ويرى المحلّل السياسي التونسي، نزار مقني، في حديث إلى «الأخبار»، أن الدولة التونسية «تريد أن تكون الحليف الأوّل للدولة الليبية، ودعمها في إعادة الإعمار الذي تَعِد الاستثمارات فيه بمليارات الدولارات»، في إشارة منه إلى أن تلك الاستثمارات قد «تساعد الدولة التونسية في التخلُّص من الضائقة المالية والأزمة الاجتماعية المتراكمة منذ عشر سنوات». ويعتبر أن هذه الزيارة تبعث «برسالة طمأنة سياسية دولية بشأن السلطة الليبية التي لا تزال حديثة ومؤقتة، وتعاني من تجزئة على مستوى الأجهزة الأمنية والعسكرية، خصوصاً أنه لم يتمّ الحسم في حقيبة وزارة الدفاع»، مشدّداً على ضرورة «توسيع الحوار الداخلي بين كلّ الأطراف السياسيين الليبيين، حتى تلك التي تزال مشكّكة في هذا المسار السياسي، لأجل تعزيز السلم والأمن في كلّ المدن والمناطق». وحول حديث سعيّد عن عودة الاتحاد المغاربي إلى الواجهة، يعرب مقني عن اعتقاده بأن «هذا الحديث مبكر، ولا يمكن تحقيقه على أرض الواقع إلّا بعد حلّ مشاكل وأزمات أخرى في الدول المغاربية، خاصة أزمة النزاع في الصحراء الغربية والخلاف المغربي - الجزائري».
اعتبر مراقبون أن حديث الاتحاد المغاربي لا يزال مبكراً ومن الصعب تحقيقه
ويلفت الباحث في الشؤون السياسية والكاتب الصحافي، أيمن الزمالي، بدوره، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن زيارة سعيّد تأتي في إطار «تعزيز العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خصوصاً أن تلك العلاقات لم تشهد الكثير من المشاحنات والمناكفات»، مشيراً إلى أن «الاستقرار السياسي في لييبا فيه منفعة اقتصادية كبيرة لتونس وللشعب التونسي»، ذلك أن «مستويات التبادل التجاري كبيرة بين البلدين، وتوجد جالية تونسية مهمّة تعمل في ليبيا، مع ارتفاع عدد الليبيين المستقرّين في تونس منذ عشر سنوات». ويعتبر الزمالي أن «التحدّي الأكبر والبارز لدى الدولتين هو الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب»، مضيفاً أن «تكثيف التعاون والتنسيق الأمني بين السلطتين مهمّ جدّاً في المرحلة الحالية، لأجل محاربة الخلايا المتطرّفة التي تهدّد أمن تونس، ومعالجة ملفّ الهجرة السرّية الذي يربط البلدين بدول الاتحاد الأوروبي، خاصة فرنسا وإيطاليا، بطريقة أكثر نجاعة وفعالية تخدم مصالح البلدين». ويتابع أن الزيارة تندرج في إطار «دعم الشعب الليبي في تكوين حكومة الوحدة الوطنية، وانطلاق مسار عودة الاستقرار الذي يخدم مصالح كلّ الدول المحيطة بليبيا، والمغاربية على وجه الخصوص»، واصفاً حديث الرئيس التونسي حول «اتحاد المغرب العربي» بأنه «حلم كبير تأمل جميع شعوب الدول المغاربية تحقيقه على أرض الواقع».
وتأتي زيارة سعيّد بعد يوم واحد من تَسلُّم حكومة الوحدة الوطنية الجديدة مهامّ عملها أول من أمس، من إدارتَين متحاربتَين كانت إحداهما تحكم شرق البلاد والأخرى تحكم غربها، لتُكمل بذلك انتقالاً سلساً للسلطة بعد عقد من الفوضى والعنف.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا