قبل أيام قليلة، حلّت الذكرى الثالثة على تحرير السلسلة الشرقية بالكامل ودحر الجماعات التكفيرية في لبنان. مرحلة حُكي عنها الكثير، ونُشرت حولها روايات بالجملة عن تفاصيل وخرائط تلك المعارك أو أجزاء منها. معارك دارت شرقي لبنان، لكن السردية الكاملة ظلّت غير مروية بعد على لسان من واجه هذه الجماعات الإرهابية، بدءاً من سوريا وليس انتهاءً بجرود بعلبك والقاع. «أسرار التحرير الثاني» (فريق الإعداد: ضياء أبو طعام، أحمد بزّي وعلي الموسوي)، هو عنوان السلسلة الوثائقية التي كان يُفترض أن تُدشن بداية الشهر الماضي على «المنار»، لكن تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) الماضي، ثم ذكرى عاشوراء، حالا دون ذلك. لكن الليلة، سنكون على موعد مع بدء أولى الحلقات التي توثق للمرة الأولى، الرواية الرسمية الكاملة لـ«حزب الله» عن معارك السلسلة الشرقية. هكذا، على مدى 12 أسبوعاً، ستمتد السلسلة (فريق الإخراج: ضياء أبو طعام -مهدي غدار) على 12 حلقة تسرد أحداث المعارك على الحدود اللبنانية-السورية، منذ عام 2012، أي تاريخ دخول «حزب الله» في معارك الداخل السوري، وصولاً إلى عام 2017، تحرير جرود بعلبك والقاع وإعلان تحرير السلسلة الشرقية بالكامل.
تُعدّ السلسلة التوثيقية، الأضخم إعلامياً وفي التوثيق العسكري، استغرق تنفيذها ثلاث سنوات. وهي تبدأ من معركة «ريف القصير» في ربيع عام 2013، أي بعد عام ونصف عام على بدء الحرب السورية، تاريخ دخول «حزب الله» هذه الحرب، بتشكيلات عسكرية، مع شرح أسباب انتظار هذه المدة، وتشريح طبيعة الجماعات التكفيرية، و«فلش» الخرائط العسكرية والجغرافية، لتبيان حجم التهديد الوجودي الفعلي على لبنان، والمشروع التكفيري الذي أراد وصل مناطق لبنانية في البرّ والبحر، طبعاً مع بقاء العين الإسرائيلية حاضرة على هذه المعارك. «أسرار التحرير الثاني» يضع للمرة الأولى بين أيدي اللبنانيين، السردية الرسمية لتفاصيل وخفايا وأسرار هذه المعارك، مع وضع «الإعلام الحربي»، و«وحدة الدراسات والإعلام في قوات الرضوان» أكثر من 120 ألف وثيقة بين مستندات ودراسات، و70 ألف وثيقة ومقطع فيديو (بحث وتحقيق علي علاء الدين)، تم توثيقها بحوالى خمسين كاميرا جوية وأخرى GoPro حملها المقاومون على رؤوسهم، ووثّقت المعارك الحيّة التي حصلت آنذاك.
مُعدّ ومخرج السلسلة ضياء أبو طعام يقول لنا إنّه بدأ التوثيق لهذه السلسلة بعد أيام قليلة من إعلان التحرير الثاني أي في أيلول (سبتمبر) من عام 2017، مضيفاً بأنها شُغلت ليكون السرد التاريخي والتسلسلي للأحداث مرادفاً للصورة. وقد بذل هنا، جهداً لتأمين كل الصور الحيّة والفيديوات، وإن كانت ناقصة، لجأ فريق العمل، كما يكمل أبو طعام، إلى استخدام تقنية الأبعاد الثلاثية (3D)، التي قد لا تختلف عن الصورة الواقعية للمعارك. الإصرار على استخدام اللقطات الحيّة والآنية سمة هذا العمل التوثيقي، توازيه، شهادات حيّة أخرى، من مجاهدين شاركوا مباشرة في المعارك، من ضباط ومسؤولي سرايا، وحتى مع مقاومين استشهدوا لاحقاً، ستظهر وجوههم بشكل علني في الشريط.
الحلقة الأولى التي تنطلق اليوم الجمعة ستحمل عنوان : «سوريا وقطع رؤوس الهيدرا». أما الحلقة الثانية، التي ستُعرض الأسبوع المقبل في التوقيت عينه، فستحمل عنوان: «خديعة النأي بالنفس»، وهنا، تفصيل لما حدث في لبنان بعدما قُرر اتباع سياسة النأي بالنفس. طبعاً، معركة القصير وريفها، ستحظى بالحيّز الأكبر من هذه السلسلة، إذ ستُخصص لها ثلاث حلقات. الأولى بعنوان «تل مندو قلعة القصير»، والثانية «ريف القصير حزام المدينة». أما الحلقة الثالثة، فعنونت: «معركة التحوّل: القصير»، لنكون بعدها أمام الجزءين السابع والثامن من السلسلة اللذين سيتناولان معارك «القلمون» و«قارة» و«عسال الورد»، وبدء إدخال السيارات المفخخة وتفجيرها في لبنان. أما الجزء التاسع الذي يحمل عنوان «السلسلة الشرقية: المشاة بالمشاة»، فيسرد التحدي الذي أرساه «حزب الله» على جبهة «النصرة»، ومواجهة عناصره لها ميدانياً، فيما خُصص الجزء العاشر، للحديث عن «لعنة الباص الأخضر» والتصفيات الجسدية التي قام بها عناصر «النصرة» بين بعضهم البعض، لنصل إلى خواتيم السلسلة، مع إضاءة على «معركة فجر الجرود» التي قادها كل من الجيشين السوري واللبناني والمقاومة. وينتهي الجزء الأخير، برؤية استراتيجية أوسع، تتحدث عن «نصر بين بلدين» أي بين سوريا ولبنان، وتشريح هذه المعركة، وانعكاساتها، في كل من البلدين، كما انعكاسها على الكيان الصهيوني. طيلة استعراض هذه الحلقات (مدة كل حلقة 50 دقيقة)، ستحضر اللغة العسكرية بشكل أساسي. أمر رأى فيه أبو طعام، نوعاً من الصعوبة في المواءمة بين تبسيط وشرح المصطلحات العسكرية المستخدمة للمشاهد، وبين تأمين مادة يستمتع بها أيّ خبير عسكري ومتخصص، عدا كشفها للملأ وللمرة الأولى، تفاصيل خطط المقاومة في دحر الجماعات الإرهابية، وأسرار هذه المعارك، سيّما الصعوبات الجغرافية والمناخية القاسية التي واجهتها، أبرزها الثلوج، التي أعاقت حركة المقاومين. لكن في نهاية المطاف، خرجت حلول اجتراحية من هذه المعاناة، واستطاع هؤلاء التغلب على هذه الصعوبات، إلى جانب عرض كيفية اختراق المقاومة أجهزة التشفير التابعة للجماعات التكفيرية، وعرض مقاطع فيديو دارت بين هؤلاء، بعدما تُركت في ساحة المعارك.

* «أسرار التحرير الثاني» ـــ الجزء الأول : «سوريا وقطع رؤوس الهيدرا»: 20:30 الليلة، الجمعة على «المنار»

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا