إعداد وترجمة: ديما شريفيستعدّ الأميركيون للانتخابات النصفيّة التي ستجرى بعد أيّام، والتي تُعدّ بمثابة استفتاء على الحزب الحاكم. ما هو السبب الذي سيدفع الناس إلى اختيار مرشحي الحزب الديموقراطي أو منافسيهم من الحزب الجمهوري؟ هل هو برنامج الرعاية الصحية؟ الحرب في أفغانستان والعراق؟ رزمة التحفيز المالية أو نسبة البطالة؟ يعتقد البعض، ومنهم الحائز جائزة نوبل للاقتصاد بول كروغمان، أنّ الوضع الاقتصادي السيّئ الذي بدأ في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، والذي لا تزال تتخبّط فيه الولايات المتحدة، سيكون ناخباً أساسياً، وأنّ عدم تحقيق رزمة التحفيز سيلحق الهزيمة بالديموقراطيين. لكنّ أصواتاً أخرى تؤكد أنّ الاقتصاد لم ولن يكون حافزاً للأميركيين كي يقترعوا

حرب الطبقات



ريتشارد فلوريدا *
الانتخابات النصفيّة على الأبواب، والديموقراطيون في ورطة. ويسود اعتقاد لدى الجميع بأنّ الاقتراع سيكون استفتاءً على إشراف إدارة الرئيس أوباما على الاقتصاد. قسم كبير ممن انتخبوا أوباما في 2008 يعدّدون اليوم الاقتصاد والوظائف كأسباب رئيسية لتصويتهم هذه السنة للجمهوريين، وفق استطلاع للرأي أجرته «أسوشيتد برس» في 17 تشرين الأول الجاري. تقول مثلاً المحلّلة لمجلة «نيوزويك» إلينور كليفت إنّه «يجب على الرئيس التركيز على الاقتصاد إذا كان يريد أن يساعد نفسه وحزبه». الفكرة الأساسية هنا، التي يروّج لها المنتقدون والمحللون السياسيون، هي أنّ الجو السياسي الحالي يظهر تقلبات الاقتصاد. نصل هكذا إلى «نظرية الدورية» الخاصة بالسياسة الأميركية [تفسر التقلبات في السياسة والاقتصاد وغيرها من العلوم الإنسانية]. وفي الحقيقة، قبل عقود عدّة، نشر عالم السياسة دوغلاس هيبز نظرية «دورة السياسة الاقتصادية» التي تقول إنّ للتحركات الاقتصادية تأثيراً كبيراً على الانتخابات الأميركية.
لكن، هناك نظريات أخرى تقول إنّ السياسة الأميركية تدفع إلى بروز تغيرات بنيوية في الاقتصاد والمجتمع. في كتاب «ولاية حمراء، ولاية زرقاء، ولاية غنية، ولاية فقيرة» المهم، كشف الأستاذ في جامعة كولومبيا آنذرو جيلمان وزملاؤه عن تناقض يؤكد وينفي في الوقت نفسه الحكمة التقليدية حول الانتخابات الأميركية. فاكتشف أنّه، في الوقت الذي يصوّت فيه الأغنياء مع الجمهوريين، فإنّ الولايات الغنية تميل إلى الديموقراطيين. ويصحّ العكس أيضاً. وفيما يصوّت أغلبية الفقراء لمصلحة الديموقراطيين، فإنّ الولايات الفقيرة تميل إلى مصلحة الجمهوريين.
نسخة ثانية عن هذه المقاربة البنيوية عرضها جون جوديس وروي تيكسيرا في «الأغلبية الديموقراطية الصاعدة». إذ أكدا أنّ تنامي اقتصاد ما بعد الثورة الصناعية أمال الكفة لمصلحة الديموقراطيين الذين كسبوا المزيد من التأييد في الضواحي الغنية، مع استمرار حصولهم على تصويت الفقراء والأقليات.
الرؤية الثالثة لهذا الموضوع مصدرها الأستاذ في جامعة ميشيغان رونالد انغلهارت الذي يدرس في «استطلاعات القيم العالمية» التغيّر في الثقافة السياسية، من التوجهات التقليدية الدينية والمادية التي سادت في عصر الثورة الصناعية إلى قيم ما بعد المادية التي تتميز بالتعبير عن النفس، والانفتاح على التنوع، العلمانية، والاهتمام بالمصلحة العامة مثل البيئة.
