أهم ما حملته الزيارة، بحسب مراقبين، هو الاجتماع الأمني الذي ضم تبون وماكرون
وحول التأشيرات الممنوحة للجزائريين، والتي قلّصت فرنسا نسبتها إلى 50% قبل أشهر، بحجّة «عدم تعاون قصر المرادية مع فرنسا في قضية المهاجرين غير القانونيين»، فقد قدّم ماكرون بعض الوعود، ولكنها توقّفت عند سقف «تسهيل منح التأشيرة لبعض الفئات، كالسياسيين والفنانين والممثلين وغيرها»، بالتالي الإبقاء على سياسة منح التأشيرة انتقائياً، على عكس ما كانت عليه الحال قبل جائحة «كورونا». أمّا بخصوص ملفّ الغاز، الذي اعتبرته وسائل الإعلام الفرنسية الهدف الأوّل من الزيارة، فقد أوضح ماكرون أن اعتماد فرنسا على الغاز لا يتعدّى 20% من حاجتها من الطاقة، وأن الجزائر لا تمثّل سوى 8 إلى 9% من إيرادات الأولى من هذه المادة، وعليه فإن الغاز الجزائري لا يغيّر التوازن.
وبالمجمل، تَمخّض عن الزيارة توقيع خمس اتفاقيات للتعاون والشراكة، إضافة إلى توقيع الرئيسَين على «إعلان الجزائر من أجل شراكة متجدّدة» بين البلدَين.
على أن أهمّ ما حملته الزيارة، بحسب مراقبين، هو الاجتماع الأمني الذي ضمّ تبون وماكرون، بحضور مسؤولي المؤسّسات الأمنية في البلدين. وعلى رغم عدم الكشف عن فحوى الاجتماع، فإنه يأتي في وقت يحاول النظام الجزائري التحكُّم في أبرز وجوه المعارضة الموجودة في الخارج، ومن أهمّها الناشط والمدون أمير ديزاد، وحركة «رشاد» ذات التوجّه الإسلامي، وحركة «الماك» التي تدعو إلى انفصال منطقة القبائل عن الجزائر، وكلتاهما يوجد كثير من أعضائها في فرنسا.
وفي تقييمه للزيارة، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي ناصر الدين جابي، أنه «لا ينتظر تحسُّن العلاقات بين الجزائر وفرنسا، على الأقلّ ليس قريباً»، معتبراً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الاتفاقيات المُوقَّعة لم تأتِ بالجديد، كونها مجرّد نسخ من اتفاقيات سابقة، ومن ذلك تلك المرتبطة بملفّ الذاكرة... وملف المفقودين». وإذ يلفت جابي إلى أن «لفرنسا لوبيات قوية تاريخياً يمكن أن تُدافع عنها على رغم ما تَبيّن من ضعف التنافسية لدى الطرف الفرنسي الذي لم يَعُد قادراً على مواجهة الفاعلين الاقتصاديين الحاضرين في السوق الجزائرية»، فهو يرى أن اهتمام فرنسا بملفّ الشباب مبرَّر، «في ظلّ الخيارات اللغوية التي انطلقت الجزائر في تبنّيها، بالعمل على تشجيع اللغة الإنكليزية بدل الفرنسية التي تعيش حالة انحسار في نفوذها وقوتها كقوّة استعمارية قديمة، في كلّ أفريقيا وليس الجزائر فقط».
أمّا على مقلب الأحزاب الجزائرية، فلم يكن للزيارة أيّ صدًى إيجابي، حيث رأى الحزب الإسلامي الأول في البلاد، «حركة مجتمع السلم»، أن زيارة ماكرون «كلّها شر»، بعدما نجحت باريس في الحصول على ما تريده من دون الإضرار بمصالحها. واعتبر رئيس «حمس» عبد الرزاق مقري، أن «إمضاء الرئيس الجزائري على البنود المتعلّقة بالذاكرة بالصيغة التي وردت بها هو إقرار بأن مسائل الذاكرة ليست يقينية بالنسبة للجزائر وأنها قابلة للنقاش، وهذا التوجّه هو توجّه فرنسي معلَن عنه قبل الزيارة»، الأمر الذي يعني برأيه خضوع الجزائر للإرادة الفرنسية.