يوم أسود عاشته الصحافة التونسية ظهر أمس في التظاهرة التي دعت لها حركة «النهضة» الاخوانية وحلفاؤها من بعض الاحزاب اليسارية و«الديمقراطية» الصغيرة للدفاع عما سموه بـ «الشرعية» ضد «انقلاب» الرئيس قيس سعيد يوم 25 تموز (يوليو) الماضي. فقد تعرّض معظم الصحافيين المكلفين بتغطية هذا الاحتجاج في شارع الزعيم الحبيب بورقيبة إلى اعتداءات بالعنف المادي واللفظي والرشق بالحجارة، وتم نقل الصحافيين المصابين ومنهم طاقم التلفزة الوطنية إلى المستشفى.
وأفادت «النقابة العامة للاعلام» (الاتحاد العام التونسي للشغل) «تعمد عدد من المحتجين المشاركين في المسيرة التي أقيمت وسط العاصمة والمناهضة للقرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية يوم 25 تموز (يوليو) الماضي، الاعتداء بالحجارة وبالقوارير على صحافيين و خاصة الطاقم الصحافي للتلفزة الوطنية التونسية، ورفع شعارات معادية للإعلام، مما أدى إلى الإعتداء على عدة إعلاميين و إصابة الزميل أيمن حاج سالم الصحافي في قسم الأخبار في القناة الوطنية الأولى بجروح، مما استدعى تدخلاً عاجلاً لوحدات الحماية المدنية التي تولت نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج».
وحذرت «الجامعة العامة للإعلام» من تواصل الاعتداءات ومن خطاب التحريض والكراهية ضد الإعلاميين، ولوّحت بمقاطعة كل طرف يتعمد الاعتداء أو التحريض على الإعلام مهما كانت الجهة، ونبّهت إلى خطورة عودة البلاد إلى مربع 2012 المتسم بالاعتداء على الإعلام واعتصام روابط حماية الثورة امام التلفزة والاغتيالات السياسية.
من جهتها، قامت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» برفع دعوى لملاحقة المعتدين وكل من سيكشف عنه البحث، وحمّلت الأطراف الداعية لهذه المظاهرة مسؤولية الاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون والتي كادت تؤدي إلى قتل الصحافي في التلفزة الوطنية أيمن الحاج سالم الذي أصيب بحجارة على مستوى الرأس والمصور الصحافي في التلفزة الوطنية عاطف بن حسين الذي كانت اصابته بليغة.
مسلسل تواصل الاعتداءات على الصحافيين رافقه صمت مريب لمعظم الأحزاب التي تدعي الدفاع عن الديمقراطية وحمّلت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين أميرة محمد نائبة نقيب الصحافيين التونسيين الأحزاب الداعية لمظاهرة أمس ولكل من يقف وراء التحريض على الصحافيين والتجييش ضد الاعلام.
ويذكر أن الصحافيين لم يسلموا منذ عشر سنوات من اعتداءات من أنصار حركة «النهضة» ومن أنصار قيس سعيد ومن قوات الأمن. ففي الوقت الذي تخلّصت فيه الصحافة من رقابة السلطة السياسية، يعاني الصحافيون من نوع آخر من الرقابة وهو «التدافع الاجتماعي» كما سمّاه زعيم الأخوان المسلمين في تونس راشد الغنوشي، فالجميع يريد توجيه الصحافة و«من ليس معي فهو ضدي». ومع احتدام الانقسام السياسي في الشارع التونسي، يبدو أن الصحافيّين سيكونون حطب المعركة!