أخفقت السعودية والإمارات في فرض رؤيتهما على الدورة الـ14 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي أنهت أعمالها في الرباط أمس. تصدّي الوفد اللبناني (النائبان قاسم هاشم وإيهاب حمادة) للمطالب السعودية والإماراتية، حرّك المساعي الكويتية لتخفيف التوتر والتوصل إلى مخرج. وساعد في ذلك حرص المغرب، الذي يرأس الدورة، على إنهائها بأقلّ قدر ممكن من الانقسامات بين الدول الإسلامية، وعلى حصر تداعيات منع الوفد الإيراني من المشاركة في المؤتمر، وعدم تحويله منصّة هجوم على طهران. فيما كان للموقف التركي المتمسّك بتضمين البيان الختامي فقرة تتعلق بـ«الوضع الإنساني للمسلمين في اليمن»، مدعوماً من لبنان والمجموعة الإفريقية، دور في إجبار الدول الخليجية على القبول بتسوية تقوم على التزام النظام الداخلي الذي ينص على وجوب أن تتقدم الدول الأعضاء باقتراحاتها وملاحظاتها على البيان النهائي إلى اللجنة التنفيذية، قبل ثلاثة أشهر من انعقاد المؤتمر، على أن تُناقَش في اللجان المختصة، وتحال على لجنة الصياغة النهائية لإقرارها والتصديق عليها.وعليه، اتفقت الدول المشاركة على عدم إذاعة البيان الختامي، والاكتفاء بـ«إعلان الرباط»، ما يعني إقرار النقاط التي كانت واردة في البيان كما وضعتها اللجنة التنفيذية للمؤتمر، من دون الأخذ بالتعديلات التي طالبت بها الرياض وأبو ظبي، حذفاً وإضافةً. هكذا، لم يؤخذ بطلب الإمارات تضمين البيان الختامي إدانة «الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث»، ولا بالمطلب السعودي إدانة «التدخل الإيراني في شؤون سوريا والعالم العربي». كذلك لم يؤخذ بطلبهما حذف البند الـ59 من البيان الذي يشدّد «على ضرورة الحفاظ على الاتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية ومجموعة 5 + 1»، والبند الـ60 الذي يدين «بشدّة العقوبات العدائية غير الشرعية التي قرّرها الرئيس الأميركي ضد إيران». وفي المقابل، سُحب الطلب التركي بتضمين البيان فقرة حول «الوضع الإنساني في اليمن»،
وكانت جلسة أول من أمس قد شهدت صداماً وتلاسناً بين رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله آل الشيخ والنائب حمادة، بعدما سجّل الأخير استهجان الوفد اللبناني للخروج على النظام الداخلي، لكون الاقتراحات السعودية والإماراتية لم تمرّ سابقاً على اللجنة التنفيذية لدرسها ووضعها على جدول الأعمال وفق الأصول.
«إعلان الرباط»، رغم عموميته وانعدام فاعلية قراراته، لم يأتِ على قدر التوقعات السعودية، خصوصاً في ما يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية، بالنسبة إلى بلد يسخّر جهوده لإقرار «صفقة القرن» والتطبيع مع العدو الإسرائيلي. إذ أعاد تأكيد «مركزية القضية الفلسطينية (...) والتضامن مع الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس»، علماً بأن رئيس مجلس الشورى السعودي أشار في كلمته أمام المؤتمر إلى «القدس الشرقية» عاصمة لفلسطين! الإعلان شدد على أن «الاحتلال يظلّ هو جوهر الصراع في الشرق الأوسط وأصل مشكلاته». وأشاد بـ«صمود المواطنين السوريين واللبنانيين وتمسكهم بأرضهم وهويتهم ومقاومتهم للاحتلال الصهيوني»، وأدان «التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان والخروقات المتكررة للسيادة اللبنانية». كذلك جدّد «رفضنا للفكر المتطرف وإدانتنا للإرهاب»، والدعوة إلى «التصدي للخطابات المتطرفة والمتعصبة». ودعا إلى «تسوية النزاعات في العالم الإسلامي بالحوار»، و«تجنيب المدنيين آثار هذه النزاعات، وتمكينهم من الحماية الضرورية، وكفالة حقوقهم المادية والمعنوية وفي السلامة والأمن والخدمات الاجتماعية وكافة ضرورات الحياة الكريمة».