تشهد طرابلس مخاضاً أمنياً تولّد عن قرار حكومة «الوفاق الوطني» بتطبيق ترتيبات أمنية جديدة، تُحل من خلالها الميليشيات، ويُدمج عناصرها في الأجهزة النظامية. تقتضي المرحلة الأولى من هذه الترتيبات، نزع مظاهر التسليح، وإخراج الأسلحة الثقيلة خارج المدينة. ضمن هذا المنطق، عاد آمر «كتيبة ثوار طرابلس»، هيثم التاجوري، من الإمارات قبل بضعة أسابيع، حيث كان مُحتجزاً طوال أحداث حرب طرابلس الأخيرة، وبدأ في الامتثال لقرارات الحكومة. سلّم التاجوري بعض مقراته الحيوية لقوات الشرطة، على رغم رفض بعض رفاقه في الكتيبة، الذين اعتبرهم «مارقين عن القانون». في موازاة ذلك، هدمت ميليشيات «القوة الثامنة –النواصي»، أحد أهم مراكزها، الذي كان مقر «الكلية العسكرية للبنات»، وتعتبر هذه القوة إحدى أهم التشكيلات العسكرية في طرابلس. لكن، مع ذلك، بدأت تظهر منذ بداية الشهر الماضي، حرب تصفيات، إذ قتل ثلاثة قادة ميليشيويين خلال مدة قصيرة. ولا يخرج ما حصل أول من أمس، عن هذا السياق، حين حاولت «قوة الردع الخاصة»، وهي ميليشيات سلفية مدخلية تسيطر على مطار معيتيقة الدولي وقاعدة عسكرية وسجن مجاورين له، القبض على أحد قادة «كتيبة ثوار طرابلس»، ويُدعى زياد كافو. اقتحمت «القوة» منزل كافو، لكنه لم يكن موجوداً داخله، ما أفشل العملية (نشر الرجل لاحقاً صورة له على حسابه في «فيسبوك» لتأكيد سلامته). وكردّ على ما جرى، اشتبكت «كتيبة ثوار طرابلس» مع المهاجمين، وشملت الاشتباكات إخراج أسلحة ثقيلة ونشرها على محاور عدة، وهو أيضاً ما قامت به «القوة الثامنة –النواصي»، خوفاً من تفاقم القتال وانتشاره إلى منطقتها التي تشمل مقار حكومية مهمة.يبدو أن وساطات قد تدخّلت لتطويق الانفلات، ما أبقى الاشتباكات في حدود الحشد وإطلاق نيران تهديدية في الهواء. على رغم ذلك، لا يشي تكرر محاولات الاعتقال والتصفية المتبادلة، بأن الأمر سيتوقف عند ذلك الحد، بل يُرجّح أن تشهد الفترة المقبلة محاولات انتقام أو تقدم لمد نفوذ عسكري، على غرار ما حصل في العامين الماضيين، حيث توسعت الميليشيات الكبرى على حساب تشكيلات مسلحة أصغر.