السيناريو الجنوني الذي كان معدّاً، أمس الأحد، في خلدة وإمكانية امتداده مناطقياً قبل يتم وأدُه، عزّز مجدداً السلوكيات الفتنوية لبعض وسائل الإعلام. أظهرت هذه المؤسسات أداءً أقلّ ما يقال عنه إنّه تضليلي ويغطي فعلة المجرمين. فمع انتشار المعلومات عن وقوع ضحايا وجرحى في كمين نصبته عشائر «عرب خلدة» لمشيّعي الشاب علي الشبلي الذي قُتل في اليوم السابق، بدأت متأخّرة وسائل الإعلام المحلية بنقل ما يحدث في الشارع.هكذا، تمركزت طواقمها على أوتوستراد خلدة الذي كان يشهد على دماء الضحايا، ومحاولة إجلاء المصابين بطريقة بدائية عبر السيارات المدنية، أو آليات الجيش اللبناني الذي تدخّل متأخراً. مشهدية دموية، نقلتها الكاميرات من دون أدنى انتباه لحرمة الجرحى وهوياتهم، إلى جانب تغييب الرواية الأمنية الرسمية، بأنّ كميناً نُصب للمشيعين عمداً، تزامناً مع غياب أي إدانة للمجرمين، بل تبرير في بعض الأحيان للمجزرة التي ارتكبها هؤلاء.
هذا ما حصل على شاشة «الجديد» التي كانت مراسلتها ليال سعد موجودة هناك، وراحت تبرّر ما فعلته العشائر بحق المشيّعين، معتبرةً أنّ ما حصل يُعدّ «تصدياً» لـ «موكب الأعلام». والمقصود هنا الرايات التي رفعها المشيّعون في موكب الجنازة. المحطة التي رفضت توصيف ما حدث بالكمين، وأصرت على تعبير «اشتباكات» في إشارة إلى أنّ ما حصل كان بين طرفين متكافئين، ولا يوجد معتدى عليهم. وأصرّت سعد أيضاً على أنّ ما تشاهده أمامها يعدّ «انتشاراً مسلّحاً» من جهة «عرب خلدة» و«عناصر حزب الله»!
أما القناصون، فاكتفت بوصفهم بـ «الأشخاص» الموجودين على أسطح المباني. بعدها، سارت داليا أحمد على الدرب نفسه، وراحت تردّد أرقاماً غير صحيحة عن عدد الضحايا، إلى جانب أسماء هؤلاء أبرزهم مسؤول في «حزب الله»، تزامناً مع تبريرها لما جرى في معرض المقابلة الهاتفية التي أجرتها مع رئيس «الحزب الاشتراكي» وليد جنبلاط.
أعادت داليا نقل مضمون بيان «العشائر العربية» التي وضعت ما جرى في سياق رد فعل على مقتل الشاب حسن غصن قبل عام تقريباً، كون المسألة لم تُحلّ في حينها.
من جهته، خرج مراسل mtv شربل سعادة في نشرة الأخبار من دون أن يقدّم معلومة واحدة عما حصل في خلدة، مكتفياً بوصف ما حدث بـ «المعارك». حتى أنّ المحطة تحمّل العشائر أي مسؤولية تجاه ما جرى، مستخدمة عبارة: «بمعزل عن الجهة التي تحمل السلاح المتفلّت». كما استغلّت الحادثة للمطالبة بسحب سلاح «حزب الله»، «إلى كل قوى الأمر الواقع: سلّموا بأنّ لا سلاح إلا في يد الجيش اللبناني وسلّموا سلاحكم للجيش، فتسلم الدولة ويسلم الناس».
ولم تبتعد lbci كثيراً عن حفلة التأويلات، إذ اعتبرت أنّ الكمين المدبّر، لا يعدو كونه «بروفا للفتنة السنية الشيعية»، من دون ذكر سياقات ما حدث أمس.