كأسلافه، وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض حاملاً وعوداً كبيرة يأمل تحقيقها في أول ولاية له. من ضمن هذه الوعود، كان أوباما يتحدث عن التوصل إلى حلّ لعملية السلام في الشرق الأوسط في خلال سنة أو سنتين من ولايته. ومع انتهاء المهلة الزمنية التي حددها أوباما لنفسه، وفشله في تحقيق أي تقدم ملموس، يجد الرئيس نفسه في مأزق. نتنياهو لا يتوانى عن السخرية منه علناً، ومحاولة الحصول على أكبر كمية من الرشى في مقابل أي تحرك ولو صغيراً تجاه الفلسطينيين. أما هؤلاء، وعلى رأسهم الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس، فيتخبّطون بين محاولة إرضاء الأميركيين والعرب متجاهلين الوقائع على الأرض

الرهان الكبير



جاكسون ديل *
يؤكّد الانهيار الأخير في مسار السلام في الشرق الأوسط حقيقة تجاهلتها إدارة أوباما منذ وصولها إلى البيت الأبيض. هذه الحقيقة هي أنّه لا الحكومة الإسرائيلية الحالية ولا السلطة الفلسطينية تشارك الإدارة شغفها بالتحرك سريعاً نحو حلّ الدولتين. ترك ذلك الرئيس أوباما أمام خيارين صعبين، فهو إما سيضع إحدى أهمّ أولويات سياسته الخارجية جانباً في الوقت الحاضر، أو سيطلق جهوداً أميركية أكبر، محفوفة بالخطر.
لقد تابع الإسرائيليون والفلسطينيون محادثات مباشرة بتقطّع في السنوات الثماني عشرة الماضية من دون التوصل إلى اتفاق بشأن بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن احتمال تجدد المفاوضات التي بدأت في أيلول الماضي انهار بعدما أجبرت إدارة أوباما على إعلان التخلّي عن جهدها الأخير لعقد صفقة مع حكومة نتنياهو حول المستوطنات. وافق نتنياهو في المبدأ على تجميد جزئي لمدة ثلاثة أشهر للبناء في الضفة الغربية، لكنّه طالب البيت الأبيض ببديل مكتوب، هو طائرات حربية متقدمة بقيمة 3 مليارات دولار. في هذا الوقت، أعلن الفلسطينيون، استباقياً، أنّ الصفقة لا يمكن أن تكون مناسبة لهم بما يكفي لعدم انسحابهم من المفاوضات، لأنّها لا تشمل القدس.
كما أوضحت في السابق، ليست المستوطنات مادة مناسبة لعقد صفقة بشأن الدولة الفلسطينية، لأنّ الطرفين يقبلان بحقيقة أنّ معظم هذه المستوطنات ستضمّ إلى إسرائيل في مقابل أراض في مكان آخر. لقد أصبحت القضية عقبة كبيرة بسبب تركيز أوباما الخاطئ عليها، ما أجبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس على اعتناق خط متشدّد.
لكن الحقيقة هي أنّ الإدارة أصبحت عاجزة عن سحب القضية من الطاولة، حتى بعدما عرضت رشى على أطباق من ذهب لإسرائيل في مقابل تجميد لتسعين يوماً. وهذا يعكس حقيقة أنّ الطرفين سعيدان بوجود عذر يمنعهما من التحادث.
عارض عباس مفاوضة نتنياهو منذ تسلّم هذا الأخير منصبه نهاية العام الماضي. وقال إنّه لا يؤمن بأنّ زعيم اليمين الإسرائيلي سيعرض شروطاً جديّة للسلام. لكن عباس رفض عرضاً جيداً من سلف نتنياهو، ولم يوضح شروطه الخاصة للتسوية. واليوم يجب أن يكون واضحاً أنّه في عامه الخامس والسبعين، وهو يفضّل أن يحكم ضفة غربية هادئة، على أن يذكره التاريخ بأنّه القائد الفلسطيني الذي اعترف اعترافاً نهائياً بالدولة اليهودية.