تعكس هذه النظريات النقاش الدائر حول الاقتصاد: هل ستحدد عوامل «الدورة السياسية» القصيرة الأمد نتائج الانتخابات النصفية، أم أنّ الموضوع يتعلق بعوامل بنيوية أعمق؟
بمساعدة زميلتي شارلوت ميلاندر، قررت أن أدرس الموضوع على نحو تجريبي. وضعنا أمامنا سلسلة متغيرات دورية مثل نسبة البطالة وتبدلها منذ بدء الأزمة الاقتصادية، وكذلك أسعار المنازل وتغيرها منذ انفجار الفقاعة. وفي الجهة المقابلة، تناولنا عوامل بنيوية أساسية مثل الدخل (وفق جيلمان)، قيم ما بعد الثورة الصناعية (وفق جوديس وتيكسييرا) مع قياس انتشار وظائف الطبقة المبدعة مقابل وظائف الطبقة العاملة، قيم الما بعد مادية السياسية (وفق انغلهارت) ومن ضمنها انتشار الدين والانفتاح على المهاجرين والمثليين والمثليات.
حصرنا تحليلنا على مستوى الولايات، مستخدمين معلومات مستطلعة من أجل سباق منصب الحاكم ومجلس الشيوخ في كل البلاد، استقيناها من صحيفة «نيويورك تايمز». أجرينا تحليلاً علائقياً بسيطاً وقارنّا النتائج المتوقعة للانتخابات الحالية مع تلك التي حصل عليها أوباما وماكين في السباق الرئاسي في 2008.
رغم أنّ اقتصادنا يشهد «إعادة صياغة»، يبقى السؤال مفتوحاً بشأن حصول إعادة اصطفاف سياسيّة
هذا النوع من التحليل يشير فقط إلى العلاقة بين العوامل ولا يتعرف على أي نمط سببي، ويمكن بالطبع أيَّ عوامل أخرى أن تدخل فيه. ولهذه الأسباب، ننصح بعدم تعميم نتائج هذا التمرين كثيراً. لكن رغم ذلك، فإنّ الأنماط التي يشير إليها مثيرة جداً للاهتمام.
رغم كل صخب «إنّه الاقتصاد، يا غبيّ»، وجد تحليلنا سنداً تجريبيّاً ضعيفاً للبيئة الدورية. لم يكن هناك ارتباط إحصائي بين نسبة الناخبين الذين يميلون إلى الديموقراطيين أو الجمهوريين في انتخابات مجلس الشيوخ والحكام والعوامل الدورية الأساسية (نسبة البطالة، التغير في نسبة البطالة، قيمة المنازل أو التغيير في قيمة المنازل). لا يعني هذا أنّ هذه العوامل ليست مهمة في الهامش المدروس، إذ تفيد المعلومات من استطلاعات الرأي أنّ العديد من الأشخاص يغيرون تصويتهم الديموقراطي في 2008 إلى تصويت جمهوري في هذه الانتخابات. فمن المرجح أن تعتمد هذه الانتخابات على العوامل البنيوية. لقد وجدنا علاقات إحصائية مهمة بين معظم المتغيرات البنيوية في تحليلنا ونسبة الناخبين الذين يميلون إلى الديموقراطيين أو الجمهوريين في انتخابات مجلس الشيوخ
والحكام.
* الدخل: صوّتت الولايات ذات الدخل المرتفع لمصلحة أوباما في 2008، فيما صوّتت الولايات ذات الدخل المنخفض لماكين. وتستمر هذه النزعة اليوم، حتى في ظل التعثر الاقتصادي الحالي.
* الطبقة: أدّت الطبقة دوراً في انتخابات 2008 الرئاسية، وتستمر في ذلك في الانتخابات الحالية. الولايات التي فيها طبقات مبدعة انتخبت أوباما في 2008، والولايات ذات الطبقات العاملة انتخبت ماكين، ويستمر ذلك إلى اليوم. وفي الوقت الذي ينتخب فيه بعض أفراد الطبقات المبدعة الجمهوريين ويصوّت أفراد الطبقات العاملة للديموقراطيين، فإنّ الأنماط على مستوى الولايات تظهر استمرار بروز الطبقات في السياسة الأميركية.
