بسرية وتكتّم شديدين، أقدمت مجلة «سيدتي» (صدر عددها الأول عام 1981) الصادرة عن «الشركة السعودية للأبحاث والنشر»، على صرف ستة موظفين يعملون لديها منذ سنوات طويلة من دون سابق إنذار. هكذا فجأة، اتّصلت مديرة مكتب بيروت كاتيا دبَغي بالموظفين، طالبة منهم التوقف عن العمل في اليوم التالي بذريعة تقليص الميزانية. لم يُفهم سبب اتّخاذ دبغي هذا الإجراء الراديكالي، في حين أنّه كان يمكنها اللجوء إلى خطوات أخرى أقل إيلاماً تتمثّل في خفض الرواتب أو تقليص النفقات. وبعيداً عن طريقة الصرف اللامهنية لزملاء أحدثهم يعمل في المجلة منذ تسع سنوات على الأقل، عمدت إدارة مجلة «سيدتي» إلى استضعاف الموظفين وابتزازهم بلقمة عيشهم. إذ قدّمت للجميع عرضاً بقبض راتب شهرين فقط، مع بدل الصرف التعسفي البالغ ثلاثة أشهر. لم تُميِّز الإدارة بين موظف يعمل لديها منذ ٢٥ سنة وموظفة منذ ١٥ سنة وآخرين خدموا المجلة لتسعة وعشرة و12 عاماً. هكذا، بشطبة قلم رُمي موظفٌ أفنى أكثر من نصف عمره في المكتب، هو الذي بدأ عمله مع المؤسسة السعودية قبل ٢٥ عاماً، أي يوم كان عمره ١٨ عاماً!وضعت الإدارة الموظفين أمام خيارين أحلاهما مُرّ: القبول بالتنازل عن حقهم مقابل قبض تعويض يعادل أقلّ من نصف مستحقاتهم أو اللجوء إلى القضاء للشكوى.
هكذا وجد بعض الموظفين أنفسهم مضطرين للقبول بالعرض المُجحِف وخسارة قسم كبير من حقهم كون اللجوء إلى القضاء يستغرق وقتاً ويستنفد مالاً، فضلاً عن أنهم لا يملكون مصدراً آخر للدخل في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة، في حين أنّ الأشهر القليلة المعروضة ستسدّ رمقهم ولو موقتاً. هكذا، وافقوا مرغمين على توقيع براءة ذمّة للمؤسسة، فيما علمت «الأخبار» أنّ أربعة من أصل المصروفين الستة لم يوافقوا بعد على توقيع براءة ذمة للمؤسسة السعودية في انتظار التوصّل إلى تسوية مُنصفة مع الإدارة. الموظفون الذين اتّصلت بهم «الأخبار» لم ينفوا المعطيات المذكورة أعلاه، لكنهم رفضوا التعليق بأسمائهم خشية أن يطالهم أي إجراء انتقامي من إدارة المجلة. واعتبر بعضهم أن للمؤسسة فضلاً عليهم، لكن هم أيضاً لهم فضل عليها، وكان لا بدّ من أن يُنظر إلى وضعهم بعين الرحمة.
اضطر بعض المطرودين للقبول بالعرض المُجحِف وخسارة قسم كبير من حقهم


«الأخبار» اتصلت أيضاً بمديرة مكتب بيروت كاتيا دبغي للاستيضاح حول سبب الصرف التعسفي من دون إعطاء الموظفين كامل حقوقهم، فأجابت: «هذا القرار متّخذ منذ أشهر»، مشيرة إلى تنسيقه مع وزارة العمل. وردّاً على سؤال عن سبب عدم إعطاء الموظفين المصروفين كامل حقوقهم، اكتفت بالقول إنّهم يمكنهم اللجوء إلى وزارة العمل أو القضاء أو نقابة المحررين بعيداً عن الإعلام، لأنّ نشر ذلك قد ينعكس سلباً على الموظفين. وتابعت أنّ عدد المصروفين قليل مقارنة بموظفي المكتب البالغ عددهم خمسين. ولدى سؤالها عن سبب عدم اتّخاذ قرارات بديلة لتقليص النفقات كخفض الرواتب أو الاقتطاع من رواتب المدراء المرتفعة، أجابت بأنّها ليست مسؤولة عن قرار الصرف، بل إنّه اتُّخذ على مستوى إقليمي. في المقابل، تؤكد مصادر لـ «الأخبار» أنّ الإدارة جددت العقود مع الموظفين المصروفين في شهر شباط (فبراير) بداية هذا العام، مما يُبعِد فرضية أن يكون قرار الصرف متّخذاً منذ وقت طويل، فيما يعلّق أحد المصروفين بالقول: «كان بإمكان الإدارة إلغاء بدل المبلغ المخصص لركن سيارات الموظفين الذي يعادل تقريباً رواتب المصروفين الستة مجتمعةً»!