الغاية من إنشاء التحالف
هي إعادة خلق جديد للمنطقة على أسس مذهبية
تبدو الغاية من إنشاء التحالف والرعاية الدولية المقدّمة له والمباركة الإسرائيلية لتأسيسه على لسان التلمودي نتنياهو، هي إعادة خلق جديد للمنطقة على أسس مذهبية صرفة. وليست سوريا والعراق وحدهما من سيكونان في عين العاصفة بل إنّ المملكة الوهابية ذاتها قد تكون إحدى ضحايا المشروع، وما الحرب المزعومة على داعش سوى تمهيد دوليّ لاستخدام العنصر العربي والإسلامي في رسم الخرائط الجديدة وصياغة الكيانات البديلة وهي عملية ستستلزم تغييرات ديمغرافية مؤلمة ومجازر أشدّ قسوة من تلك الداعشية وتحت الشعار الإسلامي ذاته المستخدم من الدواعش. وأولى تجليات هذا المشروع ستكون في نهاية استقلالية العنصر العربي أو طموحه بهوية قومية وإلحاقه بالمعسكرات الإقليمية على أساس التبعية المذهبية، وهو ما بدا واضحاً من خلال رأس الحربة التركية والتي باجتياحها لنواحي الموصل تكون قد بادرت إلى إطلاق الطلقة الأولى لإعلان بداية شوط جديد يرث النصرة وداعش ويعطي مشروعية قانونية ودينية لموجة التذابح الآتي. في المقابل لا يبدو أنّ في حوزة معسكر الممانعة، وعلى رأسه إيران، خطاباً إسلامياً شاملاً وجديّاً قد يصلح لتكوين معسكر إسلامي مكتمل في مواجهة الوهابية. فإذا استثنينا خطاب "الصحوة والوحدة" الإيراني الذي أثبت فشله في كبح الجموح المذهبي، فإنّ الملامح العملانية لمعسكر الممانعة يغلب عليها الطابع الشيعي المذهبي سواء في العراق وسوريا أو في اليمن ولبنان، وهي حقيقة ستزيد من تأجيج بؤر الاشتعال التي وصلت نيرانها إلى نيجيريا. وهذا ما يعيدنا مرة أخرى إلى المربع الأول حول جدوى الطروحات الإسلامية من أساسها وصلاحيتها لنهضة الشعوب. فلا يمكن الاستمرار في طرح إسلام مبهم ذات تفسيرات متناقضة كحل لقضايا الشعوب الإسلامية، إذ يجب تعيين ما هو الإسلام قبل طرحه. وهو ما لن يحصل بالمطلق لأن تجارب القرون الماضية أثبتت بما لا يقبل الشك أنّ الصراعات المذهبية هي كلّ ما تبقى من الإسلام وهذه الصراعات بالذات كانت هي وقود حركة التاريخ العربي والإسلامي وحتى في علاقته بالآخر المختلف. هذا المختلف الذي يملأ سماءنا بالطائرات ويمطر بلادنا بالسلاح الفتّاك، ويصادر أموالنا ويعيدها إلينا دمارا ودماء ثمّ يعيد تشكيلنا كعجينة طيّعة بينما نحن نستجدي السماء... وهي سماء لا تملك أنّ تغيّر واقع البشر إلّا إذا بادروا هم إلى تغيير واقعهم.
* كاتب لبناني