* قيم ما بعد المادية: الانتقال من القيم التقليدية والدينية إلى أخرى علمانية، هو مؤشر كبير على الثقافة السياسية لما بعد المادية. في 2008، صوّتت أكثرية الولايات المتدينة لماكين، وقلّة منها لأوباما، ويستمر هذا النمط إلى اليوم.
من الجمهوري توم تانكريدو، المرشح لمنصب حاكم كولورادو، إلى الجمهوري أيضاً كارل بالادينو المرشح لمنصب حاكم ولاية نيويورك، تبرز كثيراً قضايا الهجرة وحقوق المثليين، التي تبقى خلافية في السياسة الأميركية. نستخدم الانفتاح تجاه المهاجرين والمثليين والمثليات (وفق النسبة بين المواطنين) كتدابير تفويضية عن الانفتاح، وهي مؤشر هام على قيم ما بعد المادية. صوّتت الولايات ذات النسبة الأعلى من المثليين والمثليات والمهاجرين لأوباما في 2008، فيما انتخبت ماكين الولايات ذات النسب الأقل. وتستمر هذه الأنماط إلى اليوم. ومن الواضح أنّ الانفتاح يبقى عاملاً أساسياً في السياسة على مستوى الولايات.
رغم كل الاهتمام الذي أعطي لتأثير الظروف الاقتصادية الحالية على الانتخابات النصفية المقبلة، فإنّ العوامل البنيوية تبقى المحور المركزي الذي تدور حوله السياسة الأميركية. نعم، إنّ الولايات الغنية ستصوّت على الأرجح للديموقراطيين، فيما ستنتخب الولايات الفقيرة الجمهوريين. لكنّ الأمر يتخطى قضية المال. الولايات التي انتقلت إلى اقتصادات تعتمد على طبقات مبدعة ومعرفية ستكون على الأرجح زرقاء (ديموقراطية)، فيما ولايات الطبقة العاملة ستكون حمراء (جمهورية). يتوافق ذلك مع ما قاله عضو مجلس الشيوخ الجمهوري الأسبق توم دايفيس بأنّ «النمو الاقتصادي يعمل»، أي أنّه يحوّل المناطق التي يحصل فيها إلى قلاع ليبرالية منفتحة. بالتزامن مع هذا التصريح والتحوّل الذي تحدث عنه انغلهارت تجاه قيم وثقافة ما بعد المادية، فإنّ الولايات ذات النسبة العالية من المهاجرين والمثليين والمثليات ستستمر في أن تكون ديموقراطية.
تؤدي العوامل الدورية دوراً في الانتخابات، واقتراع الأسبوع المقبل ليس استثناءً. إذا استفاد أوباما من حماسة الطبقات المبدعة في 2008، فإنّ الظروف الاقتصادية خففت ذلك مما لا شك فيه اليوم. عبّر المثليون والمثليات علناً عن خيبة أملهم من فشل أوباما في التحرك ضد قانون «لا تسل، لا تقل»، وهو غضب قد يظهر في أن تكون أعداد الناخبين قليلة يوم الانتخابات. وبالطبع، فإنّ شعور معاداة السياسيين في أوجه اليوم. وشعار «اطردوا المتسكعين» ينطبق أكثر على الحزب الحاكم.
تعاد صياغة السياسة الأميركية دوريّاً عبر «الاصطفافات الحساسة» التي تحدث عنها منذ زمن والتر دين برنهام، مثل انتخابات 1896 و1932. هذه الاصطفافات السياسية تغيّر ميزان القوى بين الأحزاب، وتؤمّن بذلك أسس التغيير السياسي الكبير الذي يساعد الأمة على تحسين التغيّر الاقتصادي البنيوي. رغم أنّ اقتصادنا اليوم في خضم «إعادة صياغة» كبيرة، يبقى السؤال مفتوحاً بشأن حصول إعادة اصطفاف سياسية.
العلاقة بين ولايات الطبقات المبدعة والديموقراطيين، وولايات الطبقات العاملة والجمهوريين، هي كسر واضح للنمط القديم المرتبط بالـ«نيو ديل» وفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. لكنّ من الواضح أنّ ارتباط الحزبين بالمصالح الخاصة منذ زمن يعوقهما. عبر الاحترام الزائد تجاه التيار المحافظ اجتماعياً والتطرف المعادي للولايات، فإنّ الجمهوريين عاجزون عن جذب الطبقات المبدعة على نحو كبير، رغم أنّ عدداً من أعضاء هذه الطبقة يميلون إلى الفردية والتيار المحافظ مالياً.
