طرابلس | بعد اجتماعات ماراثونية استمرّت على مدى أكثر من أسبوع واختُتمت فجر الاثنين، فشل الأطراف الليبيون في التوافق على بنود الدستور، وتحديد إطار زمني للعملية السياسية في البلاد التي تعيش أزمات متعاقبة منذ تعثُّر إجراء الانتخابات في 24 كانون الثاني الماضي. وفيما لم تقرّ مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا، ستيفاني وليامز، بإخفاق الجولة الثالثة، والتي كان يفترض أن تكون الأخيرة من المفاوضات التي استضافتها العاصمة المصرية، فهي دعت إلى اجتماع يتحدَّد خلال 10 أيّام، ويجمع بين رئاسة مجلسَي النواب والأعلى للدولة، للتشاور حول عدد من الموضوعات التي تخصّ المرحلة الانتقالية، و«بحْث النقاط الخلافية العالقة»، مؤكدة أن اللجنة المشتركة أحرزت توافقاً حول العديد من المواد الخلافية في مسودة الدستور.ولم تحدِّد وليامز موعد الاجتماعات المقرّرة نهاية الأسبوع المقبل، والمتوقَّع أن تجرى في المغرب بعد توافق رئاسة المجلسَين، علماً أن الجزء الأكبر من المشكلة مرتبط برغبة الأطراف المشاركين في الحصول على امتيازات وحصانات خلال المرحلة الانتقالية، وهو الأمر الذي يواجه اعتراضات متبادلة من الأطراف المختلفين. وفي هذا السياق، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، استعداده للقاء رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، مجدّداً، لـ«مناقشة النقاط العالقة في المسار الدستوري، والسعي إلى حلّها»، بناءً على دعوة المستشارة الأممية.
في هذا الوقت، نجحت الاجتماعات السرية التي عُقدت في القاهرة على هامش الاجتماعات الدستورية، في تقليص الفجوة حول بعض المواد، فيما لم تُعرف النقاط المثيرة للجدل التي أدّت إلى إعلان المبعوثة الأممية رغبتها في الاجتماع برئاسة المجلسَين، لا سيما وأن هذه الاجتماعات ستعمل على حلحلة النقاط الخلافية قبيل دعوة اللجنة إلى الانعقاد مجدّداً في محاولة للوصول بالليبيين إلى صناديق الاقتراع في أسرع وقت. ووفق مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن اجتماعات اللجنة العسكرية «5+5» التي انعقدت في القاهرة، خرجت بعدّة توافقات مهمّة، في مقدّمها تسهيل التنسيق العسكري وعودته إلى ما كان عليه قبيل أزمة تشكيل الحكومتين، والاتفاق بشكل مبدئي على بحث مقترحات من شأنها توحيد الحكومة عبر اختيار اسم جديد يكون له حقّ تشكيل الحكومة الجديدة التي تكلف بتسيير الأعمال وإجراء الانتخابات، مع الإبقاء على الوضع العسكري على ما هو عليه من دون تغيير، في إشارة إلى وضع خليفة حفتر باعتباره قائداً للجيش مع أحقية كل من عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا بالترشّح إلى الانتخابات الرئاسية إذا رغبا في ذلك.
ومن التفاصيل التي جرت مناقشتها بشكل موسّع، عملية تفكيك الميليشيات والاتفاق على جدول زمني لإبعادها عن الأراضي الليبية، ودمج بعضها في القوات النظامية بعد تسوية أوضاعها ومراجعة ملفّ الحاصلين على الجنسية الليبية في السنوات الست الماضية. وتناولت التفاهمات العسكرية الشقّ المالي، بخاصّة في ظلّ رغبة المجموعة المحسوبة على خليفة حفتر في تبديد مخاوف أيّ عرقلة مالية في ما يتعلّق بموقف المصرف المركزي وعدم تحرّكه من أجل توفير الأموال اللازمة لدفع رواتب العسكريين، فيما جرى الاتفاق، بشكل مبدئي، على صياغة تسمح بهيكلة الجيش، وحلّ أزمة حظْر تصدير السلاح إلى ليبيا. وبحسب ما جرى التوافق عليه، فإن ثمة تحرّكات عسكرية سيتم خفض التصعيد فيها، لا سيما المناوشات التي تحدث عند أطراف طرابلس، مع تعهد بعدم محاولة فتحي باشاغا وحكومته الدخول إلى العاصمة بالقوّة.