مشاهد يوميّة من الطّرقات
أصبحت حوادثُ السّير على الطرقات الرئيسية نظاماً يوميّاً لا مفرّ منه نتيجة العدد الكبير من السيارات والآليات الكبيرة التي تسير بسرعة جنونية، فتفقد السيطرة ويصعب عليها تخفيف سرعتها من دون وقوع حوادث أغلب الأحيان وإحداث زحمات سير خانقة تجتاحُ مكانَ الحادث فوراً. كذلك فإنّ الفانات الصغيرة عندما تتسابقُ لاصطياد الركاب الواقفين على جوانب الطرقات، تفاجئُ السيارات التي تسير خلفَها، فتضطرّ السياراتُ إلى أن تحرف زاوية اتجاهها بسرعة حتى تتجنّب الحادث، لكنّ شياطينه جاهزة دائماً! زحماتُ السّير تُلاحَظ بالعين، ومن قال إنّها لا تُسمعُ بالأذن أيضاً! فسائقو الفانات والسيارات العموميّة مثلاً لا يتركون شتيمة من مختلف العيارات والأوزان إلا يتلفّظون بها على مسمع من الركّاب والعمّال الواقفين على طول الطريق لحفرها أو إصلاحها بعد طول غياب! ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هؤلاء العمّال كثيراً ما يحلو لهم العمل نهار الاثنين صباحاً دون غيره من الأيّام، فلا تقع زحمةُ سير، إلا تراهم يتقاسمون الطريق معك، فتقول: «الله يعطيهم العافية»، وبضع كلمات بصوت خافت!
م. مصطفى كلاكش (عنقون)

■ ■ ■

فراس ليس وحده

لم يكن فراس حيدر أول المسافرين عبر غرفة عجلات الطائرة، فقد سبقه إلى ذلك كثيرون، منهم فلسطيني، سافر من كوالالمبور إلى سنغافورة، وآخر بولندي، سافر من النمسا إلى لندن. إذاً ليس غريباً ما فعله الشاب العشريني فراس حيدر، بل الغريب هو حالة وطن يخاطر أبناؤه بحياتهم للتخلص من جحيمه. كل جهابذه السياسة ومحلّليها، الذين يفهمون طبعاً بكل شيء، فاتَهم أنّ فراس حيدر هو إنسان، ولم يأتِ من كوكب آخر، وأن حياته ومستقبله يجب أن يكونا من أولويات مسؤولي هذا الوطن المزرعة، وليست الأولوية لإحكام الطوق على المطار، لأنه لو وضعوا كاميرات العالم بأسره، وأحاطوه بأعلى الجدران، فلن يمنع ذلك من وصول فراس حيدر آخر، لأن المشكلة الحقيقية هي في الفقر وانسداد الأفق أمام مستقبل أيّ إنسان لبناني، وليست المشكلة في الأمن وما رافقه من مزايدات.
جاد...