القاهرة | أياً كان حجم الهجوم الذي لم يتوقف ضدّ «الراقصة»، وأيّاً كانت قدرات «القاهرة والناس» على الصمود حتى نهاية الموسم، فإن حقيقة معلنة منذ سنوات يرسخها البرنامج: جيل الراقصات المصريات قد انتهى. دينا (1965) هي آخر نجمة مصرية للرقص الشرقي مع بوادر اعتزال فيفي عبده ولوسي. ثلاثتهن كن آخر عنقود بدأته تحية كاريوكا قبل 90 عاماً. دينا نفسها أكّدت هذا الواقع حين فشلت منافِساتها من الصمود أمامها. ظلّت ولا تزال رقم 1 في السوق المصرية، والأكثر تواجداً في السينما وأي فيلم يتطلّب ممثلة راقصة.
لكن دوام الحال من المحال. كان لا بدّ من ظهور بديل، وفعلتها صافيناز قبل عام عندما انطلقت دعاية فيلم «القشاش». أطلّت صافيناز لترقص على أغنية «على رمش عيونها» للراحل وديع الصافي، لكن بصوت المطرب الشعبي حمادة الليثي. من يومها، لم تنقطع أخبار الراقصة الأرمنية التي تتكلّم «مصري مكسر»، ما أكّد أنها ليست «موضة عابرة».

الفائزة في
البرنامج هي متسابقة أوكرانية
صحيح أنها لم تنجح كممثلة، لكنها تصدّت لمحاولات القضاء عليها. حتى أزمة ترحليها من مصر تخطّتها بالحلّ التقليدي، وتزوّجت مصرياً وضمنت الإقامة، وباتت الأكثر طلباً في الفنادق والأفراح. لا نملك إحصاءات تقول بأنّ دينا تراجعت إلى المركز الثاني، لكن الراقصة التي تخطو نحو عامها الخمسين أعلنت ضمناً العدّ التنازلي للاعتزال. يكفي أنها تقود لجنة تحكيم «الراقصة» ومهمته اختيار نجمة جديدة للرقص الشرقي. الوضع هنا مختلف عن سوق الطرب. دينا ليست كاظم الساهر ولا شيرين كي تختار موهبة بمشاركة تصويت الجمهور. نحن أمام برنامج سيوفر الشهرة لـ 27 راقصة دفعة واحدة. كما ستصبح الفائزة نجمة لهذا الفنّ من دون الحاجة لخوض كل المراحل الصعبة التي مرّت بها راقصات شهيرات كدينا وصافيناز. الآن، النجاح مضمون مع الحملة المكثفة التي دشّنتها «القاهرة والناس» للبرنامج، ودينا هي التي تختار النجمة، وتعطيها خبرتها. لم تعد دينا الوحيدة إذاً، ولن تعود صافيناز بمفردها في السوق نظراً إلى الشهرة التي تنتظر خريجات «الراقصة». ومع تسريب خبر أنّ الفائزة في البرنامج هي أوكرانية، تحقّقت النبوءة التي تعلن أنّ دينا آخر راقصة مصرية. المجتمع المصري يحبّ الرقص، لكنه لم يعد قادراً على إنتاج راقصة بين بناته. ويبدو أن الرقص الشرقي عاد كما بدأ في مصر قبل قرن، معتمداً على غير المصريات ربما انتظاراً لتحية كاريوكا جديدة. انتظار سيطول في زمن تفصل فيه المحروسة بين الرجال والنساء في صالات الرياضة، ويفصل فيه «داعش» رؤوس البشر عن أجسادهم بالسهولة نفسها التي تتحرّك بها عقارب الساعة.