مع نهاية كل ليلة خميس، تتجه الأنظار في اليوم التالي الى ساحات التواصل الإجتماعي، نحو منصة تشبه عرض العضلات بين المشاركين في «صار الوقت» على mtv. البرنامج الحواري السياسي، اشتغل على مبدئية التفاعلية داخله، من خلال حضور أكثر من 200 شخص في الأستديو كجمهور يحوط الطاولة الرئيسية التي يجلس عليها مارسيل غانم مع ضيوفه. وهذه المشهدية تتفوق اليوم على الحلقة السياسية نفسها، من خلال إطلاق مواقف أغلبها يصنّف «نارياً». إذ ساهمت الأحداث الأمنية والسياسية الدائرة في البلاد في تظهير هذه المداخلات التي لا تتعدى المداخلة فيها أكثر من دقيقة. وبرز الخلاف السياسي أكثر بين تياري «القوات» و«الوطني الحر». خلاف ما فتىء أن انتقل من الاستديو الى السوشال ميديا، حيث المكان الأرحب للمبارزة. فالناظر اليوم، في موقع تويتر، لا بدّ من أن يستوقفه هاشتاغ «#مي_خريش» التي حلت ضيفة أمس على «صار الوقت» وحصل جدل بينها وبين أحد الناشطين عمّم على أنه تابع للقوات اللبنانية. الجدل الذي دار بين خريش وطوني خوري، انتشر كالعدوى على هذه المنصة التفاعلية، وسط غياب لأي نقاش، بل ولوج أكثر في منطق الخنادق الحزبية، بين كلام يتسم بالطائفية نسب الى خريش، وبين الفيديو الذي وعد خوري بنشره ويؤكد ما ادّعاه في الحلقة. عدا هذا الجدل الدائر، يعمد عدد من المشاركين بعد انتهاء الحلقة الى نشر مداخلاتهم. والملاحظ هنا، سرعة انتشارها بين الناشطين، كفيديو الناشطة في «الوطني الحر»، سينيتا يمين التي عنونت مداخلتها «بنت التيار تقصف الأحزاب الخبيثة والميليشيات التي استغلت أوجاع الناس».

هؤلاء المشاركون الذين يفوق عددهم الأف شخص، خضعوا في أيلول (سبتمبر) الماضي لتدريب أشرف عليه «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» بالشراكة مع «وزارة الدولة لشؤون التمكين الإقتصادي للنساء والشباب» و«المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية» حول كيفية النقاش واكتساب فنون المناظرة في العمل التشريعي اللبناني، وفهم المالية العامة، وهيكلة الإقتصاد اللبناني. طبعاً هذه العناوين تغيب اليوم، لتحضر بدلاً عنها، لغة مناطقية وحزبية يتسم أغلبها بالهجوم على الخصوم من الأحزاب، ليرتفع بذلك مستوى الشعبوية التي لا تخلو من «الهيصة». إذ يتخلل بعض المداخلات تصفيق حار في الاستديو، ما يوحي بأننا أمام حفلة غنائية لا برنامج سياسي. واللافت في الحلقات وسلسلة النقاشات أيضاً، تدخّل غانم المباشر في فلترتها أو منعها تحت حجة انتهاء الوقت المحدد لها. أسلوب غانم لا يخلو من الفوقية والاستفزاز، ويخرج من دائرة المحاور، الى رجل سلطوي يقمع المداخلات التي لا تناسب أهواءه السياسية، ويكيل المديح ويرفع الأدرينالين في حال أعجبه مضمون المداخلات.
إذاً، مع الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد، التي أفرزت مزيداً من الشرخ بين الأحزاب ومؤيديها، يطغى الخطاب الشعبوي على ما عداه في «صار الوقت» ويأخذ الحيّز الأبرز من مساحة برنامج يمتد الى أكثر من ساعتين في الأسبوع، لتضحي المشاركات «النارية» جزءاً أساساً من لعبة البرنامج والمحطة على حدّ سواء.