بذل نتنياهو جهداً ليظهر أنّه مستعدّ للمفاوضة بجدية على شكل الدولة الفلسطينية العتيدة. لكن الشروط التي تحدث عنها، وضمنها وجود إسرائيلي عسكري طويل الأمد في الضفة الغربية، تعدّ أكثر تشدداً من تلك التي رفضها عباس. كما أنّ اقتراح نتنياهو بأنّه قد يفكر في تنازل كبير مثل تقسيم القدس، قد يؤدي إلى انهيار ائتلافه اليميني.
يقول المسؤولون الأميركيون إنّهم سيستمرون في التواصل مع الطرفين بنحو منفصل، بدءاً باجتماعات في واشنطن مع مساعدين لنتنياهو وعباس. يقولون إنّهم سيضعون موضوع المستوطنات جانباً، وسيركّزون على موضوعات أكثر جذرية في الحلّ النهائي، كما كان القادة العرب يدعون في العلن والسر.
لكن لن يستطيع أوباما أن يحقق هدفه بالتوصل إلى اتفاق بشأن الدولة الفلسطينية بحلول آب المقبل عبر محادثات غير مباشرة. إذاً، يقدم له هذا المأزق خيارين. يستطيع أن يقلل خطواته وطموحات دبلوماسيته في الشرق الأوسط، وينحني أمام واقع أنّ الولايات المتحدة لا يمكن أن ترغب بالسلام أكثر من المعنيين أنفسهم، كما كان يقول وزير الخارجية الأسبق جيمس بايكر. سيعطي ذلك مسؤولي الولايات المتحدة وإسرائيل الوقت للاستمرار في العمل بصمت مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، الذي يحاول أن يبني مؤسسات ملموسة وقوى أمنية ضرورية للدولة.
الخيار الآخر سيكون أن يفعل أوباما ما أراده منذ البداية عباس والرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله، أي إعداد خطة أميركية أو دولية لدولة فلسطينية ومحاولة فرضها على الطرفين. يقول التاريخ (ومن ضمنه السنتان الماضيتان) إنّ الرهان الكبير سينتج فشلاً دبلوماسياً لأوباما وربما حرباً جديدة في الشرق الأوسط. لكن نظراً إلى افتتنان أوباما الشخصي بدبلوماسية الشرق الأوسط، هناك احتمال كبير أنّه سينفّذ هذا الرهان.
* عن صحيفة «واشنطن بوست»

الخروج من المستنقع



مارتن إنديك *
ماتت عملية السلام في الشرق الأوسط، لكن لا يبدو أنّ أحداً في حداد. انتهت عشرون شهراً من الجهود الأميركية لتجميد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي بهدف خلق بيئة مساعدة للمفاوضات إلى طريق مسدود. قلّة لاحظت إعلان إدارة أوباما الهادئ أخيراً أنّها أنهت هذا الجهد. انتقل تركيز واشنطن إلى مفاوضات واعدة أكثر مع الكونغرس حول تجديد الخفوض الضريبية. انتقلت إسرائيل إلى الاهتمام بالأزمة المقبلة، فضيحة جنسية في الشرطة هنا، وكارثة طبيعية هناك. الحياة في الضفة الغربية جيدة. هناك نمو بنسبة 11 في المئة، انخفاض في البطالة والشرطة الفلسطينية تحافظ على النظام. حتى في غزة، يسود جو طبيعي جديد، ولو في ظلّ حكم حماس القمعي. تستمر حماس، حزب الله وإيران بالوعد بأنّهم سيحررون فلسطين عبر العنف، لكنّهم في الوقت نفسه لا يفعلون شيئاً يعكّر الهدوء الحالي. وكشفت ويكيليكس أكبر سر في العالم: يهتمّ القادة العرب بالخطر الإيراني أكثر من القضية الفلسطينية.
