في 27 تموز (يوليو) من عام 1940، أبصرت شخصية «باغز باني» النور رسمياً للمرّة الأولى من خلال فيلم الرسوم المتحركة A Wild Hare من إخراج تكس آيفري (8 د). وقبل أيام، احتفل الأرنب الأشهر في العالم بعيد ميلاده الثمانين، من خلال أنشطة عدّة خصّت بها استديوات «وونر بروز» الجمهور القديم والجديد. ولعلّ أكثر ما أفرح المتابعين، هو تزامن هذه الذكرى مع انطلاق سلسلة HBO Max الأصلية Looney Tunes Cartoons (إنتاج «وونر بروز»). مستخدمو منصّة البثّ التدفّقي الأميركية قادرون أيضاً على الاستمتاع بتاريخ «باغز باني» الطويل على الشاشتَين الكبيرة والصغيرة، بدءاً من A Wild Hare وصولاً إلى ظهوره في إنتاجات من بينها Space Jam، وLooney Tunes: Back in Action، وThe Looney Tunes Show وغيرها.?What›s up doc (تخيّلوها تُقال فيما Bugs Bunny يأكل جزرة)، و?Ain›t I a stinker، وof course you realize... this means war. تعدّ هذه العبارات الثلاث من أشهر ما تفوّه به الأرنب خفيف الظلّ والسعيد دائماً على مدى عقود.

تصميم «باغز باني» منسوخ من «ماكس هير» لـ «ديزني»

وُلدت الشخصية ذائعة الصيت في بروكلين في نيويورك، على أيدي تكس آيفري وروبرت ماككيمسون الذي وضع اللمسات النهائية لتصميم هذا الكاراكتير. وبحسب ما أكّد ميل بلانك، أبرز مَن جسّد «باغز باني» بصوته، فالشخصية تتحدّث بلهجة «فلاتبوش»، وهي عبارة عن مزيج من لهجتَيْ سكّان حيَّيْ برونكس وبروكلين الأميركيَيْن في نيويورك.
الشخصية الخيالية التي حجزت مكانة في قلوب الملايين على مرّ الزمن، ظهرت في 1940 خارجةً من حفرتها لتسأل الصيّاد «إلمر فاد»: ?What›s up doc. لقد كان هذا أوّل ظهور للاثنين معاً في صورتهما النهائية، كما كان أوّل ظهور لـ «باغز» بصوت بلانك، غير أنّه لم تتم الإشارة إليه يومها باسمه بأيّ طريقة.
أمّا في فيلم Elmer›s Pet Rabbit (إخراج تشاك جونز ــ 8 د) في 1941، فقدّمت الشخصية أخيراً باسمها بعدما كان متداولاً في الاستديو فقط، قبل أن يكمل «باغز» ظهوره في خمسة أفلام قصيرة في العام نفسه.
يعدّ Bugs خصماً لـ «إلمر فاد»، «يوسيميتي سام»، «مارفين ذا مارشن» وآخرين. وهو غالباً ما يفوز في مواجهتهم. لكن خوفاً من خسارة تعاطف الجمهور بسبب فوز البطل دائماً، تقصّد تشاك جونز أن يجعل الشخصية المعادية تحتال أو تغش أو تخيف «باغز» دائماً أثناء انشغاله بأموره. عادةً ما يحاول «باغز» استرضاء الخصم، لكن عندما يبدأ الأخير بالتمادي، يتوجّه الأرنب إلى المشاهدين بالقول: of course you realize... this means war (طبعاً تدركون أنّ هذا يعني الحرب)، قبل أن يشرع في الانتقام.
عدد من المؤرّخين المتخصّصين في مجال الرسوم المتحركة، يعتقدون أنّ Bugs Bunny متأثّر بشخصية سابقة لـ «والت ديزني» تُدعى «ماكس هير»، بسبب التشابه في السنَّيْن الأماميّتَيْن الكبيرتَيْن. تكس آيفري لم يخفِ الأمر، بل أقرّ بأنّه نسخ تصميم «باغز» من «ماكس»: «لقد سرقتُه تقريباً... من الغريب أنّهم لم يقاضوني على ذلك، فالتصميم شبه متطابق!».
الإطلالة الأولى كانت ضمن فيلم A Wild Hare لتكس آيفري


