خالد صاغيةفي هذا الوقت بالذات، وقت كتابة هذه السطور، تلعب هولندا ضدّ الأوروغواي. المباراة قويّة وسريعة. والهدفان اللذان دخلا حتّى الآن، جاءا من كرات بعيدة وغير متوقّعة. هولندا لم تبلغ الدور النهائي منذ 1978، والأوروغواي هي الفريق الأميركي اللاتيني الوحيد المتأهّل إلى الدور نصف النهائي. لم يبقَ من الكبار التقليديّين إلا ألمانيا التي تواجه إسبانيا اليوم.
لكن، ما لي ولهذه الأخبار. فأنا مضطرّ الآن إلى كتابة هذا التعليق، كأنّ الكتابة أهمّ من المباراة نفسها. ربّما كانت لي أسبابي للاقتناع بذلك. لكن، سيكون صعباً عليّ الضحك على من سيقرأون هذه الزاوية، فأخترع موضوعاً للكتابة أدّعي أنّه أكثر جدارة بالمتابعة من كرة القدم.
فماذا يجري في العالم اليوم؟
الرئيس الأميركي باراك أوباما، مثلاً، يقول إنّه مقتنع بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «سيجازف» من أجل السلام. لم يوضح أوباما نوع المجازفة. هل سيقتل نتنياهو أطفالاً أقلّ؟ هل ستكفّ جرّافاته عن هدم البيوت؟ هل سيفرج عن الأرزّ ويبقي الحصار على الطحين؟ هل سيضغط على أحد كي يخرج من بيت ليس له؟ هل سيقبل بالتفاوض مع سلطة فلسطينيّة مستعدّة للتنازل عن كلّ شيء... تقريباً كلّ شيء؟
هل سأترك المباراة فعلاً كي أكتب عن نتنياهو «المجازف»؟
أخبار باريس أكثر جاذبيّة. النواب الفرنسيون منكبّون على دراسة مشروع قانون بشأن حظر النقاب في الأماكن العامة. منظمة العفو الدوليّة دعت النواب إلى رفض الحظر، معتبرة أنه «يمثّل انتهاكاً لحرية التعبير والديانة». لكنّ اليسار الفرنسي قرّر عدم معارضة المشروع! وزيرة العدل الفرنسية ميشال إليو ماري قالت: «إنّ العيش في الجمهورية يتمّ بوجه مكشوف... تغطية الوجه ورفض الانتماء إلى المجتمع يمثّلان أساس التقوقع الطائفي».
«العيش في الجمهورية يتمّ بوجه مكشوف»... يا لها من عبارة في جمهوريات لا شيء فيها يكشف عن وجهه. عقوبة ارتداء الحجاب الكامل: 150 يورو، أو دورة مواطنة!
دورة مواطنة. سيخلعون حجاب امرأة، ثمّ يعلّمونها على المواطنة. هذا موضوع يستحقّ التعليق. لكنّي مشغول الآن. مشغول بتغيير أسس الجمهوريّات من أصلها. فالمعلّق صرخ للتوّ: هذه الكرة ستغيّر التاريخ. هدف آخر لهولندا.