تركت شخصية «المساعد جميل» أثراً هائلاً في مخيلة السوريين، وهو صاحب الدور الثابت في سلسلة «حكم العدالة» الشهيرة عبر إذاعة دمشق لأكثر من أربعة عقود. ولطالما ترافق دخوله إلى غرفة التحقيق مع موسيقى «مرعبة» ومؤثرات صوتية، بعد اعتراف الجاني بجريمته أمام «الرائد هشام». صنع «المساعد جميل» نجوميته بعبارة واحدة، وكان ينفذ الأوامر من دون نقاش، مثيراً الذعر في نفوس المجرمين والمستمعين في آن معاً. هكذا تحول رجل الشرطة إلى مادة دسمة في الدراما منذ بداية الإذاعة والتلفزيون في سوريا، من «بدري أبو كلبشة» (الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي)، رئيس مخفر «حارة كل مين إيدو إلو» في «صح النوم»، صاحب اللازمة الشهيرة «أنفي لا يخطئ»، إلى رئيس مخفر «باب الحارة» الانتهازي «أبو جودت» (الفنان زهير رمضان).

أما المخفر الأكثر شهرة في الكوميديا السورية، فكان يتزعمه «أبو نادر سيدي» (الفنان جرجس جبارة)، في «ضيعة ضايعة»، بمساعدة الشرطي «حسان»، في ظل سطوة «الهملالي» على «أم الطنافس».
بالأمس أضيفت إلى الشخصيات السابقة، شخصية جديدة، ولكنها حقيقية هذه المرة، وهو الشرطي «يونس».
البطل الجديد ظهر في مقطع فيديو من 42 ثانية، التقطه الصحافي السوري فارس زخور بهاتفه «الذكي» خلال قيام دورية قرب قلعة دمشق بضبط أحد المارة وتوقيفه بتهمة تجاوز حظر التجوال الليلي المفروض على البلاد بسبب كورونا.
ويظهر في الفيديو رئيس الدورية وهو يحاور المواطن المتوجه إلى صحنايا في ريف دمشق، وهو يقنعه بالذهاب إلى الفرع لـ «معالجة وضعه» بعد مخالفته لحظر التجوال.
وأصبحت عبارة «بهدوء يا يونس» الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، وتصدرت الترند، وأصبح السؤال الموحد للسوريين: من هو يونس؟.
حقق يونس شهرة كبيرة على «السوشال ميديا» بسرعة قياسية، متفوقاً على شخصية «أبو حيدر جوية»!.
ورغم التعامل الذي يبدو لطيفاً في الفيديو، إلا أن آلاف التعليقات جاءت ساخرة، متسائلة عن نوعية المعالجة التي سيتلقاها المواطن المخالف في الفرع، وما إذا كانت طريقة الاستجواب المعروفة في سوريا بـ «بساط الريح».
وخلال ساعات، أصبح «يونس» صاحب البطولة المطلقة، وكسر الصورة النمطية التي تقدمها الدراما المحلية لرجل الشرطة، والتي تؤديها عادة شخصيات ثابتة من «الكومبارس» الذي لا يخرج من هذا الدور.
أما رئيس الدورية «اللطيف»، فكان يشبه أداء المذيع الراحل علاء الدين الأيوبي في برنامج «الشرطة في خدمة الشعب» وهو يقدم النصح للمجرمين واللصوص، مستخدماً السؤالين الشهيرين: «هل صرفت الأموال على ملذاتك الشخصية»، و«هل أنت ندمان؟!».