خالد صاغيةفي خطوة تعكس سَهَر الحكومة على راحة المواطن، خاض وزير الإعلام طارق متري مفاوضات وصفها بالشاقّة مع كل الأطراف المعنيّة، من أجل تأمين مشاهدة اللبنانيّين لجميع مباريات كأس العالم. وفي تصريح لافت بمدلولاته، أعلن متري أنّ «همّنا أن نضمن أن يشاهد جميع اللبنانيّين بطولة العالم دون تحمّل أيّ عبء مالي».
والواقع أنّ ما من أحد يستطيع التقليل من شأن أهمية المونديال بالنسبة إلى الغالبية العظمى من اللبنانيين. والجميع يعرف أهمية كرة القدم بالنسبة إلى هذه الحكومة بالذات، وخصوصاً أنّ رئيسها وبعض أعضائها لم يجدوا وسيلة تقرّبهم من الناس إلا الانخراط في مباراة ودّية، سرعان ما ضاعت كلّ معانيها.
لكنّ الجديد في الأمر هو اهتمام الحكومة بشؤون الناس، وحرصها على تأمين مطالبهم الحيويّة دون تحميلهم «أي عبء مالي». فلنقم إذاً بتمرين بسيط، ونؤلّف بعض التنويعات على جملة متري المذكورة أعلاه.
ماذا لو أعلنت الحكومة مثلاً:
«همّنا أن يتمتّع جميع اللبنانيين بضمان صحي دون تحمّل أي عبء مالي»...
«همّنا أن يحصل جميع اللبنانيين على التعليم الأساسي والجامعي دون تحمّل أي عبء مالي»...
«همّنا أن ينعم جميع اللبنانيين بالأمن دون تحمّل أي عبء مالي»...
«همّنا أن يحصل جميع اللبنانيين على الكهرباء 24 على 24 دون تحمّل أي عبء مالي»...
«همّنا أن يحصل جميع اللبنانيين على مياه نظيفة تسيل من حنفيات منازلهم دون تحمّل أي عبء مالي»...
«همّنا أن يشاهد جميع اللبنانيين حدائق عامة في مدنهم دون تحمّل أي عبء مالي»...
«همّنا أن يتمتّع جميع اللبنانيين بتلفزيون لبنان متقدّم وممتع، تلفزيون الدولة وصوت الإجماع العابر للطوائف، دون تحمّل أي عبء مالي»...
وحين يقال «دون تحمّل أي عبء مالي»، يُقصَد من ذلك دون تحميل عامّة اللبنانيين أعباءً مالية إضافية لما يدفعونه أصلاً من رسوم وضرائب. وهذه ليست مطالب تعجيزيّة. إنّها الحدّ الأدنى الذي لا يمكن الدولةَ أن تبرّر وجودها من دون تأمينه، اللهمّ إلا إذا تحوّلت إلى جهاز بيد نادٍ لرجال الأعمال وحاشيتهم، يستخدمونه كي ينهبوا ما يرغبون في نهبه، فيما المواطنون مسمّرون على الشاشات يتابعون آخر مباريات المونديال.