حين أُطلق موسمه الأوّل في 2021، لم يحظَ مسلسل «موضوع عائلي» بالاهتمام الذي يستحقّه، لكنّه حقّق نجاحاً فاجأ القائمين عليه والمشاركين فيه. عمل درامي اجتماعي وكوميدي بامتياز، يستند إلى عناصر متكاملة من النص إلى الإخراج والتمثيل.لكن الحال كانت مختلفة مع الجزء الثاني. فور كشف النقاب عن «موضوع عائلي 2» الذي يندرج ضمن أعمال «شاهد» الأصليّة، تصدّر المسلسل المؤلّف من 12 حلقة قائمة الترند على مواقع التواصل الاجتماعي ونسب المشاهدة على منصّة البثّ التدفّقي المنضوية تحت مظلّة شبكة mbc السعودية.

موضوع عائلي

بعد مرور سنتَيْن على لقائه بابنته «سارة» (رنا رئيس) واستقرار علاقتهما، يحاول «إبراهيم» (ماجد الكدواني) في هذا الموسم تقبّل فكرة رغبتها في الزواج، لكنّه سرعان ما يكتشف أنّه قد لا يحيا ليراها عروساً لأنّه مصاب بورم في المخّ، فيقع في حيرة من أمره بين الاحتفاظ بسرّه لنفسه أو الإعلان عنه وخوض رحلة العلاج. هذه هي الفكرة الرئيسية التي تتمحور حولها أحداث العمل الذي أخرجه أحمد الجندي وتشارك كتابته مع كريم يوسف.
حالما قرأ النصّ للمرّة الأولى، وافق ماجد الكدواني على خوض أولى بطولاته على الشاشة الصغيرة لأنّ القصّة هي «البطل الحقيقي»، وفق تصريحات إعلامية سبق أن أدلى بها. في مسلسل يشكّل فيه الأداء التمثيلي نقطة قوّة، سواء على مستوى اللحظات الكوميدية أو تلك التراجيدية، أثبت الكدواني مجدداً أنّه من أبرز النجوم المصريين. قدرات تمثيلية هائلة لفنّان يتمكّن من التسلّل إلى قلوب المشاهدين بمهارة. ببساطة شديدة، يقدّم ماجد الكدواني شخصية «إبراهيم»، الشيف البارع والشقيق والخال والأب والابن الحنون الذي يتأقلم مع أوضاع جديدة بعدما أمضى حياته متنصّلاً من أيّ شكل من أشكال المسؤولية. التمثيل هنا ليس مجرّد حركة جسد ونبرة صوت ولغة عيون وتعابير وجه، فبطل فيلم «كباريه» يؤدّي هذه الشخصية بسهولة وتلقائيّة أشبه بأخذ النَّفَس. الكوميديا أيضاً ملعب محمد القسّ (غازي) وطه دسوقي (حسن) وغيرهما من الممثلين الذين أغرقوا المشاهد مراراً في نوبات ضحك لا تنتهي. حتّى إنّ اللبنانية نور (الدكتورة مريم) التي انضمّت حديثاً إلى العمل شكّلت ثنائياً لطيفاً مع ماجد الكدواني على الشاشة. لكن لا بدّ من التوقّف عند محمد رضوان في شخصية «إبراهيم حريقة» الذي قدّم دويتو كوميدياً لافتاً جداً مع سماء إبراهيم (زينب)، صنع علامة فارقة في مسيرة كلّ منهما المهنية.
منذ اللحظات الأولى، يحرص النصّ على الوفاء لعناصر قوّة الجزء الأوّل. وخلافاً لسابقه، أخلص الموسم الثاني من «موضوع عائلي» أكثر للكوميديا، إلى درجة أنّ هناك مشاهد كثيرة تهدف إلى الإضحاك حصراً، كما حدث في الحلقتين التاسعة والعاشرة مثلاً. لكن هذا لا يعني أنّ المشاهد لا يجد نفسه مراراً يذرف الدموع أمام مواقف إنسانية مليئة بالمشاعر المتناقضة والقويّة في آن معاً.
يستند المسلسل إلى عناصر متكاملة من النصّ إلى الإخراج والتمثيل


منذ البداية، تتوالى العقد في الحبكة لتصل بالحدث إلى أقصى درجات الحزن، قبل أن تدخل الكوميديا على الخطّ لتمسح الدمعة وتخدم المشهد والمشاعر المتدفّقة، بعيداً عن المجانية والمبالغة أو الإسفاف أو التصنّع.
اهتمام أحمد الجندي بالتفاصيل واضح جداً، ولا سيّما في اللقطات المرتبطة بتلك العائلة التي قد نجدها في أيّ من بيوتنا العربية، إلى جانب الكادرات المؤثّرة، وخصوصاً في مشاهد الزفاف والمستشفى.
العمل الذي أضافت موسيقى خالد الكمار لمسة خاصة إليه، لم يأتِ خالياً من الهفوات. نقصد تحديداً خطوط السرد الموازية غير المبرّرة، أبرزها زواج «خالد» (محمد شاهين) بـ«أمّ ليث» (ياسمين وافي) وغياب ابنته وزوجته عن الصورة لأسباب غير مفهومة وغير مبرّرة في السياق الدرامي. هنا، تجدر الإشارة إلى لهجة الممثلة المصرية ياسمين وافي الهجينة التي لم نعرف بعد إذا ما كانت سورية أم لبنانية أم أردنية أم فلسطينية!
صحيح أنّ المنتج أحمد الجنايني لم يؤكّد وجود موسم ثالث بعد لغاية كتابة هذه السطور، لكّن الأصداء التي أحدثها «موضوع عائلي 2» ترجّح هذا الاحتمال.

* «موضوع عائلي» على «شاهد»