هل يعود ذلك إلى أنّ الشرق الأوسط وجد طريقة ليستمر على قيد الحياة بدون عملية سلام؟ لو كان ذلك صحيحاً، تصبح حياة الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والقائد الفلسطيني محمود عباس، أسهل. سيعفون من اتخاذ القرارات السياسية الخطيرة التي قد تغيّر العلاقات بين العرب والإسرائيليين، لكنّها أيضاً قد تطيحهم. يستطيع الرئيس أوباما الحفاظ على رأسماله السياسي المتناقص. بإمكان السيد نتنياهو الإبقاء على ائتلافه المتصدع والتركيز على الخطر الإيراني. كما يستطيع السيد عباس أن يتجنب مفاوضات مع شريك إسرائيلي لا يراه جادّاً في مقابل حملة لنزع الشرعية عن إسرائيل وكسب اعتراف دولي بدولة فلسطينية.
في أوقات مماثلة، يعود خبراء عمليات السلام إلى نظرية الدراجة الهوائية التي سنرددها بحزن: «إذا لم تكونوا تضغطون على الدواسة إلى الأمام فأنتم ستقعون». هذا قول صحيح من دون شك. لم تتوقف ساعة إسرائيل الديموغرافية عن الدوران، والاحتلال المستمر يقوّض شرعيتها الدولية. لم تتخلّ حماس وحزب الله، بدعم من إيران، عن عزمهما على استخدام الإرهاب والعنف والتهديدات بتدمير إسرائيل للدفع قدماً بالأجندة الخاصة بهما. لن تؤدي الشرطة الفلسطينية في الضفة الغربية مهماتها إلى الأبد إذا كان الطريق الى الدولة المستقلة يبدو دائماً مسدوداً. كما أنّ القادة العرب المعتدلين مثل محمود عباس وسلام فياض، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، لن يستمروا في السلطة لفترة طويلة إذا لم يكونوا قادرين على البرهان أنّ محادثاتهم مع اسرائيل وبناء الدولة في الضفة الغربية يمكن أن يحقّقا التحرير من الاحتلال.
عوض التخلّي عن صنع السلام، سيكون من الحكمة استخدام الموت المبارك لهذه العملية التي تركز على المستوطنات على أنها فرصة لبناء طريق أفضل في تحقيق السلام الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني. كيف يمكن فعل ذلك؟
أولاً، يجب على الأميركيين أن يتراجعوا قليلاً. لقد أصبح الركض وراء الإسرائيليين لتحقيق التزامات «خريطة الطريق» ووراء الفلسطينيين للدخول في محادثات مباشرة، ذا نتائج عكسية.
تمنح واشنطن الوقت للأطراف كلها لإعادة النظر بالأولويات، لكنّها يجب أن تعود الى الأساس وتبتكر أسلوباً جديداً للمفاوضات. ويجب ألّا يتغير الهدف، اي حلّ الدولتين. لا يمكن تحقيق ذلك من دون تعريف الحدود التي تفصل بين الدولتين. إذاً يجب أن تكون المفاوضات المقبلة على الحدود. أما المستوطنات، وما يجب الفعل بشأنها، والأمن والاجئون والقدس، فتنبثق من حل مشكلة الحدود. يجب أن تكون العبارة «إنّها الحدود أيها الغبي».
يجب أن ترتكز أي مفاوضات بشأن الحدود على المبدأ الموجود في القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن، أي القرار الأساسي لعملية السلام. ويقول هذا المبدأ إنّ الحدود بين الدولتين يجب أن تعتمد على خط الرابع من حزيران 1967 مع تعديلات. يتوافق ذلك مع السياسة الأميركية في العقود الأخيرة. يجب على السيد أوباما أن يعلن ذلك في موقف أميركي قبل الدخول في مفاوضات الحدود.
يقود التركيز على الحدود بطبيعة الحال إلى الفكرة الأساسية في القرار الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي سعى إلى التعامل مع الصراع الدائر حول فلسطين. القرار طالب بتقسيم الأرض إلى دولتين، واحدة يهودية وأخرى عربية، مع نظام خاص في القدس، وحقوق متساوية وحماية متساوية وفق القانون لكل مواطني الدولتين.