في هذا الوقت، فإنّ الديموقراطيين لا يزالون أسرى لعقدة «العقارات ـــــ التمويل ـــــ صناعة السيارات»، التي كانت أساس النظام القديم. كما قال الباحث في «معهد كاتو» برينك ليندسي منذ سنوات «هنا، في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أيديولوجيات اليسار واليمين المتخاصمة تطمح للعودة إلى الخمسينيات. الفارق الوحيد فقط هو أنّ الليبراليين يريدون العمل في تلك الحقبة، فيما يريد المحافظون أن يسكنوا فيها». سيأتي اصطفاف سياسي فقط حين سيتمكن أحد الحزبين الرئيسيين من التخلص من المصالح التي تربطه بالماضي، وتطوير برنامج عمل يتوافق مع المستقبل.
حتى تحقيق ذلك، ستبقى الولايات المتحدة عالقة في أزمتها الحالية، تترنّح بين الدورات الاقتصادية السياسية في الوقت الذي تفشل فيه بالتطرق إلى التحديات البنيوية العميقة التي تواجهها. كما ستبقى عاجزة عن تطوير الإصلاحات المطلوبة، السياسات الاقتصادية الجديدة، والاستثمارات في البنى التحتية الضرورية من أجل جولة جديدة من الازدهار الكبير.
* عن مجلة «ذا أتلانتيك»

السقوط في الهوّة



بول كروغمان *
هذا ما يحصل حين تحتاج إلى القفز فوق هوة اقتصادية، لكنك لا تستطيع أو لا تريد أن تقفز. عندها، لا تبلغ نهاية الطريق.
إذا اتضح أنّ نتائج الديموقراطيين سيئة ـــــ كما يتوقع العديدون ـــــ في انتخابات الأسبوع المقبل، فسيسارع المنتقدون إلى تفسير النتائج كأنّها استفتاء على الأيديولوجيا السائدة. سيقول عديدون إنّ الرئيس أوباما اتجه إلى اليسار بقوة، وإن كان برنامجه الفعلي محافظاً أكثر من برنامجه الانتخابي. وهذا ما تجلّى في برنامج الرعاية الصحية المشابه لما اقترحه الجمهوريون في السابق، ورزمة التحفيز المالية التي لم تتضمّن سوى خفوضات ضريبيّة، ومساعدة العاطلين من العمل، وتقديم منح للولايات الفقيرة.
سيقول بعض المعلقين، عن حق، إنّ أوباما لم ينادِ كثيراً بسياسات تقدمية، وإنّه تجاهل مراراً رسالته الخاصة، وكان قلقاً جداً حيال إغضاب المصرفيين، فانتهى به الأمر إلى تقديم التنازلات تجنّباً للغضب الشعبي من اليمين.
لكنّ الحقيقة أنّه لو كان الوضع الاقتصادي أفضل، لو انخفضت البطالة انخفاضاً كبيراً خلال السنة الماضية، لما كنّا لنخوض في هذا النقاش. على العكس، كنّا لنتحدّث عن خسائر ديموقراطية متواضعة، لا تفوق ما يحصل عادةً في أي انتخابات نصفية.
القصة الحقيقية لهذه الانتخابات هي إذاً عن السياسات الاقتصادية التي فشلت في تحقيق نتائج. لماذا؟ لأنّها كانت غير ملائمة، كثيراً، للمهمة.
القصّة الحقيقيّة لهذه الانتخابات هي السياسات الاقتصاديّة التي فشلت في تحقيق نتائج
حين تسلّم أوباما منصبه، ورث اقتصاداً في وضع سيّئ. اقتصاداً أكثر سوءاً مما اعتقد هو ومستشاروه الاقتصاديون المهمون. كانوا يعرفون أنّ أميركا في خضم أزمة اقتصادية قاسية، لكن يبدو أنّهم لم يتعلموا من دروس التاريخ، وهو أنّ الأزمات الاقتصادية الكبيرة تليها عادةً فترة طويلة من البطالة الشديدة الارتفاع.
