القاهرة | اشتدت الهجمة الإعلامية و«الدينية» على دينا عقب بث أولى حلقات «الراقصة» على قناة «القاهرة والناس» كأول برنامج للرقص الشرقي أول من أمس الاثنين. كانت الهجمة التي تمسحت في أردية أخلاقية ودينية، بدأت مع طرح «البرومو» الخاص للبرنامج. اعتبره مجمع البحوث الإسلامية «حلقة ضمن مسلسل اختراق الإسلام تحت دعاوى التشدق بالحرية»، متهماً البرنامج ومسؤوليه بالطعن في صميم منظومة الإسلام الحضارية، وهي الأخلاق والحياء.
كما اتهمهم بتكريس ثقافة التحلل والاختلاط وإثارة الغرائز والانصراف عن الثوابت! واعتبرت لجنة الفتوى في الأزهر أنّ «كل من يشارك في البرنامج بالفعل أو القول أو الصمت، فهو آثم قلبه» واصفة الرقص بـ «الخلاعة والمجون» التي يجب منع انتشارها في بلاد الإسلام، فيما وصمت هيئة كبار العلماء العمل بـ«المتاجرة بأعراض الفتيات».
في الجهة ذاتها وقف الإعلامي تامر أمين ضد البرنامج، مناشداً إدارة قناة «القاهرة والناس» بـ «أرجوكم واستحلفكم بالله بلاش تذيعوا البرنامج ده لأن إذاعة هذا البرنامج في هذا التوقيت مضر جداً بالواقع السياسي للبلاد وسيعطي فرصة ذهبية للإخوان للشماتة في ثورة 30 يونيو». وكان أمين ذاته قد شنّ هجوماً على الراقصة الأرمنية صوفينار الشهيرة بصافيناز، وصل إلى حد تهديد مذيع قناة «روتانا مصرية» لصافيناز بالطرد خارج مصر.

لجنة الفتوى في الأزهر وصفته بـ «الخلاعة والمجون»

وتزامناً مع عرض أولى حلقات البرنامج، تقدّم المحامي سمير صبري الذي اشتهر بمقاضاة المشاهير والداعية خالد الجندي والشيخ مظهر شاهين ببلاغ للنائب العام ضد مدير قناة «القاهرة والناس» طارق نور لمنع عرض «الراقصة». ووصفت الدعوى البرنامج بـ «العمل الإباحي الذي يمثل خطراً جسيماً على الدولة في هذا الوقت، وسيمنح الفرصة للمتربصين لاستغلاله في مهاجمة الدولة والنظام الحاكم» فيما انكب حقوقي مغمور على جمع تواقيع شعبية في محافظة كفر الشيخ (شمال الدلتا) لإيقاف عرض البرنامج.
على الصفة الأخرى، وصف عضو لجنة التحكيم في البرنامج السيناريست تامر حبيب مهاجمي العمل بـ «محبي الظهور والازدواجيين والمتناقضين والهجوميين والباحثين عن الشهرة»، مضيفاً على صفحته على فايسبوك «اللي حابب يتفرج ويستمتع واللي حابب ينتقد على أساس وبالذوق أهلاً وسهلاً، واللي مش حابب والموضوع برة دايرة اهتمامه، ما يتفرجش، وبرضه أهلاً وسهلاً. أما الحالات المرضية بقى فربنا يتولانا ويتولاهم برحمته». من جهتها، أكدت دينا في لقاء تلفزيوني عدم خشيتها من ردود الفعل المعارضة لفكرة تقديم البرنامج.
الهجمة العنيفة على البرنامج بدعوى الدفاع عن الأخلاق ليست بعيدة من أطروحات السلطة السياسية الجديدة ومناصريها. صرّح الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً أن التقويم الأخلاقي للمجتمع من مهمات الرئيس، قائلاً: «أنا مسؤول عن كل حاجة في الدولة حتى دينها، وأنا مسؤول عن القيم والمبادئ والأخلاق والدين». وكان المتحدث باسم "حزب التجمع" (أقدم الأحزاب اليسارية) نبيل زكي قد صرّح في أيار (مايو) قبل إجراء الانتخابات الرئاسية بأنّ السيسي يمتلك مشروعاً للحث على مكارم الأخلاق. لم يلتفت المتحدث باسم الحزب «اليساري» لأولويات حزبه والقضايا «الطبقية» التي يُفترض أن يناضل من أجلها، مسوغاً للجنرال الجديد أساليب الدعاية الإسلاموية.




الرقص بين «الفيمنيزم» والإستغلال السياسي

في إطار حملة لمناهضة العنف ضدّ المرأة حملت عنوان «مليار ثائر لأجل العدالة 2014»، رقص في شهر شباط (فبراير) الماضي عدد من النساء بشكل مفاجئ في منطقة الكوربة (أحد أحياء مصر الجديدة). وتداول النشطاء مقاطع الفيديو التي أثارت الجدل بين الناس، فيما راق الرقص لعدد من الناشطين والمدافعين عن حقوق المرأة قبل أن يتداول البعض مقطعاً مشابهاً لنساء فلسطينيات في الأراضي المحتلة. من جهة أخرى، شهدت لجان الإقتراع في محافظات مصر حالة من الرقص الشعبي خلال الإستفتاء على الدستور في كانون الثاني (يناير) الماضي وخلال الانتخابات الرئاسية في أيار (مايو)، وهو الأمر الذي دافعتْ عنه وسائل الإعلام المؤيّدة لعبد الفتاح السيسي، معتبرة إياه بـ "التعبير عن الفرحة" تارة، و"تأييد السيسي" طوراً.