لإطلاق مفاوضات جديدة، لماذا لا تعلن إسرائيل أنّها تعترف بدولة فلسطين العربية، وبحقوق متساوية لمواطنيها، ويطلب من منظمة التحرير الفلسطينية إعلان اعترافها بدولة إسرائيل اليهودية وبحقوق متساوية لمواطنيها؟ يستطيع الطرفان إعلان دخولهما في مفاوضات، من دولة لدولة، لتحديد الحدود بينهما. تستطيع الدول العربية عندها الترحيب باعتراف إسرائيل بدولة فلسطين العربية وأخذ خطوات خاصة بها للاعتراف بدولة إسرائيل اليهودية. هذه الخطوات المهمة قد تدفع المفاوضات قدماً عبر إعطاء كل طرف أمراً أساسياً يريده، أي الاعتراف المتبادل بالطموحات الوطنية.
في الختام، يجب على الأطراف كلها أن تلتزم التوصل إلى اتفاق حول الحدود بحلول أيلول 2011، لإقامة دولة فلسطين في الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، كما وعد السيد أوباما. بالطبع، ستكون هناك اعتراضات. لكن لا يمكن نقاش الحاجة لإيجاد طريق مبتكر للمضي قدماً. يجب العودة إلى الأساس، ودولتان من أجل شعبين وحدود متفق عليها نقطة جيّدة للبدء.
* عن «معهد بروكينغز»

المخادع



لارا فريدمان *
عبر صدّ مناورة إدارة أوباما الأخيرة المتعلقة بعملية السلام، لم يتراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقط عن اتفاقه مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. لقد رأى نتنياهو أنّ أوباما يخدعه. وقال للرئيس «أنا لا آخذك على محمل الجدّ، ولا أصدّق أنّه ستكون هناك أيّ نتائج لذلك».
هذا اختبار صعب لأوباما. وصل الرئيس إلى منصبه مع وعد بتحقيق السلام. عرّف السلام، تعريفاً صحيحاً، بأنّه في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. قال إنّه سيحمّل الطرفين مسؤولية أفعالهما.
يقع على عاتق الرئيس اليوم أن يبرهن أنّه لم يكن يخدع الجميع.
إذا فشل في هذا الاختبار، فستكون النتائج كبيرة. إنّ حلفاء الولايات المتحدة وأعداءها ينتظرون ما سيحصل. حتى الآن، لم يروا سوى رئيس عجز سنتين عن تحقيق تقدم ملموس في أهم أهداف سياسته الخارجية. يرون رئيساً ربط مباشرةً سياسته في الشرق الأوسط بمصالح الأمن القومي الأميركي، لكنّه تصرف كأنّ الولايات المتحدة عاجزة، لأنّه جوبه بألعاب وتكتيكات مماطلة من جانب الطرفين. يحتاج أوباما إلى أن يعترف، بعد سنتين في منصبه، بأنّ النيّات الحسنة والخطابات القوية لا تنفع في شيء. لقد استنفد حسن النية والميزة التي تمتع بها حين وصل إلى منصبه. اليوم، يجري الحكم على السياسة الخارجية عبر الأفعال والنتائج فقط.
إذا فشل أوباما في هذا الاختبار، فستكون الاستنتاجات مثيرة للقلق. استنتاجات سيجري التوصل إليها في طهران وبيونغ يانغ حين يحين وقت المفاوضة بشأن برنامجيهما النوويين، وفي موسكو حين سيجري التفاوض على الحد من الأسلحة، أو حتى في باريس ولندن في موضوع مصالح حلف شماليّ الأطلسي. تأثيراتها المحتملة أكثر تدميراً للأمن القومي الأميركي من فضيحة ويكيليكس. إنّ صدقية سياسة أوباما الخارجية كلّها على المحك.
