أما nbn، فوضعت ثقلها في التغطية وكانت حاضرة لساعات في صيدا، مع تحيّز واضح للمعترضين وحماسة زائدة لثني الحافلة عن إكمال طريقها والدفع باتجاه عودتها إلى بيروت من دون المرور بالمحطات الجنوبية المقرّرة سابقاً.
الخطاب السائد عبر الإعلام اللبناني والسوشال ميديا، كان يصرّ على أنّ كل ما يُقال عن الحافلة ومنظميها مجرد شائعات وحملات تشويه، وأنّ همّها الأساسي الانطلاق من فكرة «بوسطة عين الرمانة» التي أشعلت الحرب الأهلية، وطرح نموذج مختلف يجمع اللبنانيين من كلّ الطوائف. حتى أنّ mtv مثلاً، دخلت إلى الحافلة لتظهر أنّها قديمة، كدليل على غياب التمويل الأميركي الذي حُكي عنه!
وبعد تأزّم الوضع جنوباً، تدخّل النائب أسامة سعد بغية تسهيل وصول الحافلة إلى «ساحة إيليا» في صيدا، وهكذا حصل مع مواكبة أمنية. وسائل الإعلام صوّرت هذه اللحظة على أنّها «استثنائية وتاريخية»، إلا أنّ الصورة ظلّت مجتزأة بالطبع لا سيّما في نقل واقع ما يجري في الساحة الصيداوية التي تحتضنن المتظاهرين وركاب الحافلة والمعترضين عليها. وكما جرت العادة، كسرت الصورة مراراً لقطات جوية تضيّع الحدث الميداني. لكن هناك على السوشال ميديا من كان بالمرصاد. هكذا، ولدت ضجّة افتراضية على خلفية دفاع مراسلة «الجديد» جويل الحاج موسى عن سمير جعجع لدى ارتفاع هتافات «سمير جعجع صهيوني» في «ساحة إيليا»، وقولها إنّه علينا ألّا نعيد خطاب الحرب، مشددةً على أنّ «الحكيم» اعتذر عن ارتكاباته. حتى أنّ الأمر ذهب أبعد من اعتراض مراسلة على الهجوم على سياسيّ لبناني، ليتعدّاه إلى التأكيد بأنّ الهاتفين ليسوا من صيدا ودُخلاء عليها!
🐍 من الإبداعات الجديدة لقناة #الجديد:
— iBra 💉 إبرة ® (@ib_reb) 16 novembre 2019
• ممنوع توصيف إنتماء سمير جعجع الحقيقي للصهاينة!
• تعيين مراسلة برتبة محامية دفاع عن جعجع!
• من يُوصف إنتماء جعجع يتم نفيه إلى خارج المدينة ويعتبر غريب عنها!!#تحسين_حيث_المال_يميل#لبنان_ينتقض #بوسطه_الثوره #يوميات_ثورة @joelle_el pic.twitter.com/IPgeOXXT26
في المحصلة، بقي مسار «البوسطة» أمس حدثاً في غاية الأهمية عبر الإعلام اللبناني. لا بل وجد البعض أنّه من الضروري الدفاع عن كل ما يقال ضدّ منظميه، في ظل محاولة التصوير وكأنّ هناك شارعين متواجهين حتى داخل الحراك نفسه، مع التصويب على الجنوبيين والإيحاء بأنّ الجنوب خرج عن المعادلة الوطنية برفضه الانضمام إلى «البوسطة». تأويلات كثيرة لحدث صغير ضُخّم إعلامياً تحشيداً للمنظّمين، واستطاع أن يحتلّ الشاشات ويربك أداءها أحياناً، ويأخذ حيزاً في الخطاب الجماهيري العام ورسائله الساذجة، وكأنّنا ما زلنا عالقين في أيام الحرب الأهلية وما بعدها، ولا تزال الحواجز المادية تمنع اللبنانيين من ملاقاة بعضهم البعض!
مجوتكم ع الفاضي#بوسطة_الثورة pic.twitter.com/lIlsafAVsc
— Kamarzeinab (@kamarzeinab) 16 novembre 2019