مبالغة واضحة قادها نيشان ديرهاروتيونيان في حلقة الأمس من «أنا هيك» على «الجديد»، في تصوير ضيوفه بأنّ ضجة عارمة ستشتعل بعد حلولهم في برنامجه. ضجة سيقودها- بحسب توقعاته- متشددون اجتماعياً ودينياً. صحيح أن استضافة مثليين، متحولي الجنس أو آخرين يندرجون تحت خانات مختلفة (Ladyboy أو Cross-dresser)، لا يعد جديداً في عالم الإعلام، الا أن هذا الموضوع بالطبع، يجذب جمهوراً لديه التعطشّ لاكتشاف أو معرفة تفاصيل عن حيوات ومعاناة هؤلاء. أمس، كنا أمام أربع حالات مختلفة، بين «جوني وود»، الشاب الذي يندرج ضمن Cross-desser، يعيش في النهار كأي شاب عادي، وفي الليل يرتدي لباس إمرأة ويتزين بحليها، وماكياجها، وبين «رزان» المتحول جنسياً، من شاب الى إمرأة، وأجرى العديد من عمليات التجميل، و«روي» المصنّف تحت خانة Ladyboy (رجل يرتدي أزياء نسائية ولديه الشعور الأنثوي)، وأنطوان بو عزّ الذي «تاب» عن مثليته، بعد ظهور «المسيح» عليه، وعاد «رجلاً» كما كان. قد تكون الحالات منوعة، تثير الفضول لدى المشاهد: كيف تعيش، خاصة لأشخاص يعيشون ازدواجية واضحة في حياتهم جنسياً وشكلياً. الحلقة التي ذيّلت بشعار «+18»، رافقتها مبالغة عالية في توقع ردود الأفعال. صحيح أننا ما زلنا نعيش في مجتمع لا يتقبل هؤلاء، لكن هذا لا يعني أن الظهور التلفزيوني يتسم بخطورة ما (ظهر جميع هؤلاء بوجوههم الحقيقية). الحوار بين نيشان وضيوفه، سادته بعض الهفوات خاصة لجهة التدخل في الحياة الشخصية والحميمة للضيف. أسئلة اضطر بعض هؤلاء الإجابة عليها على الهواء، رغم عدم أهميتها كاعتراف جوني وود بأنه «يمارس الجنس مع نفسه»، أو كالحالة الأخيرة «أنطوان»، الذي تلقى سلسلة أسئلة مزعجة وغير مقبولة، كحديثه عن تعرضه للتحرش الجنسي مرتين، وسؤال نيشان له: «شو صار يعمل (المغتصب)؟»، أو إذا كان المغتصَب تعرض للتحرش «بإرادته»، أو رغماً عنه، أو على سبيل المثال، سؤال يتعلق بحياته السابقة (كنت تتمادى مع السكارى والسهارى؟). سلسلة انطباعات يخرج بها من تابع الحلقة، تتعلق بصعوبة مسار هذه الحالات، التي تعرضت لشتى أنواع التعنيف اجتماعياً وعائلياً، مع استغراب يحوط التركيز أكثر على الحياة الجنسية لهؤلاء ان كانت تمارس مع امرأة أو رجل! بعض الضيوف عرفوا كيف يوقفون هذا التدخل، عبر القول بأن الشأن خاص، ولا دخل لأحد به. خطوة جيدة من قبل هؤلاء بأن لا ينزلقوا إعلامياً الى هذه الزواريب التي تتعلق بقصصهم الخاصة. في الخلاصة، كانت الحلقة نافذة صغيرة للتعرف إلى حالات يجهل وجودها كثيرون، وحبذا هنا، لو سمح لمساحة صغيرة لاختصاصي نفسي، مهمته شرح هذه الحالات، خاصة غير المعروفة منها للعامة. في المقابل، لم توفر لهم هذه المساحة سوى «فشة خلق» للتعبير عن العذابات التي رافقتهم وما زالت. مساحة بالطبع أفاد منها البرنامج لجذب عدد أكبر من المشاهدين.