مع الأزمة الحالية في الموضوع الإسرائيلي ـــــ العربي، لدى أوباما اليوم فرصة لتغيير سياساته الخاصة بالسلام، ولتغيير مسارها والبدء بمجانسة سياسته مع خطاباته. الواقع البسيط هو أنّ أوباما يستطيع التوصل الى اتفاق سلام إسرائيلي ـــــ فلسطيني إذا بدأ الطرفان بأخذه على محمل الجد. لن يحصل ذلك اليوم إلا إذا أوضح أوباما أنّ صبره نفد، وأنه مستعد ليكون قاسياً، وأنّه ستكون هناك نتائج لعرقلة سياسة أميركا الخارجية وتقويض مصالحها.
يجب ألا يُغشّ أحد، لن يكون هناك وصفة واحدة سحرية للمضيّ قدماً. ستكون «الخطة ب» فاشلة بقدر «الخطة أ» إذا فشل الرئيس في حشد النيّات السياسية لإجبار الطرفين على أخذه على محمل الجد. إنّ نجاح أو فشل سياسة الرئيس تعتمد أولاً وأخيراً على استعداده للضغط على الطرفين وجعلهما مسؤولين. وهذا صحيح في الحديث عن فرض الولايات المتحدة شروطها، وعرضها خطة سلام، وإدخالها حلفاءها الأوروبيّين والإقليميين في العملية للضغط على الطرفين، أو أيّ خيار آخر.
الأفكار التي يجري تداولها ليست خيارات، ومنها تبنّي مقاربة «إدارية» للصراع. ليس هناك «إدارة» في صراع يمكن، مع كلّ تطور جديد على الأرض، أن يشتعل ويزعزع استقرار المنطقة وما وراءها.
وبطريقة مماثلة، خيار التخلي مؤقتاً عن هذه السياسة بانتظار ظروف ملائمة أكثر غير متداول. يتعرض حلّ الدولتين، وهو الحلّ الأكثر قدرةً على الحياة في هذا الصراع والضروري لاستمرار إسرائيل ومصالح الأمن القومي الأميركي، للهجوم. إنّ غياب أيّ عملية للسلام موثوق بها يفتح الباب أمام العنف، ويقوّي من يدافعون عن استخدام القوة عوضاً عن المفاوضات. يسمح ذلك بتطوّرات تناقض حلّ الدولتين. مع عدم الاهتمام بهذه المخاطر، لن يستمر حلّ الدولتين على قيد الحياة الى الأبد.
كذلك يجب أن نكون واضحين. ففي الوقت الذي يجب فيه ألّا يكون تجميد البناء في المستوطنات شرطاً مسبّقاً لمفاوضات السلام، تبقى المستوطنات مهمّة. يخلق بناء المستوطنات حقائق جديدة على الأرض تجعل تحقيق حلّ الدولتين أصعب. كما يسحب الثقة من أيّ عملية سلام، ويرسل إشارة بأنّ إسرائيل ليست مهتمة بحل الصراع عبر المفاوضات، لكنّها تفضّل أمراً واقعاً أحادياً.
في النهاية، إذا تصرف الرئيس أوباما بحزم، يمكنه التأكد من أنّ رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يتلقى المديح لأنّه نعت أوباما بالمخادع، يواجه اختباره نفسه. لسنتين، تكلم نتنياهو بالسوء عن خطاب السلام وحل الدولتين، لكن أفعاله فضحت أكاذيبه. مع سياسة الأزمات، يمكن أوباما أن يبرهن للإسرائيليين أنّ نتنياهو يجر إسرائيل في طريق تؤدي فقط الى صدامات إضافية مع صديقتها الأقرب، الولايات المتحدة، ونحو عزلة إضافية ونزع للشرعية. عندها يمكن نتنياهو أن يوافق على البرنامج أو يواجه ما سينتج بالتأكيد من موجة معارضة داخلية.
حان الوقت للرئيس أوباما أن يصبح جدياً حيال السلام في الشرق الأوسط، من أجل مصالح الأمن القومي الأميركي وصدقية سياسته الخارجية حول العالم. العالم يشاهد وينتظر. ويبقى يأمل أيضاً.
* عن مجلة «فورين بوليسي»