق في العالم العربي بعد عقود من العزلة.
قامت إدارة أوباما بالخطوات المناسبة لتشجيع العراقيين على أن يأخدوا زمام المبادرة أكثر في ما يتعلق بشؤونهم الخاصة. لكن لن تكون العملية المستمرة خالية من العنف، وسيكون هذا التحول معقداً. ومع ذلك، على هذا التحول أن يستمر. في الوقت الذي تعيد فيه أميركا نشر جنودها في العراق، يجب عليها أن تسعى لتوطيد العلاقات الثنائية مع العراق عبر الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية وتطوير استراتيجية منسجمة أكثر، يساهم فيها العراق الجديد في ترسيخ استقرار المنطقة
كلها.
*عن «مركز التقدم الأميركي»
(center for American progress) :
مركز أبحاث ديموقراطي مقرب جداً من الرئيس الأميركي باراك أوباما