طرابلس | بات محسوماً أن الانتخابات الرئاسية الليبية لن تُجرى يوم 24 كانون الأول الحالي، وذلك لـ"دواع أمنية"، وفق ما يُنتظَر أن تعلنه المفوضية العليا للانتخابات، والتي تعمل الآن على تحديد موعد جديد للاستحقاق. وسيتبع تأجيلَ الرئاسيات، بالضرورة، إرجاءُ الانتخابات البرلمانية المقرَّرة بعدها بشهر، بموجب قانون الانتخابات المعتمَد من مجلس النواب. وبعدما حُسم أمر التأجيل في ختام المباحثات التي أجرتها مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، مع مختلف أطراف العملية السياسية، يُرتقب أن يعلَن القرار من جانب مجلس النواب في جلسة الأسبوع المقبل، بعد تبلّغه من قِبَل مفوضية الانتخابات، رسمياً، بتعذّر إجراء العملية، علماً أن المفوضية كانت علّقت إعلان القائمة النهائية لأسماء المترشّحين للرئاسيات. وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى "الأخبار"، فإن "العملية الانتخابية برمّتها ستكون في مهبّ الريح من دون خريطة طريق جديدة، لكن وليامز عادت إلى خريطتها الأولى القائمة على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في اليوم نفسه، وإلغاء بند الشهر الفاصل زمنياً بين الحدثَين".
وتلوّح وليامز، التي اختارت في السابق غالبية أعضاء "ملتقى الحوار السياسي"، بفرض عقوبات على معرقلي الانتخابات. كما تهدّد أعضاء مجلس النواب الراغبين في إرجاء الاستحقاق حتى الصيف المقبل، باللجوء مجدّداً إلى "ملتقى الحوار"، وانتزاع المسار السياسي من سلطة البرلمان ما لم يمرّر التعديلات المقترَحة، والتي وافق عليها خالد المشري، رئيس "المجلس الأعلى للدولة" في ليبيا، بحسب ما كشفت المصادر نفسها لـ"الأخبار".
وتوجّهت وليامز إلى مدينة سرت صباح أمس، عبر الطريق الساحلي، حيث توقّفت لإلقاء التحية على أفراد القوة الأمنية المشتركة المعنيّة بتأمين الطريق، لافتة إلى أن فتحه يُعدّ من ثمار اتفاق وقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي "يؤكد أن إرادة الليبيين في بناء السلام وتجاوز الماضي، تتفوّق على المصالح الضيّقة والتدخّلات الخارجية". وجاء تحرّك وليامز هذا بعد ليلة دامية من الاشتباكات في شوارع طرابلس، حيث تمكّنت مجموعات مسلحة من اقتحام مقرّ المجلس الرئاسي، الذي نُقل رئيسه، محمد المنفي، إلى مكان آمن، في وقت جرى حصار عدد من المقارّ الحكومية، وعلى رأسها مقرّ "الرئاسي" ومقرّ رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع. وأعقبت الاشتباكاتُ صدورَ قرار من المجلس الرئاسي، بشأن إعفاء آمر المنطقة العسكرية في طرابلس، عبد الباسط مروان، وتعيين عبد القادر منصور مكانه.
وبالعودة إلى مسألة تأجيل الانتخابات، فقد أعدّت اللجنة البرلمانية المسؤولة عن متابعة الاستحقاق تقريراً، يؤكد استحالة إجرائه في مختلف أنحاء البلاد لـ"دواعٍ أمنية"، وهو ما سيناقشه البرلمان مع مفوضية الانتخابات، ليتوافقا على التأجيل، بما يضمن إتمام العملية في بيئة أمنية جيدة، مع منح المترشّحين مهلة للدعاية الانتخابية، وحظر إعادة فتح باب الترشّح مرّة أخرى.
وكانت المفوضية أحالت التقرير النهائي الخاص بالطعون الانتخابية، إلى لجنة المتابعة البرلمانية، وذلك خلال اجتماع ضمّ رئيسها، عماد السايح، ورئيس اللجنة المذكورة، الهادي الصغير. وعلى رغم أن التأجيل بات محسوماً، شدّدت مصر والسعودية، عبر وزيرَي خارجية البلدين خلال اجتماعهما في القاهرة، أمس، على ضرورة الحفاظ على استقرار ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها، وعقد الانتخابات في موعدها المقرّر نهاية العام الحالي، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في مدى زمني محدد.