الفصول الأربعة
لا حاجة إلى التعليق، فضخامة البناء تختصر المشهد. إنه فندق الفور سيزونز الذي اخترق سماء بيروت والذي افتُتح في احتفال رسمي حضره الرؤساء الثلاثة وحاشيتهم، فيما انتصب الوليد بن طلال على المنبر معلناً بيروت عاصمة السياحة.
أشكر الله وسليل خادم حرميه أنه استطاع أخيراً جمع رئيس حركة المحرومين وابن أبي الفقراء تحت سقف أمواله، ما لم تستطع دموع الأمهات في حرب تموز ولا أحداث 7 أيار فعله. لكنني لم أشعر بنشوة الانتصار الوطني التي توقعها الوليد منا نحن اللبنانيين والتي غابت عن وجوهنا طويلاً.
فأنا ابن الطبقة المتوسطة (ونشكر الله على نعمه) لن أدخل هذا الصرح إلا خادماً لرواده من حاشية السلطة إلى عباءات النفط العربية. أنا ابن الطبقة المتوسطة لم تُثرني ابتسامات متموّلي الوطن. فما زلت أسير بضع دقائق نقلت لنا بعضاً من واقع لبنان خلف الستار. هي فقرة من برنامج يعرض على قناة الجديد نقلتنا إلى عكار في ميتم يعيش أيتامه الـ140 على الخبز والمياه. ما زال هنالك سؤال يتبادر إلى ذهني: أولئك الأطفال ليسوا بلبنانيين؟ أليس لبنان وطناً لجميع أبنائه؟ كيف أكون مواطناً في وطن لا يعترف بمواطنيتي؟
اعذروني فأنا اللبناني منذ عشر سنوات، متمتع بحقوقي المدنية والسياسية استناداً إلى حصة طائفتي من هذا الوطن، وأسدد كل الضرائب، حتى إنني أخشى تجاوز الضوء الأحمر «لأنّو ما عنّا واسطة»، وقد نفرت من لبنانيتي.
فهذا الوطن الذي نعلّق عليه آمالنا وأحلامنا، ونسعى جاهدين إلى تحسين ظروف معيشة اللبنانيين وغيرهم فيه تجنباً لشبح الهجرة أو التطرف، عاجز أو حتى متقاعس عن اعترافه بنا وبحاجاتنا كلبنانيين.
غفل زعماء الطوائف عن هموم المواطنين. صادروا حقوقنا بخطاباتهم المتزلفة المنافقة. وعدونا بمستقبل زاهر وبحياة رغيدة. واليوم لبنان السياحة على حافة الهاوية. فهناك المعلمون وقبلهم السائقون العموميون وقبلهم الكهرباء والضمان و... بينما الكروش تتدلى باسم الشعب، والشعب غافل عن الحقيقة.
لا... الشعب متواطئ مع سجّانه، فكيف بلبنان أن يكون وطننا ونحن خراف للوالي.
عاصم ترحيني