ليس ما حصل أمس الخرق الوحيد، إذ جدّدت قوات حفتر قصفها مطار معيتيقة
بين هذا وذاك، تحاول بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إعادة الهدوء إلى الجبهات، لكن مهمتها لا تبدو سهلة. تعلم البعثة أن ما يجري في الميدان يتأثر بشكل كبير بالمواقف الدولية والبلدان الداعمة لطرفَي النزاع. ولذا، سعت عبر «مؤتمر برلين» إلى إيجاد تفاهمات. لوهلة، بدا كما لو أن الدول التي تغذّي الحرب الليبية باتت مستعدة لتخفيف تدخلها، حيث التزمت في الوثيقة الختامية للمؤتمر بالتقيّد بقرار حظر التسليح الصادر عن مجلس الأمن الدولي. لكن، بمجرد انتهاء «التظاهرة الدولية»، برزت معطيات تشير إلى استمرار تدفق الأسلحة. وهو ما أكدته البعثة الأممية في بيان لها أول من أمس، قالت فيه إنها «تأسف... أشدّ الأسف للانتهاكات الصارخة المستمرّة لحظر التسليح في ليبيا، حتى بعد الالتزامات التي تعهّدت بها البلدان المعنية في هذا الصدد خلال المؤتمر الدولي المعنيّ بليبيا». وأشارت إلى أنه يجري حالياً «نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخيرة والمنظومات المتقدّمة إلى الأطراف من قِبَل الدول الأعضاء، ومن بينها بعض من الدول المشاركة في مؤتمر برلين»، مضيفة أن «العديد من طائرات الشحن والرحلات الجوية الأخرى تهبط في المطارات الليبية في الأجزاء الغربية والشرقية من البلاد لتزويد الأطراف بالأسلحة المتقدّمة والمركبات المدرّعة والمستشارين والمقاتلين»، محذرة من أن «الهدنة غير المشروطة صارت الآن مهدّدة نتيجة هذه الخروقات».
ويبدو أن البعثة الأممية تقصد بـ«بعض الدول المشاركة في مؤتمر برلين» دولتَي الإمارات وتركيا تحديداً. وتدعم الأولى قوات حفتر بالأسلحة والمستشارين والطائرات المسيّرة القتالية، وقد تسرّبت في الأيام الأخيرة معلومات عن شركة استقدمت سودانيين للعمل في شركة أمنية في الإمارات، حيث جرى تدريبهم ومن ثمّ أُرسلوا للقتال في ليبيا. وفي المقابل، تدعم تركيا حكومة «الوفاق» بالأسلحة والطائرات المسيّرة القتالية والمستشارين، كما بدأت أخيراً استجلاب عناصر من المجموعات السورية المسلحة الموالية لها، تشير معلومات إلى أن عددهم تجاوز ألفي مقاتل. وواصلت أنقرة دعم «الوفاق» حتى بعد «مؤتمر برلين»، على رغم حديث الرئيس التركي، أمس، خلال زيارته للجزائر، عن التزام بلاده بما ورد في الوثيقة النهائية للمؤتمر.
وبدأ وقف إطلاق النار في ليبيا منتصف الشهر الجاري، وجاء بمبادرة من تركيا وروسيا. وعلى رغم عقد لقاء في موسكو لتثبيت الاتفاق، دُعي إليه طرفا النزاع، إلا أن حفتر رفض التوقيع على التزام كتابي بالهدنة.