خالد صاغيةيتحوّل مكتب وزير العدل إبراهيم نجّار إلى مستودع تُرمى فيه كلّ الملفّات التي لا طاقة للحكومة على مناقشتها. بدأ الأمر مع شهود الزور، وانتقل إلى مذكّرات التوقيف السوريّة. غداً، قد تُحال عليه مشاريع موازنتَيْ 2010 و2011، وربّما مشروع تأليف الهيئة الوطنيّة لإلغاء الطائفيّة السياسيّة.
برنامج العمل الجديد لوزير العدل ليس إلا دليلاً على الشلل الحكومي. لقد سقطت حكومة الوحدة الوطنيّة، سواء بقيت أو جرى تغييرها. فهي لم تتمكّن من إنجاز أيّ شيء، وغرقت في النكايات السياسيّة التي عرقلت حتّى المشاريع الجديّة التي امتلكتها قلّة من الوزراء. وحتّى لا يستمرّ المرء بالاختباء وراء إصبعه، ينبغي الاعتراف بأنّ هذه الحكومة لا يمكنها أن تستمرّ إلا بقوّة العجز.
فمن ناحية أولى، يقف على رأس هذه الحكومة سعد رفيق الحريري المتمسّك بالمحكمة الدولية التي يعرف تماماً أنّها ستصدر قريباً قراراً يتّهم حزب اللّه (أو بعض عناصره غير المنضبطين) باغتيال والده. أي إنّ رئيس الحكومة يقود فريق عمل يضمّ مَن تعتقد المحكمة الدوليّة أنّهم قتلة والده.
ومن ناحية ثانية، يشارك في هذه الحكومة وزراء من حزب اللّه وحلفائه الذين يعتقدون أنّ المحكمة الدوليّة التي يتمسّك بها رئيس الحكومة تحاول إلصاق جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالحزب إرضاءً لرغبة أميركيّة وإسرائيليّة في التخلّص من المقاومة. أي إنّ وزراء حزب اللّه يعملون بقيادة من يعتقدون أنّه ضالع، عن قصد أو غير قصد، في مؤامرة دوليّة للتخلّص منهم.
فإذا كان الوزراء عاجزين عن النظر بعضهم في أعين بعض، فكيف يُطلَب منهم أن يديروا بلداً؟ يتطلّب الأمر أكثر من رئيس توافقيّ وأكثر من جدول أعمال خالٍ من الدسم.
لا شكّ في أنّ فريق رئيس الحكومة بات مدركاً لهذه الحقيقة. لذلك، عاد شدّ العصب الطائفيّ لإثبات أن لا بديل من «زعيم السنّة» على رأس الحكومة، لا بل بات كبار الموظّفين الأمنيّين المقرّبين منه يتباهون بأنّهم يتحوّلون هم أيضاً إلى رموز للطائفة. وبعضهم لا يخجل من خلع النجوم عن كتفيه للمشاركة في البازار الطائفي تحت شعار «بناء الدولة».
لعلّ أخبث ما في الاستراتيجيا الطائفيّة أنّها غالباً ما تكون ناجحة، وخصوصاً حين لا تجد في مواجهتها إلا المرايا.