بخلاف باقي القنوات الرئيسية التي وضعت ثقلها في تغطية الحراك الشعبي، كانت «الجديد» من بين وسائل إعلام محلية، تقحم منذ الأيام الأولى للتظاهرات الشعبية اسم «حزب الله» في قاموس التغطية، وظهّر هذا الأمر بعيد الخطاب الأول لأمينه العام السيد حسن نصر الله، وقتها، هاجمت القناة في مرات نادرة نصر الله، وبدأت بعدها بدخول لعبة موازية للحركة الإحتجاجية في الشارع. على سبيل المثال، تم التركيز على مناطق بقاعية وجنوبية شهدت إحتجاجات ومحاولات اقحام مفهوم المقاومة بالتفقير وبالأزمة الإقتصادية، ولعلّ ذورة تبدي أجندة المحطة حيال الحزب، تمثل في قطع أي صوت محتج مؤيد للسيد نصر الله، فكان واضحاً وقتذاك قطع استصراحه أو محاولة تمويهه في مشهديات تشتت مضمون ما قاله. كان واضحاً أن القناة التي تحظى برصيد جماهيري عال من قبل ما يسمى بـ «جمهور المقاومة» ذهبت الى مكان مختلف تماماً، وهذا ما تبين من خلال سرعة تلقف lbci لهذا الوضع، واستغلالها الظرف وقطفها اللحظة باستمالة هذا الجمهور، مترافقاً مع خطاب موضوعي يعيد التوازن الى قوى سياسية ليست موجودة في الشارع. لكن الأمر لم ينته هنا، بل استمر الجدال الذي سببته القناة والغضب المترتب عن تعاطيها مع الحزب وجمهوره، فأمس، كنا أمام جولة جديدة أشعلتها مقدمة نشرة أخبارها المسائية، باتهامها «مجموعات من حزب الله بغطاء غير رسمي» بإدارة «عمليات ضد الإعلام». والمقصود هنا، حملة المضايقات التي طالت بعض مراسلي/ ات المحطة عبر توزيع أرقامهم وتلقيهم سيلاً من الشتائم، بدأت بعيد تغطية مراسلتها جويل الحاج موسى من صيدا عندما وقفت في ساحة «ايليا» للدفاع عن سمير جعجع بعد هتافات خرجت من الساحة تقول: «سمير جعجع صهيوني».

المقدمة أقحمت الحزب في هذه الحملات واعتبرت أن «الصمت علامة الرضى»، وأنه يتحمل مسؤولية ما حدث حتى يتبين العكس! مسار مستغرب لما خرج عن حلقة «يوميات ثورة» يوم الإثنين الماضي، الذي استضاف فيه طوني خليفة مجموعة من المراسلين/ات ليتحدثوا عن هذه المضايقات ويعرضوا نماذج منها على الهواء. في خلاصة الحلقة، تبرئة الحزب و«شهدائه» و«أيقوناته» مما حدث، ولو وضعت هذه الجيوش أو كما سمتها المقدمة «البراغيت» صوراً تعود للسيد نصر الله أو لرئيس مجلس النواب نبيه بري. لكن ليلة الثلاثاء كنا أمام مشهد مغاير يقلب الخطاب السابق، ويتحامل على «حزب الله» ويدخله في زاروب المضايقات. نتحدث هنا، عن خط تحريري للقناة الذي يتغير تبعاً للأهواء والمصالح والمتمثل بهذه المقدمة، التي ساقت اتهامات أمس، وحمّلت قضية جانبية قياساً لقضايا وطنية كبيرة أهم، لحزب سياسي في محاولة لإدخاله في هذا البازار واستدراج جمهوره. وربما حدث جزء من هذا المخطط، عبر تجمهر عدد من المحتجين أمام المحطة. سارعت السوشال ميديا الى نقل فيديواتها، ومن ثم، قررت «الجديد» نقل الصورة، مع تعليق داخل الأستديو تصدى له رياض قبيسي الذي نقل كما قال عن «مصدر من حركة أمل» تنصله من الحركة الإحتجاجية، وتعليق كاترين حنا بعدها على أنهم جمهور «حزب الله» بسبب «هتافاتهم». هكذا، حاول قبيسي أن يوحي الينا أنه على صلة ودية مع الحركة التي لا تنفك تفتح معه معارك موسمية، ولا شك في أن هذا الأمر كان له الدلالة الأهم في الإيقاع ما بين جمهوري «الثنائي الشيعي» إذا صحت التسمية. إزاء كل ما حصل أمس، وفي الأيام الماضية، لا شك في أن شرخاً عميقاً وقع بين الطرفين، وشكل أمس، موعداً واضحاً ليدق آخر مسمار في نعش العلاقة ما بين «الجديد» وجمهور «حزب الله» والمؤيدين له.