لم يعد خافياً على أحد أنّ لواء «الحرية» الذي يرفعه الإعلام الغربي مفصّل على قياس مصالحه وأولوياته. وهو ما تثبته الميديا الغربية في مفاصل عدّة، آخرها الجلبة التي أثارتها قناة «فرانس 24» الفرنسية بعد وشاية منظّمة «كاميرا» الصهيونية بأربعة من الموظفّين لديها والمتعاونين معها الناطقين بالعربية، ووصمها إيّاهم بالتهمة الجاهزة والأكثر شيوعاً في الآونة الأخيرة: «معاداة السامية» على خلفية منشورات نبشها فريق عملها من حسابات اللبنانيين دينا أبي صعب (مراسلة في جنيف) وجويل مارون وشريف بيبي والفلسطينية ليلى عودة (مراسلة في القدس) على مواقع السوشال ميديا، تعود غالبيتها إلى سنوات غابرة. وأمام المعلومات القائمة على خلط المعايير والتضليل وتزوير الحقائق، قرّرت الشبكة الإخبارية الفرنسية المملوكة للدولة الفرنسية التي تأسست في 2005 تعليق عمل هؤلاء الأربعة وفتح تحقيق حول الموضوع.في هذا السياق، قررت «فرانس 24»، أمس الأربعاء، فصل جويل مارون التي تعمل لدى شركة إنتاج خارجية تتعاون مع القناة الفرنسية من لبنان. وفي بيان أصدرته أكدت القناة التابعة لـ «فرانس ميديا موند» اعتزامها التقدّم بشكوى ضدّ جويل، مشيرةً إلى أنّه «على أثر التحقيق الذي أتاح التأكد من صحة المحتويات المنشورة، أبلغت «فرانس 24» شركة الإنتاج التي تعمل جويل مارون لديها في لبنان بأنّ القناة أنهت كل تعاون مع هذه الصحافية».
وأوضح البيان الذي نُشر بادئ الأمر داخلياً ليتم نشره في ما بعد على موقع القناة، أنّ ثلاثة صحافيين آخرين ناطقين بالعربية «تلقّوا إنذارات على خلفية تهم لهم بنشر رسائل مناهضة لإسرائيل». وأشارت القناة إلى أنّ أسباب القرار «رسائل لا يمكن التهاون معها منشورة في هذه الحسابات الشخصية، تناقض القيم التي تدافع عنها محطات القناة الدولية ومستهجنة جنائياً»، مؤكّدةً في الوقت نفسه أنّها «ستتقدّم بشكوى» ضدّ مارون «بسبب الأضرار التي لحقت بسمعتها وبمهنية هيئة التحرير».
وفي ما يتعلق بالصحافيين الثلاثة الآخرين الذين كشفت أنّ إنذارات وجّهت إليهم «بدت بعض رسائلهم المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي أشبه بمواقف غير متوافقة مع واجب الحيادية المنصوص عليه في ميثاق أخلاقيات المجموعة وخاصة في المبادئ التي تضع أطرا للحسابات الشخصية». وتابعت: «إنّ الاستخدام الشخصي لشبكات التواصل الاجتماعي يجب أن يحترم تماماً الإطار الأخلاقي هذا والمطلوب من هؤلاء الصحافيين هو التقيّد بذلك بكل وضوح. تعاونهم مع «فرانس 24» يمكن أن يستمر في هذا الإطار». وختم البيان: «إنّ عملاً مشتركاً ستضطلع به الإدارة وشركات الصحافيين» التابعة لـ «فرانس ميديا موند» من أجل «تعميق مبادئ الميثاق التي تضع أطرا لاستخدام الحسابات الشخصية للمتعاونين على شبكات التواصل الاجتماعي».
وكان تقرير «كاميرا» الصهيونية التي تطرح نفسها كـ «لجنة معنية بتحرّي الدقة حول التقارير الإعلامية الأميركية الخاصة بقضايا الشرق الأوسط» (Committee for Accuracy in Middle East Reporting in America) وتلعب دور المخبر في حقّ المؤيدين للقضية الفلسطينية، قد زعم أنّ «الصحافيين الأربعة فشلوا في الالتزام بميثاق «فرانس 24» الأخلاقي. ففي العديد من منشوراتهم الافتراضية، يمكن رؤيتهم وهم يمتدحون هتلر، ويقلّلون من شأن الهولوكوست، ويمجّدون الإرهابيين المرتبطين بحماس الذين قتلوا وشوّهوا عشرات المدنيين اليهود».