شخصية الأرنب الذي لا يفقد هدوءه مهما اشتدّ الخطر أو اقترب، اكتسبت شهرة أوسع في فترة الحرب العالمية الثانية، كما كانت «وونر بروز» أكثر استديوات تحقيقاً للأرباح في الولايات المتحدة، فيما وُضع «باغز باني» في مواقف ضد أعداء الولايات المتحدة حينذاك: أدولف هتلر، بينيتو موسوليني، واليابانيين.
واصلت الشخصية الظهور في أعمال «لووني تونز» و«ميري ميلوديز»، حتى False Hare في 1964. وعندما مات ميل بلانك في 1989، تناوب على أداء الشخصية كثيرون، أمثال: جيف بيرغمان، جو ألاسكي، بيلي ويست، وغيرهم. كانت لـ «باغز» إطلالات في أفلام وعروض التلفزيون الخاصة، بالإضافة إلى قصص مصوّرة أنتجتها «وسترن بابليشينغ» بعد حصولها على حقوق شخصيات «وونر بروز». هذه الأخيرة، حرصت على استخدام Bugs Bunny كرمز لها، تماماً كما كان منافسه «ميكي ماوس» رمزاً لـ «ديزني». ولكليهما نجمة على ممرّ الشهرة في هوليوود، كأوّل شخصيّتَيْ كرتون تنال هذا «الشرف».



معلومات لا تعرفونها عن الأرنب الشهير

ميل بلانك الذي جسّد بصوته شخصية «باغز باني» كان أوّل من لعب دورَيْ «دافي داك» و«وودي وودبيكر» في الوقت نفسه. كما أنّه حرص على أن يكون فمه ممتلئاً بالجزر أثناء قول عبارة: ?What›s up doc.

على مدى أكثر من 40 عاماً، أدّى ميل بلانك صوت «باغز باني». وفي 1961، دخل الرجل في غيبوبة لأسابيع وعانى من كسور عدّة في جمجمته جرّاء تعرّصه لحادث سيارة خطير.
وبعد الفشل في إيقاظه من خلال مناشدته مباشرة، حاول الأطباء التواصل معه من خلال التحدث إلى الشخصيات التي لعبها. هكذا، سئل المريض: «كيف تشعر اليوم يا باغز باني؟»، ليجيب: «جيّد، يا دكتور. كيف حالك؟».

في عام 1938، كان بن «باغز» هارداواي يعيد تصميم شخصية جديدة بعد نجاح الأرنب الذي لا يحمل اسماً في أعمال كرتون سابقة. وفي غياب التسمية، كان أحد زملائه في العمل يشير إلى رسومات هارداوي بـ «باغز أرنب» أو «أرنب باغز».

في ظل تزايد شعبية «باغز» خلال حرب العالمية الثانية، أرادت «وورنر بروز» التأكيد أنّ الشخصية تساعد في تلك الفترة العصيبة. غالباً ما كان يختار جنود الجيش الأميركي الأرنب الشهير باعتباره الحيوان الذي يمدّهم بالحظ (mascot)، إذ ظهر Bugs على جانب الطائرات المقاتلة وقاذفات الصواريخ. وفي نهاية عام 1943، ظهرت صورة Super-Rabbit Bugs، وهو يرتدي زيّ البحرية الأميركية. ونتيجة لذلك، جعله الجيش الأميركي شخصية فخرية.

على الرغم من أنّ كثيرين قد يظنون أنّ «ميكي ماوس» هو أشهر شخصية كرتونية على امتداد العالم، غير أنّ «باغز باني» تغلّب عليه في صدارة قائمة TV Guide 2002 لأعظم الشخصيات الكرتونية في كل العصور. واختير Bugs أيضاً من قِبل مالكي الصالات ليكون أفضل شخصية كرتونية في العالم سنوياً بين عامي 1945 و1961.

شعبية «باغز باني» الواسعة دفعت بشركات عدّة إلى محاولة إقناع القائمين عليه باستبدال الجزر بالكرّات. ففي أربعينيات القرن الماضي، تواصلت شركة United Celery التابعة لـ Salt Lake City مع «وورنر بروز» عارضةً تزويد فريق العمل بمنتجاتها لمدّة أشهر في حال استغنى الأرنب عن الجزر لصالح الكرّات. غير أنّ العرض رُفض بـ «تهذيب».