فلنعد إلى التوقعات الاقتصادية التي استخدمت في الأصل لتبرير خطة أوباما الاقتصادية. ما يلفت هو التفاؤل في هذه التوقعات بشأن قدرة الاقتصاد على معالجة نفسه. حتى دون خطتهم، توقع اقتصاديو أوباما أنّ نسبة البطالة ستصل في أقصى مدى لها إلى 9 في المئة، ثم تهبط بسرعة. كانت هناك حاجة إلى التحفيز المالي فقط من أجل التخفيف من حصول الأسوأ، أي كـ«رزمة ضمان ضد الفشل الكارثي»، كما قيل إنّ لورانس سامرز، الذي أصبح لاحقاً أهم اقتصاديي الإدارة، قد صرّح في مذكرة وجّهها إلى الرئيس المنتخب.
لكنّ الاقتصادات التي عانت من أزمات مالية حادة لا تشفى بسرعة في العادة. من أزمة 1893، إلى الأزمة السويدية في 1992، إلى عقد اليابان المفقود، تلت الأزمات الاقتصادية، دائماً، فترات طويلة من التعثر الاقتصادي. وهذا كان صحيحاً حتى في حالة السويد، حين تصرفت الحكومة بسرعة وحزم لإصلاح النظام المصرفي.
لتفادي هذا المصير، كانت أميركا بحاجة إلى برنامج أكثر قوة من ذلك الذي حصلت عليه، والذي اقتصر على زيادة طفيفة في الإنفاق الفدرالي كان بالكاد كافياً لتعويض الاقتطاعات على المستوى المحلي ومستوى الولايات. هذا ليس تفسيراً متأخراً، فضعف رزمة التحفيز كان واضحاً منذ البداية.
هل كانت الإدارة تستطيع الحصول على رزمة تحفيز أكبر عبر الكونغرس؟ وإن لم تكن تستطيع ذلك، هل كان من الأفضل السعي إلى خطة أكبر، عوض الادّعاء بأنّ ما حصلت عليه كان الصفقة الصحيحة؟ لن نعرف أبداً.
ما نعرفه أنّ ضعف رزمة التحفيز مثّل كارثة سياسية. بالطبع، الأمور اليوم أفضل مما ستكون عليه بدون «قانون الانتعاش وإعادة الاستثمار». كانت نسبة البطالة لتصل ربما إلى ما يقارب 12 في المئة لو لم تمرر الإدارة الخطة. لكنّ الناخبين يستجيبون للحقائق، لا إلى الواقع. والشعور الطاغي اليوم هو أنّ سياسات الإدارة فشلت.
الفاجعة هنا هي إذا انقلب الناخبون على الديموقراطيين. عندها، سيزيد تصويتهم الأمور سوءاً.
فالجمهوريون، الذين يشهدون اليوم عودةً، لم يتعلموا شيئاً من الأزمة الاقتصادية، سوى أنّ كل ما يستطيعون فعله لتقويض أوباما هو استراتيجية سياسية ناجحة. لا تزال الخفوضات الضريبية والتحرير من القيود أساس رؤيتهم الاقتصادية.
وإذا سيطروا على مجلس واحد، أو مجلسي الكونغرس، فسيكون هناك شلل تام في السياسات، ما يعني قطع المساعدات الضرورية جداً للعاطلين من العمل، وتجميد أي مساعدات إضافية للحكومات المحلية والولايات. السؤال الوحيد هو: هل سنشهد أيضاً فوضى سياسية مع تجميد الجمهوريين عمل الحكومة للسنتين المقبلتين؟ كلّ التوقعات تشير الى حصول ذلك.
هل هناك أي أمل بنتيجة أفضل؟ ربما، فقد يكون لدى الناخبين شكوك بشأن إعطاء القوة مجدداً للأشخاص الذين أوصلونا الى هذه الفوضى. وربما يؤدي الحضور الجمهوريّ، الضعيف في صناديق الاقتراع، إلى منح أوباما فرصة ثانية لقلب الاقتصاد.
لكن الآن، يبدو أنّ المحاولة الحذرة جداً للقفز فوق هذه الهوة الاقتصادية قد فشلت، ونحن على وشك الوصول إلى القاع.
* عن صحيفة «نيويورك تايمز»