أعلن رئيس الحكومة المكلف، حبيب الجملي، في ندوة صحافية عقدها مساء الأربعاء، اختياره فريق عمله، لكنه لم يكشف عن أيّ أسماء، في انتظار توقيع رئيس الجمهورية على قائمة الوزراء. وفي وقت لاحق، وقّع قيس سعيّد على التشكيلة الحكومية، وراسل البرلمان لتعيين جلسة عامة للمصادقة عليها. توقيع رئيس الجمهورية يعني عدم اعتراضه على التشكيلة الوزارية، وخاصة وزيرَي الدفاع والخارجية اللذين له رأي محدّد في تعيينهما، لكن ذلك لا يعني رضاءه التام على بقية الوزراء. وبانتهاء اختيار الفريق الحكومي، يُغلَق مسار طويل ومعقّد تغيّرت خلاله حسابات الجملي وحركة «النهضة» التي رشّحته للمنصب، من تشكيل حكومة ائتلافية تتكوّن من أحزاب، إلى تبنّي خيار بديل يتمثّل في حكومة مستقلين. لكن، وعلى رغم تأكيد الجملي استقلالية جميع وزرائه، إلا أن شكوكاً كثيرة تحوم حول ارتباطهم بحركة «النهضة» وحزب «قلب تونس». وفي هذا السياق، أعلن الأمين العام لحركة «الشعب»، زهير المغزاوي، أمس، أن «الكتلة الديموقراطية» (41 نائباً من بين 217)، التي تجمع أيضاً نواب حزب «التيار الديموقراطي» ونواباً مستقلين، لن تصوّت لمصلحة الحكومة. وقال المغزاوي إن «النهضة» و«قلب تونس» يحاولان «التخفّي وراء ما يسمى كفاءات ومستقلين... وهم قيادات في الصفّ الثاني والثالث» في الحزبين. وفي الاتجاه نفسه، رأى القيادي في «التيار»، غازي الشواشي، أن على رئيس الدولة اختيار الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة المقبلة من الآن، في إشارة إلى الدستور الذي يعطي الرئيس هذه الصلاحية في حال فشل مرشّح الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية في تشكيل حكومة خلال فترة محددة (استنفد الجملي أغلب هذه الفترة).
وتشمل التشكيلة الحكومية المقترحة أسماء شخصيات تقلّدت سابقاً مناصب وزارية في الحكومتين اللتين شكّلتهما حركة «النهضة» بين عامي 2011 و2014. ومن بين هؤلاء وزير الصناعة منجي مرزوق، ووزير الرياضة طارق ذياب، إضافة إلى الجملي نفسه. كما يشمل الفريق أسماء وزراء عملوا في حكومة يوسف الشاهد، ومن بينهم وزير الاستثمار والتعاون الدولي فاضل عبد الكافي، ووزير السياحة روني الطرابلسي. لكن، تطغى على الحكومة أسماء جديدة أغلبها لتكنوقراط عملوا لفترات طويلة في مؤسسات الدولة، ومن بين هؤلاء وزراء الخارجية والدفاع والداخلية، أو في القطاع الخاص.
وبدا الجملي واثقاً بأن حكومته ستنال ثقة البرلمان. وتنبع هذه الثقة من دعم «النهضة» (54 نائباً) له، إضافة إلى اقتناعه بأنّه لبى شروط «قلب تونس» (38 نائباً)، لكن هذا الأخير قال، في بيان أصدره، أمس، إن تصويته لمصلحة الحكومة يبقى مشروطاً بالتشاور مع قيادته، واطّلاعه رسمياً على برنامج الحكومة، وهو أمر لم يحصل حتى ظهر أمس، وسيخضع في حال حصوله لمساومات يسعى عبرها الحزب إلى انتزاع أكبر امتيازات وضمانات ممكنة من «النهضة». لكن، ولتجنّب ذلك، تبذل «النهضة» جهوداً لتوسيع الحزام السياسي للحكومة إلى أبعد من «قلب تونس»؛ إذ يُشاع في الكواليس السياسية أن اختيار اسم وزير الداخلية، سفيان السليطي، جاء باقتراح من كتلة «ائتلاف الكرامة» (21 نائباً). كما أن ثمة مساعي لتحصيل ثقة كتل «الإصلاح الوطني» (15 نائباً) و«المستقبل» (9 نواب) و«تحيا تونس» (14 نائباً) سعياً إلى تجاوز الأغلبية الضرورية للمصادقة على الحكومة، والتي تبلغ 109 أصوات، ومن أجل ألّا تكون الحركة في تحالف ثنائي هشّ مع «قلب تونس».