في صيف عام 2019، تكشفت في الكويت قضية احتيال شغلت الرأي العام ولا تزال. نصاب VIP يصطاد ضحاياه من داخل السجن المركزي مزوّداً بأجهزة إلكترونية ولابتوب وهواتف ذكية تمكّنه من إجراء عمليات النصب على مرأى ومسمع من أجهزة الدولة داخل السجن المركزي. عدّة النصب لديه تتضمّن محاور عدّة، أولها زعمه بأنّه أحد كبار شيوخ الأسرة الحاكمة، وانتحاله شخصيات رجال أعمال مرموقين للإيقاع بلائحة ضحاياه التي تضمنت عدداً من السفراء ومناصب أخرى في وزارة الخارجية الكويتية.لائحة الضحايا تضمّنت أيضاً شخصيات قيادية ومشاهير وفاشينستات، أهدى إحداهن سيارتَي «بنتلي» و«رولز رويس». وعندما وقعت في المصيدة، نصب عليها حوالى مليون ونصف مليون دولار أميركي نظير صفقة عقارية وهمية
حادثة النصب الأشهر كانت مع أحد سفراء الكويت المشهورين في الخارج، إذ ادَّعى أنه يمثل قطباً سياسياً شهيراً، وأن هذا القطب قرّر منحه قسيمتَي أرض في منطقتَي الصديق والوفرة، وأن عملية تسجيل هذه العقارات في انتظار دفع رسوم التسجيل لدى وزارة العدل فقط. أبدى السفير استعداده لدفع رسوم التسجيل البالغة 82 ألف دينار كويتي، التي تبيَّن في نهاية الأمر أنها سُرقت منه، من دون أن تُسجل أي عقارات باسمه.
حادثة نصب أخرى بارزة وقعت ضحيتها فتاة تنتمي إلى عائلة مرموقة، أكّدت خلال إحدى جلسات محاكمة السجين النصّاب بأنّه اتصل بها وأخبرها بأنه أحد شيوخ الأسرة الحاكمة يودّ التقدم لخطبتها. وبعد أيام أخبرته بأنها ستسافر إلى إحدى الدول، لكنه فاجأها بتأجير طائرة خاصة لها للسفر. وبعدها استولى على نحو مليون و200 ألف دولار أميركي لإيهامها بشراء أرض لها في منطقة بحرية.
حصيلة عمليات النصب التي تحصل عليها بلغت بحدود 10 ملايين دولار أميركي، أدت في نهاية المطاف إلى إيقاف مدير السجن المركزي ورئيس قسم السجن وعدد من الضباط والعسكريين عن العمل وإحالتهم إلى التحقيق، فيما قضت محكمة التمييز بحبس السجين النصاب لمدة عشر سنوات.
منصة «شاشا» الكويتية أطلقت مسلسل «السجين النصاب» عبر ستّ حلقات من إخراج محمد دحام الشمري وكتابة فيصل البلوشي وبطولة عبدالله السيف، وشهاب جوهر، وأحمد النجار، وشيماء سليمان. المسلسل يحمل الاسم نفسه الذي أطلقته الصحف الكويتية على المحتال، إلا أنّ التطبيق لم يتطرق إلى أنّ المسلسل مستوحى من أحداث واقعية واكتفى بوصف المسلسل بأنه يروي قصة شاب حادّ الذكاء يمتلك مهارات عديدة يستخدمها في النصب على المشاهير والسياسيين لكسب ملايين الدنانير، والإفلات من دكتور متخصّص في علم جريمة استعانت به الشرطة للإمساك به.
أثار المسلسل حالة جدل واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي


كل هذه الأحداث عادت إلى الواجهة مع إثارة المسلسل حالة جدل واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتداول مقاطع فيديو عدّة يبدو أنّها أثارت حساسية المسؤولين عبر قضية أشعلت جدلاً واسعاً.
أوّل الإجراءات كانت قرار وزير الإعلام الكويتي عبد الرحمن المطيري إحالة طاقم عمل المسلسل وكل من له علاقة به إلى النيابة العامة قائلاً: «لن نسمح لأحد بتجاوز القانون مهما كان، ومن يرد أن يأتي بأعمال فيها قلّة أدب، فليذهب بعيداً عن الكويت ومجتمعها». كما وسّع الوكيل المساعد للصحافة والنشر والمطبوعات لافي السبيعي من مروحة تلويحه بالعقوبات، قائلاً لجريدة «السياسة» الكويتية: «جميع الأعمال الدرامية التي تُعرض على التلفزيون والسينما والمنصات وغير حاصلة على إجازة نص من وزارة الإعلام، سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقّها».
وكان النائب مبارك الطشة قد وجه أسئلة برلمانية إلى وزير الإعلام حول ما تعرضه بعض المنصات التي تتضمن إساءة للمجتمع الكويتي عبر نقل صورة مشوّهة عنه و«ترويجها للانحلال الأخلاقي والشذوذ الجنسي» بحسب زعمه.

* «السجين النصّاب» على منصة «شاشا» الكويتية