أقرت باريس ضمنياً بوجود عناصر استخبارات من دون علم الحكومة التي تعترف بها
وفق تصريح سيالة، أبقت الحكومة الفرنسية وجودها العسكري في ليبيا مخفيّاً عن «الوفاق»، على رغم وجود تنسيق سياسي وأمني مفترض بينهما. وفي ذلك ردّ على تعلّل وزيرة الدفاع الفرنسية بحجة «محاربة الإرهاب»، وخاصة تنظيم «داعش»؛ إذ إن هذه المهمة لا تستدعي، من وجهة نظر «الوفاق»، إخفاء الحضور العسكري، على اعتبار أن تلك الحكومة تقدّم نفسها على أنها ملتزمة بمكافحة التنظيمات المتطرفة، ولها في هذا الإطار تنسيق مستمر مع الولايات المتحدة، يتم بمقتضاه توجيه ضربات جوية على نحو دوري.
والجدير ذكره، هنا، أن مدينة غريان لم تشهد قطّ هجمات إرهابية. ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى طبيعتها الجغرافية، فهي مدينة جبلية شبه معزولة ومتناسقة اجتماعياً، ويصعب اختراقها من طرف الإرهابيين. ليس لغريان إذاً أي أهمية في سياق مكافحة الإرهاب، وأهميتها الوحيدة تأتي في سياق الهجوم على طرابلس، حيث اتخذتها قوات حفتر قاعدة لإدارة عملياتها لفترة تقارب ثلاثة أشهر، قبل أن تستعيدها قوات «الوفاق» في عملية مباغتة نهاية الشهر الماضي. يعني ذلك، أن مكافحة الإرهاب ليست على الأرجح سوى غطاء لحضور فرنسي داعم لجهود حفتر العسكرية، وممتد إلى أبعد من مجرد تقديم بضعة صواريخ مضادة للدروع.
في واقع الأمر، تبدو صواريخ «جافلين» القمة الظاهرة من جبل الدعم الفرنسي لحفتر، ولولا أنها صواريخ أميركية الصنع، لما انكشف الحضور العسكري الفرنسي في أطراف طرابلس. ووفق المعلومات المتوفرة، اشترت فرنسا عام 2010، حوالى 260 وحدة من هذه الصواريخ، وذلك بغرض تجهيز قواتها في أفغانستان، وقد نصّ العقد الموقع مع الولايات المتحدة على عدم تسليمها لأي طرف ثالث. وفي تقرير لها حول هذا الموضوع، قالت مجلة «لوبوان»، أمس، إن المسألة ترتبط مباشرة بالرئيس إيمانويل ماكرون، ووزير خارجيته جان إيف لودريان، المسؤول عن صياغة سياسة بلاده تجاه ليبيا منذ أن كان وزيراً للدفاع في عهد فرانسوا هولاند. والمسألة، بالنسبة إلى المجلة، تتجاوز حفتر، إلى «تحقيق رغبة أفضل زبائن لفرنسا»، أي الإمارات ومصر. كما أنها تكشف فشلاً فرنسياً عسكرياً، بعدما سقطت المدينة بأيدي قوات «الوفاق»، على رغم أن دعم باريس لحفتر وصل إلى حدّ تشغيل الطائرات المسيّرة والمعدات الإلكترونية المعقّدة.