طرابلس | بعثت المستشارة الأممية في شأن ليبيا، ستيفاني وليامز، برسائل شديدة اللهجة إلى جميع الفرقاء الليبيين، تُحذِّر فيها من عقوبات قاسية ستطال مَن يبادر إلى إشعال فتيل الاقتتال في البلاد. وشدّدت وليامز على عدم السماح بالعودة إلى الحرب الأهلية تحت أيّ مسمّى، ومِن أيّ طرف كان، مهما كانت قوّته العسكرية على الأرض. وجاءت هذه الرسائل التي وصلت عبر وسطاء في الأيام الماضية، اعتراضاً على تجدُّد الاشتباكات في طرابلس وفي مصراتة، وتزامنت مع تعثُّر جهود توحيد المؤسّسة العسكرية مجدّداً، على رغم الاقتراب من تحقيق هذا الهدف خلال الاجتماعات العسكرية المشتركة، حيث لا يزال الخلاف الرئيسيّ يتمحور حول مصير اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يرفض التخلّي عن قيادته للجيش، أو الاعتراف بأيّ وزير دفاعٍ له صلاحية إقالته من منصبه لاحقاً.وتركّزت التحذيرات التي نُقلت عبر أطراف عربية معنيّة بالملفّ الليبي على رفض استخدام القوّة، والتأكيد أن هناك رصداً مباشراً لأيّ عمليات تحشيد من شأنها تغيير الوضع القائم، ولا سيما دخول طرابلس عسكريّاً لإطاحة رئيس الحكومة المُقال، عبد الحميد الدبيبة. كما جرى التهديد بأن مَن سيقوم بهذه الخطوة «سيدفع ثمناً باهظاً، وسيخاطر بإقصائه ومؤيّديه من العملية السياسية مستقبلاً». كما تضمّنت الرسائل تجديد الأمم المتحدة دعمها الدبيبة للاستمرار في منصبه، لكن في الوقت نفسه دعوة إلى إقصائه عبر حلّ سياسي قائم على الحوار، وليس عبر أيّ حلٍّ يتضمّن استخداماً للقوّة. وكانت وليامز قد توعّدت، في مناسبات سابقة، بأنها ستطالب، ما لم يلتزم الجميع بضبط النفس، مجلس الأمن بفرض عقوبات على سياسيين موجودين في السلطة مهما بلغ نفوذهم، بما من شأنه تعويق أيّ مستقبل سياسي لهم في العملية الانتقالية، فضلاً عمّا سيعنيه ذلك بالنسبة إلى اضطرارهم للبقاء في الأراضي الليبية، وإمكانيّة خضوعهم للمحاكمة مستقبلاً.
ستطالب وليامز مجلس الأمن بفرض عقوبات على سياسيين موجودين في السلطة


ويُرجَّح أن تنتهي التحقيقات في الاشتباكات التي شهدتها طرابلس، وأدّت إلى مقتل 15 شخصاً على الأقلّ في الأيام الماضية، كسابقتها، من دون الوصول إلى نتائج يمكن محاسبة أيّ طرف عليها. وكان الدبيبة - الذي تُباشر حكومته سلطتها من العاصمة - قد أقال وزير داخليته، خالد مازن، وأحاله على التحقيق، وكلّف وزير الحكم بدر الدين التومي، تولّي المنصب، وتسيير الأعمال. وطلب الدبيبة من مستشاريه تقريراً كاملاً حول أسباب الاشتباكات وتبعاتها وهويّات الجهات التي شاركت فيها، علماً بأنه استُخدمت خلالها أسلحة متوسّطة وثقيلة للمرّة الأولى منذ فترة طويلة، وهو ما أثار مخاوف من تعرُّض أماكن مهمّة للسقوط في أيدي الميليشيات. كذلك، وقعت اشتباكات في مصراتة، واقتربت من المطار بين مؤيّدي الدبيبة ومؤيّدي رئيس الحكومة المكلّف من البرلمان، فتحي باشاغا.
وفي وقت لم تنجح فيه اللجنة العسكرية «5+5» في إرساء نوع من التفاهمات، يَبرز احتمال تَجدُّد المعارك في أيّ وقت، وخصوصاً في ظلّ حَشْد طرفَي الصراع قوات وأعداداً من المرتزقة لإثبات وجودهم في مناطق حسّاسة من البلاد. وهكذا، لم يَعُد استكمال الحوار السياسي لإنهاء المرحلة الانتقالية هو المحور الأساسي للجهود الحالية، بقدْر ما باتت المستشارة الأممية مشغولة بتثبيت الوضع على ما هو عليه، لتجنُّب تصعيد عسكري قد ينسف العملية السياسية من أساسها، على رغم التوافقات التي سُجّلت في الأسابيع الماضية بعد اجتماعات القاهرة وجنيف.