في حزيران (يونيو) الماضي، أجرت «الجزيرة» جردة حساب، بعد مرور أربع سنوات على اندلاع الأزمة الخليجية، ومحاصرة قطر وقطع العلاقات التجارية والديبلوماسية معها. وقتها فنّدت مراحل ما بعد الحصار، وكيفية تحرك الإعلام السعودي تحديداً ومن بعده المصري، لتشويه صورة الدوحة. وتوقفت عند صعود نجم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واعتقاله للأمراء السعوديين، الذين يملك معظمهم شبكات وقنوات سعودية لها تأثيرها في الساحة السعودية والعربية سعياً نحو السيطرة عليها، الى جانب قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي التي شكلت مفصلاً أساسياً في التعاطي السعودي-القطري. بعد اتمام المصالحة الخليجية في مدينة «العلا» السعودية بين قطر والسعودية اليوم، والإمارات التي ستفتح حدودها غداً أمام الدوحة، طرحت أسئلة كثيرة تخص المسار التي ستسلكه الشبكة القطرية، بعيد هذه المصالحة، وهي التي شكلت رأس حربة في كثير من القضايا الشائكة، بوجه المملكة، أبرزها التطبيع مع كيان الإحتلال، ومقتل خاشقجي. ولعلّ الضوء سلّط بشكل أكبر على أبرز برامجها «ما خفي أعظم» للصحافي الفلسطيني تامر المسحال، الذي استطاع بحلقات استقصائية خلال السنوات الماضية تسجيل خبطات إعلامية في المرمى السعودي، وتحقيق شهرة واسعة لبرنامجه. وعلى رأس هذه الحلقات وقبل انتشار الوثائق والتسجيلات الخاصة باغتيال خاشقجي في الوثائقيات والأفلام، قدم المسحال في العام 2019، حلقة اعتبرت وقتها بمثابة قنبلة، سألت «اين جثة خاشقجي؟». هنا كشف المسحال مسار الجريمة التي ارتكبت في اسطنبول، وكيفية تقطيع الجثة وشوائها في فرن خاص داخل بيت القنصل السعودي محمد العتيبي. وهناك الحلقة الثانية التي أثارت ضجة عارمة بدورها، وكشفت كيفية استخدام الإماراتيين لبرنامج التجسس الإسرائيلي «بيغاسوس» لخرق أجهزة وهواتف عاملين في «الجزيرة» وفي وسائل إعلامية قطرية أخرى، في هجوم إلكتروني غير مسبوق. وفي رد على شكوك قد تتعلق بعمله أو بنهج الشبكة القطرية، بعيد طرح تأثير المصالحة على عمل القناة، دوّن المسحال قبل أيام على حسابه على تويتر، بأن «الجزيرة» ستبقى «كما عهدناها» رغم «كل محاولات إسكاتها واستهداف صحافييها». ويبدو أن هذا الكلام سيظل في مهب الريح، مع استعجال الشبكة القطرية غداة القمة الخليجية قبل أيام بنشر مجموعة أخبار ترويجية حول العمران في السعودية والإمارات مستبقة حتى اتمام المصالحة والإعلان عنها رسمياً.