«هرعيتو (هو ذاك) الخليلي.. شعرة منه ما تهزّ.. وبيشفي الغليلِ.. ابحز لغاد ابحز»، تقول مقدّمة الأغنية التي يعتقد الأردنيون أنّ الفنان الشعبي عمر العبداللات أطلقها أخيراً تكريماً لجهود وزير الصحة الأردني، سعد جابر، «الاستثنائية» في مواجهة فيروس كورونا المستجدّ. وبصرف النظر عما إذا كانت أصول الوزير تعود فعلاً إلى الخليل (اسمه الكامل سعد فايز جابر الشوبكي)، فإنّ كلمات الأغنية الحافلة بمفردات الشجاعة والبطولة والتغني بشموخ مدينة الخليل وأهلها، ليس فيها ما يشير إليه أو إلى موقعه الحالي على رأس المنظومة الصحية سوى العبارة المجازية «بيشفي الغليل». والصحيح أنّ العبداللات أطلقها في تموز (يوليو) 2018، وهي موجودة على صفحاته على السوشال ميديا منذ ذلك الحين، وما ربطُها بالوزير إلا دلالة على حماسة الأردنيين لشخصه وتقديرهم لجهوده هذه الأيام. فما هي حكاية الوزير ومريديه؟
في 9 أيار (مايو) 2019، اختار رئيس الوزراء الأردني، عمر الرزاز، اللواء الطبيب سعد جابر وزيراً للصحة في حكومته الجديدة خلفاً لغازي منور الزبن. كان اسم الوزير الجديد مفاجئاً لكثيرين وطارئاً على الحياة السياسية في الأردن، ولكنه لم يكن طارئاً على الحقيبة التي تولاها فهو من أشهر جراحي القلب في الأردن، ورئيس جمعيَّة أطباء القلب الأردنيين، ويحمل شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة «أرسطوطاليس سالونيك» اليونانيَّة منذ العام 1984.
ومنذ تسلّمه مهامه استوقف أداء الوزير الأردنيين في محطات مختلفة استطاع فيها أن يحوز ثقتهم وإعجابهم حتى وصفه كثيرون بالمختلف والاستئنائي قياساً إلى التجارب السابقة. البداية كانت مع استمراره في إجراء بعض العمليَّات الجراحيَّة المعقدة رغم انشغالاته الكثيرة بحكم المنصب الجديد، فضلاً عن حرصه على التواصل اليومي مع المواطنين، ونشاطه الملفت على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وتصويره بعض العمليَّات التي يجريها ونشرها عبر السوشال ميديا، وانتشار مقطع فيديو له يعاين أحد المصابين بحادث سير صودف حصوله قبل مروره مباشرةً، وزيارته المصابين بحادثة الطعن في جرش (شمال الأردن) في السادس من تشرين الثاني(نوفمبر) 2019 ومشاركته شخصياً في عمليَّة جراحيَّة أُجريَت لأحدهم في مستشفى جرش الحكومي.
ومع وصول فيروس كورونا إلى الأردن، كانت شفافية الوزير في الإعلان عن الحالة الأولى الطبق الرئيس في الإعلام الأردني كما عبر السوشال ميديا، وكذلك وجوده شبه الدائم مع الفرق الطبيَّة التي تعاملت مع المصابين، وظهوره المتكرر عبر التلفزيون لطمأنة المواطنين، وحرصه على تسجيل رسائل التوعية حول الفيروس الموجَّهة من وزارة الصحة إلى المواطنين بنفسه مستفيداً من نبرة صوته المميزة.
صوت جابر وحسّه الفكاهي كان لهما النصيب الأكبر من الحلقة التي ظهر من خلالها مؤخراً من برنامج «آت جو» على قناة «المملكة» ضمن فقرة «قبل الحذف»، مجيباً على أسئلة بعض المغرّدين على تويتر وانتقاداتهم. حيث قال لمن شبَّه صوته بصوت الفنان الذي يؤدّي مقدّمة المسلسل الشهير «عدنان ولينا» (النسخة العربيَّة من مسلسل الأنيميشن الياباني «فتى المستقبل كونان» المأخوذ عن رواية «المدّ الهائل»/1978) بأنّه سمى ابنته لينا على اسم بطلة المسلسل، وأنّه لم يكن يحب صوته، وردّ على سؤال تهكمي عمَّن أشار عليه بإعداد الفيديوهات التوعويَّة بنفسه قائلاً إنّ رئيس الوزراء شخصياً أشار عليه بذلك وأنّه جهد جماعي يهدف إلى الاقتراب من الشعب أكثر، في حين أجاب على آخر رأى أنّها ليست مسؤوليته وأنّه بذلك يؤذي شخصيته الاعتبارية ويفرط بالهيبة السياسية التي ينبغي الحفاظ عليها، بأنه لم ينسَ مسؤولياته وأنّ هذا الدور الإعلامي هو جزء منها في الوضع الحالي كي تثق الناس في إجراءات الحكومة ووزارة الصحة على وجه الخصوص، وإذ اقترح أحد المغرّدين إعطاءه وساماً فقد رأى أنَّ وسامه هو أن يكون الأردن سليماً من هذا المرض.
المبالغة في تقدير أداء الوزير لم تعجب البعض ممن اعتبروا أنّه يقوم بواجبه لا أكثر، وأنّ الاحتفاء الذي تحظى به حالات مماثلة عربياً مردّه الاعتياد على تقصير المسؤولين في القيام بواجباتهم. كما طالته بعض الانتقادات على خلفيَّة رده بالإيجاب على سؤال وُجِّهَ إليه مع بداية انتشار المرض عن فاعليَّة «الشماغ» في حماية الأنف والفم من الفيروس عوضاً عن الكمامة، حيث طالبه مغرّدون بالاعتذار عن ذلك فاعتذر على الهواء مباشرةً ضمن حلقة «آت جو» نفسها، واستغرب آخرون لجوءه إلى «قَسَم اليمين» في معرض نفيه وجود أكثر من حالة واحدة في الأردن (في وقت سابق). الأكيد أنَّ بروز رأي آخر عزّز الجدل حول شخص الرجل الذي وصل البعض إلى حدّ وصفه بـ «جورج كلوني الأردني».