«الثورة الثانية» في مصر لم تقنع الإعلام الغربي. بنظره، هذه ليست ثورة 2011 المحقّة، رغم أنها تحمل الشعارات ذاتها. الإعلام الأميركي والفرنسي والبريطاني فضّل التردد في تبنّي تظاهرات المعارضة، ووصل أحياناً إلى حدّ التحذير من تحركاتها الشعبية! لم ترفع «ذي نيويورك تايمز» أو «ذي واشنطن بوست» أو «ذي غارديان» أو «لو موند» شعارات «ارحل» و«يسقط حكم المرشد». وحتى قبل ساعات من موعد الاحتشاد المعلن للمعارضة أمام قصر الاتحادية، لم يكن خبر مصر هو الأول في «سي إن إن» و«أورونيوز» ومواقع أبرز الصحف الغربية.
بعض المقالات الأميركية والفرنسية («ذي لوس أنجلس تايمز» و«ليبيراسيون» و«لو نوفيل أوبسيرفاتور») غطّت الحدث الميداني المصري من خلال أقوال عيّنة من المواطنين المحتشدين في الساحتين. «أنا هنا لأدافع عن الرئيس والإسلام والثورة»، نقلت تلك المقالات عن بعض المتظاهرين المؤيدين، مقابل «مصر ترفض حكم الإخوان» من الساحة المعارضة. المشترك بين كل المقالات هو تحذير شديد من «صدامات دامية واقتتال داخلي يجرّ البلاد إلى حرب أهلية». معظم الصحف والقنوات عددت في تقاريرها الأخطاء التي ارتكبها الرئيس المصري خلال عهده. شبكة «سي إن إن» الأميركية مثلاً خلصت في أحد تقاريرها إلى «أنه رغم انتخاب مرسي ديموقراطياً، إلا أن ملايين المصريين فقدوا إيمانهم به». ورغم عرض أخطائه إلا أنّ البعض ذهب إلى حدّ التهويل إزاء التحركات التي تطالب بإسقاط الرئيس. ومن جملة التهويل، مقال لـ«ذي نيويورك تايمز» بعنوان «الشوارع صناديق بارود، مصر تستعدّ للاشتعال». مراسل الصحيفة دايفد كيركباتريك كتب من القاهرة عن «بلوغ التوتر درجات غير مسبوقة»، في ظل «موت شعار السلمية» و«استخدام كافة الأطراف الأسلحة النارية». الصحافي الأميركي رأى أن «بعض المؤسسات التابعة للحكم السابق خرّبت عملية الانتقال إلى الديموقراطية أو أساءت إدارتها». وتابع قائلاً: «السؤال اليوم عن هوية المصريين الوطنية يهدد بشرذمة الوحدة الوطنية التي ميّزت فترة إسقاط نظام حسني مبارك».
لكن التهويل الأكبر ظهر في افتتاحية «ذي أوبزيرفر» البريطانية بعنوان «ثورة على وشك أن تدمّر نفسها». الافتتاحية ذهبت إلى أنّ الصدامات المتوقعة بين الطرفين، التي يقول رجل الدين إنها تهدد بحرب أهلية، قد تتحول انهياراً فوضوياً». وهذه «الفوضى» بنظر الـ«أوبزيرفر»، هي «ضد مصلحة مصر الوطنية، وكارثة بحق قضية «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، وهي أكثر ما سيسرّ مجرمي نظام الرئيس السوري بشار الأسد الدموي، وأكثر ما سيشجّع مؤامرات المحافظين الإيرانيين الإقليمية الخبيثة والمعادية للديموقراطية». الافتتاحية البريطانية خلصت إلى أن «الثورة الثانية تهدد بفقدان كل المكاسب التي جناها المصريون في الربيع العربي... والآتي قد يكون أعظم».