خالد صاغيةانتهت مؤقّتاً ذيول غضب الأهالي على اليونيفيل. عُقدت اجتماعات متفرّقة شارك فيها الشعب والجيش والمقاومة، إضافة إلى القوّات الدوليّة. ووجّه بعدها قائد اليونيفيل الجنرال الإسباني ألبرتو أسارتا كويباس رسالة مفتوحة إلى الجنوبيّين. الرسالة المهذّبة تطلب من الأهالي مساعدة الجنود الدوليّين واعتماد الحوار من أجل حلّ المشكلات التي قد تنشأ جرّاء قيام اليونيفيل بعملها. وإذ قال أسارتا إنّه يصعب استمرار وجود اليونيفيل من دون دعم الأهالي، فقد رأى أنّ «وجودنا في لبنان بعيداً عن ديارنا لا يراد منه غير مساعدتكم على العيش بسلام».
لعلّ المشكلة الحقيقيّة تكمن في هذه العبارة بالذات. فصحيح أنّه لا أحد من الأطراف كافّة يريد لليونيفيل الانسحاب من جنوب لبنان: لا حزب اللّه، لا الأهالي، ولا إسرائيل، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ العلاقة بين اليونيفيل واللبنانيّين لا يمكنها أن تكون سليمة وودّية مئة في المئة. ذلك أنّ الجميع يعرف أنّ اليونيفيل المعزّزة بعد حرب تمّوز 2006، لم تتّخذ شكلها الحالي لحماية لبنان، بل لحماية إسرائيل. هذا لا يعني أنّ لبنان ليس أكثر أمناً بوجود اليونيفيل، لكنّه يعني أنّ المساهمة في حماية لبنان، إن وُجدت، هي مجرّد أثر جانبيّ للمهمّة الأصليّة التي هي حماية إسرائيل.
الزعماء الغربيّون الذين أرسلوا قوّاتهم إلى الجنوب بعد حرب تمّوز أعلن بعضهم صراحةً أنّه يفعل ذلك لضمان أمن إسرائيل. تكفي مراجعة خطاب المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل آنذاك. أمّا رئيس الوزراء الإسباني، خوسيه لويس ثاباتيرو، فانتظر حادثة أسطول الحرية ليربط مصير الغرب بمصير إسرائيل. يضاف إلى ذلك الهلع الذي أصاب ممثل الأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، والرئاسة الفرنسية، ومجلس الأمن الدولي، جرّاء رشق آليات بالحجارة، وهو ما لم يصابوا به حين أصيبت الآليات نفسها بنيران إسرائيلية.
لا طائل من إعلان أسارتا أنّه موجود هنا من أجلنا. فالجميع يعرف، كما أعلن حسن نصر اللّه في مهرجان الانتصار، «أنّهم يخجلون بنا». لن تحرّك الجيوش الغربيّة جنودها من أجل الجنوبيّين. يحرّكونها من أجل من يعدّونهم قاعدتهم الغربيّة في المنطقة. أمّا نحن، فيصيبنا من حسن تصرّفهم ما يصيب الشعب الأفغاني حين يرضخ جيش الاحتلال هناك لنصائح الأنثروبولوجيّين. فهرِّجوا لنا قليلاً، ولا تنسوا بابا نويل في أعياد الميلاد.