نفى الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس، أن يكون معارضوه في مبادرة «مواطنون ضد الانقلاب» قد تعرّضوا إلى العنف أو التعذيب، على هامش الاعتصام المستمرّ منذ أيام الذي ينفّذه عدد من أعضاء المبادرة الرافضة لإجراءات سعيّد الاستثنائية التي اتّخذها في تموز الماضي، ويشمل إضراباً عن الطعام. وفيما اعتبر سعيّد أن هذه الاتهامات هي مجرّد «افتراء عليه»، اتّهم رئيس البرلمان المعطّل، مرة جديدة، سعيّد، بقيادة البلاد نحو الاستبداد والديكتاتورية.
يأتي هذا التصعيد بعدما كانت مبادرة «مواطنون ضد الانقلاب»، قد أعلنت عن دخول نواب برلمان وشخصيات عامة وسياسية وبعض أعضاء المبادرة، في إضراب عن الطعام، «رفضاً للتفرّد بالحكم وإخماد أصوات المعارضين»، على حدّ تعبيرها. وقد ندّدت الإثنين في بيان، بـ«جميع أنواع التضييق على هذا الإضراب المستمرّ لليوم السادس على التوالي، والمسّ بحقوق وحريات المضربين».

تعقيباً على ذلك، قال سعيّد خلال لقاء مع رئيسة وزراء بلاده، نجلاء بودن، وفق مقطع مصوّر بثّته الرئاسة التونسية عبر صفحتها على «فايسبوك»، إنه «من المؤسف حقاً أن بعض ممن كانوا في قصر باردو، أي مقرّ البرلمان المجمّدة أعماله، من المعتصمين ضدّ القرارات المتخذة في 25 تموز، يفتري ويقول إنه تعرّض للتعذيب أو العنف».

وتابع: «لهم حرية الاعتصام، إنّما التاريخ كشفهم وأزال أقنعتهم، ولا سيما بعدما رأيتُ صوراً لعدد من النواب الذين كانوا أمس يتصارعون ويتبادلون الشتائم في البرلمان، وقد أصبحوا اليوم في صفّ واحد»، لافتاً إلى أن هؤلاء «تقودهم المصالح لا المبادئ»، أمّا الحوار القادم فسيشمل «الصادقين الثابتين الذين لا يتلوّنون كل يوم».

ومنذ 25 تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية عقب إجراءات استثنائية اتّخذها الرئيس سعيّد، من ضمنها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة وتعيين أخرى جديدة.
وفيما ترفض بعض القوى السياسية والمدنية إجراءات سعيّد الاستثنائية، وتعتبرها «انقلاباً على الدستور»، فإن قوى أخرى تؤيّدها، وترى فيها «تصحيحاً لمسار ثورة 2011»، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي، (1987-2011). و«مواطنون ضد الانقلاب» مبادرة شعبية معارِضة للإجراءات، قدّمت مقترح خريطة طريق «لإنهاء الأزمة السياسية في تونس»، تتضمّن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في النصف الثاني من عام 2022‎.

«نحو الاستبداد»
من جهته، وصف رئيس البرلمان التونسي المعلّقة أعماله، راشد الغنوشي، أمس، إجراءات الرئيس بأنها استعادة لتجارب فاشلة، معتبراً أن البلاد تسير نحو «العودة إلى الاستبداد والإقصاء».

وقال الغنوشي، وهو أيضاً رئيس حزب «حركة النهضة الإسلامي»: «لو وضعنا الشعارات جانباً، فإن الواقع يشهد أننا نسير نحو الاستبداد، فيما عقلية الإقصاء لا تزال قائمة».

وتساءل الغنوشي خلال زيارته لحراك «مواطنون ضد الانقلاب»: «جرّبنا الإقصاء، فلماذا يريد الرئيس قيس أن يستعيد تجارب فاشلة؟».

وتابع: «يريد تونس بلا أحزاب. فيها صوت واحد هو صوت الرئيس، ودولة في يد شخص يديرها مثلما يشاء، يشكل القانون ويلغي الدستور ويقيل الحكومة ويحلّ مجلس النواب، ليكون هو الحاكم بكلّ شيء!»، متسائلاً: «العالم العربي كما سائر العالم، جرّب الديكتاتورية، فإلى أين أودت؟»